عادت قضية الحجاب والخمار إلى الواجهة في فرنسا، على خلفية إصدار محكمة فرنسية قرارا مؤيدا لمرسوم أعلن عنه عمدة مدينة كان، دافيد ليزنار، يقضي بأن “دخول الشواطئ والسباحة ممنوعان على أي شخص لا يرتدي (ملابس سباحة) لا تحترم العادات المتبعة والعلمانية”، التي تعد المبدأ الرئيسي للجمهورية الفرنسية. وقد أثار قرار منع ارتداء “البوركيني” في الشواطئ الكثير من الجدل في فرنسا، وبرز الحادث وكأنه مترابط مع أحداث “نيس” التي تبناها تنظيم داعش وقبلها أحداث باريس، وسلسلة أحداث أخرى عرفتها فرنسا منها حادثة اغتيال صحفيي الجريدة الساخرة “شارلي إيبدو”. وفي وقت برزت مساعي بعض السياسيين من اليمين المتطرف، ولكن أيضا من اليمين التقليدي لتوظيف مثل هذه الأحداث سياسيا، والتلويح بمزيد من التضييق على الجاليات المسلمة والمهاجرة وإعادة طرح مسألة الهوية الفرنسية، والخصوصية العلمانية الواجب الاحتفاظ بها وصيانتها، وإن كان آخرها مقترح للوزير الأول مانويل فالس لمنع الخمار في الجامعات، فإن العديد من المنتخبين لاسيما المقربين من اليمين المتطرف، سعوا إلى إعادة إحياء تدابير ترمي في مجملها إلى تضييق هوامش الحركة للجمعيات الإسلامية واعتماد إجراءات تخص منع المحجبات في الإدارات والمؤسسات، وقد توسعت التدابير ما بين 2012 و2014، على أساس حظر الحجاب في الأجهزة الحكومية وفي المدارس التي تديرها الدولة. وأيد فالس اقتراح المجلس الأعلى للاندماج في فرنسا، يقضي بحظر ارتداء الحجاب في الجامعات، إلا أن الرئيس هولاند رفضه. وقد حذر العديد من السياسيين من أن سلسلة الحظر التي تمس الجاليات المسلمة يمكن أن تثير التوتر بين الحكومة الاشتراكية التي تدافع عن مبدأ علمانية فرنسا، والجاليات المسلمة التي تشعر بأن مثل هذه القوانين تهدف إلى عزلهم ومعاقبتهم، وقد سبق لحكومة ساركوزي أن عاشت فصلا من فصول الصراع عبر ثورة الضواحي. وعمدت الحكومة الاشتراكية الفرنسية إلى تدعيم مرصد للعلمانية في أفريل الماضي، وطلبت من الهيئة آليات حول كيفية تطبيق القانون الصادر عام 1905، والذي يهدف إلى حماية المجال العام من الضغوط الدينية مع احترام حرية الدين، في منحى يرضي التيارات التي تدعو لتضييق هامش حركة الجمعيات ونشاط الجاليات المسلمة، والتركيز على ضرورة إدماجها في المجتمع الفرنسي بقواعده العلمانية.