توقع صندوق النقد الدولي، تراجع في عائدات الجزائر من النفط ب20 مليار دولار العام الحالي لتستقر في حدود 40 مليار دولار، وبحسب التقرير سيصل عجز الميزانية مستوى مرتفع الى ناقص 15 بالمائة العام الجاري، ما يضع الحكومة امام حتمية اللجوء الى صندوق ضبط الايرادات لتمويل العجز، في غياب حلول بديلة. ورغم ذلك صنف التقرير الجزائر، ضمن الدول التي تحوز على احتياطي مالي مريح لمواجهة تداعيات الازمة النفطية. قال صندوق النقط الدولي في تقريره الاخير الذي تناول مستجدات افاق الاقتصاد العالمي إن الهبوط الحاد في اسعار النفط يشكل واقعا اقتصاديا جديدا بالنسبة للدول المصدرة للنفط في منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وتوقع الصندوق ان تتكبد البلدان المصدرة للنفط في خارج الخليج، ومنها الجزائر، خسائر كبيرة في الصادرات والايرادات تقدر ب 90 مليار دولار أي ما يمثل 10 في المائة من الناتج المجلي الإجمالي، فيما تصل خسائر دول مجلس التعاون الخليجي إلى 300 مليار دولار. وبحسب التقرير، فان الجزائر ستخسر ما لا يقل عن 20 مليار دولار من إيراداتها في 2015، اي ان مداخيل الجزائر من النفط ستتراجع الى اقل من 40 مليار دولار العام المقبل، مع تسجيل ارتفاع كبيرا في عجز الميزانية السنوية الذي سيتجاوز عتبة 15 بالمائة، ويشير التقرير، بان الجزائر بحاجة الى سعر للبترول في حدود 130 دولار للبرميل حتى تتمكن من معادلة ميزانيتها السنوية. وصنف التقرير، الجزائر ضمن الدول التي تمتلك هامش مناورة يصل الى ثلاث سنوات، لمواجهة اثار الازمة، من خلال الاحتياطي الذي تتوفر عليه والذي صنفه التقرير في خانة "الضخم"، الا ان هذا لم يمنع الصندوق من المطالبة باتخاذ تدابير لتحسين الاتفاق العمومي، بسبب المخاوف من تأكل احتياطي السرف في فترة وجيزة اذا لم تتخذ الحكومة تدابير لترشيد النفقات، وهو ما حذر منه محافظ بنك الجزائر، مؤخرا، والذي اكد إن احتياطيات الصرف الحالية تسمح للجزائر بمواجهة الصدمات على ميزان المدفوعات الخارجية في الأجل القصير إلا أن هذه القدرة على مقاومة الصدمات قد تتآكل بسرعة لو تبقى أسعار البرميل على مستويات منخفضة لمدة طويلة. وبحسب صندوق النقد الدولي، فان اهم مصادر الخطر بالنسبة للجزائر، قد يظهر على النظام المصرفي، بسبب المكشوف البنكي للشركات العمومية الصناعية، والتي غالبا ما تعتمد على المصارف العمومية لتمويل انشطتها، ويضيف التقرير بان المؤسسات الكبيرة المملوكة للدولة، ستكون تحت ضغوط مالية كبيرة بسبب تراجع اسعار النفط. ويتسبب انخفاض أسعار النفط في إضعاف أرصدة الحسابات الخارجية والمالية العامة في البلدان المصدرة للنفط، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي. لكن الهوامش الوقائية الكبيرة وموارد التمويل المتوفرة لدى معظم هذه البلدان ستسمح لها بتجنب تنفيذ تخفيضات حادة في الإنفاق الحكومي، مما يحد من الأثر على النمو قريب الأجل والاستقرار المالي. وبحسب "الافامي" يتعين على البلدان المصدرة للنفط التعامل بحذر مع انخفاض أسعار النفط باعتباره انخفاضا دائما إلى حد كبير ومن ثم تعديل خططها لضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط للحيلولة دون التناقص الكبير في احتياطاتها الوقائية وضمان تحقيق العدالة بين الأجيال. واشار التقرير الى وجود تباين فيما يتعلق بانعكاسات أسعار النفط المنخفضة على البلدان المصدرة للنفط والبلدان المستوردة له. فأي انخفاض في الأسعار يتسبب في حدوث خسائر في الصادرات والايرادات المالية العامة في البلدان المصدرة للنفط، مع احتمال انتقال التداعيات إلى الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي غير النفطي. أما البلدان المستوردة للنفط فتحقق مكاسب من انخفاض أسعار النفط من خلال انخفاض فواتير وارداتها النفطية وترجع فواتير دعم أسعار الطاقة. وقد يؤدي ارتفاع الدخل المتاح وانخفاض تكاليف الإنتاج إلى نمو الطلب المحلي. وبحسب التقرير، يتعين على معظم البلدان، التي تتناقص هوامشها الوقائية بسرعات متباينة، إعادة تقييم خطط الإنفاق متوسطة الآجل، كما ستحتاج إلى التكيف بالتدريج مع الواقع الجديد في سوق النفط العالمية إذا استمرت أسعار النفط المنخفضة لفترة مطولة. وسيتعين على بعض البلدان التي لا تحتفظ بهوامش وقائية كبيرة أو لا تتمتع بطاقة اقتراض كبيرة أن تعمل على التكيف بسرعة أكبر مع العواقب السلبية على النمو الاقتصادي. وبالنسبة لجميع البلدان المصدرة للنفط، فإن الإصلاحات الاقتصادية المتعمقة لتنويع الأنشطة الاقتصادية بعيدا عن التركيز على النفط إلى جانب تشجيع النمو وخلق فرص العمل سوف تسهم في التخفيف من حدة الآثار السلبية على النمو أثناء ضبط أوضاع المالية العامة.