تقدم شقيق الصحفي السجين محمد تامالت، بطلب رسمي إلى النائب العام لمجلس قضاء العاصمة، من أجل فتح تحقيق حول ظروف اعتقال أخيه في المؤسسة العقابية للقليعة، بعد أن ذكر أن سبب دخوله العناية المركزة “لم يكن الإضراب عن الطعام وإنما تعرضه لضربة قاسية على مستوى الرأس”. وأوضح عبد القادر تامالت في الطلب المقدم إلى النائب العام والذي تحوز “الخبر” على نسخة منه، أن شقيقه محمد “متواجد في مستشفى مايو في مصلحة وحدة الاستعجالات الطبية الجراحية قسم الإنعاش، وهو الآن على مشارف الموت جثة هامدة”. وأضاف أن شقيقه “يوجد في غيبوبة كاملة لا يسمع لا يتكلم، لا يفتح عينيه، إنه في الغيبوبة الكبرى وربما لا قدر الله أن المحظور وقع، لا أدري إن كان ميتا أو حيا.. الله أعلم”. وبحسب ما ورد في طلب شقيق تامالت، فإن الصحفي السجين “لم يدخل العناية المركزة بسبب الإضراب عن الطعام، بل بسبب ضربة قاسية على مستوى الجمجمة أدت إلى نقله فورا إلى قسم الإنعاش”. وروى ما شاهده عند زيارته قائلا: “حين زرته في المستشفى رأيته مصابا في رأسه وعليه غرز من الخيط.. فوجئت بتلك الإصابة، وأدركت أنها سبب تواجده في العناية المركزة”. وبناء على ذلك، التمس شقيق تامالت من النائب العام التحقيق في “سبب إصابة أخيه في رأسه، وتعيين خبير طبي لتوضيح خطورة وحجم الإصابة”. وكان تامالت خلال جلسة محاكمته الثانية بعد الاستئناف، قد اشتكى للقاضي عمر بلخرشي من تعرضه للضرب في المؤسسة العقابية التي كان نزيلا بها، ورد عليه القاضي بأنه سيتحرى في الأمر، وقال له بالحرف “من اعتدى عليك سيدفع الثمن”. ولا يعرف إن كان فعلا تم التحقيق كما وعد القاضي في ما جاء على لسان تامالت أم لا. كما لم يتسن الاتصال بالمؤسسة العقابية للقليعة، لمعرفة وجهة نظرها حول هذه الاتهامات. وحول هذه القضية، تواصلت “الخبر” مع محامي تامالت، الأستاذ بشير مشري، فقال: “تقدمنا بعدة طلبات لزيارة موكلنا في المستشفى لكن طلبنا بقي دون إجابة”. وأضاف مستنتجا من ذلك: “هذا التماطل في منحنا رخصة للزيارة يؤكد رواية شقيقه، من أنه تعرض للضرب داخل المؤسسة العقابية، لأنه لا يوجد تفسير لمنعنا من رؤيته إلا رغبتهم في إخفاء هذا الأمر عنا”. وتأسف مشري مما يجري لتامالت، مشيرا إلى أن “دفاعه أراد أن يساعد السلطات ويجنبها متاعب دولية، خاصة أن المعني يمتلك الجنسية البريطانية، لكنهم رفضوا التجاوب معنا”. وبرأي رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، فإنه لا يمكن التأكد من حادثة اعتداء على مسجون داخل مؤسسة عقابية إلا بإجراء تحقيق في الأمر، مشيرا إلى أنه “في حال التأكد من وجود عملية ضرب، فإن هذا اعتداء على حق السجين في احترام كرامته وعلى المسؤولين عن ذلك أن يعاقبوا”. وجدد قسنطيني ل”الخبر” مطالبته بالإفراج عن محمد تامالت لأسباب صحية بعد دخوله العناية المركزة، مشيرا إلى أن القانون يعطيه هذا الحق مهما كانت التهم التي سجن بسببها. وأضاف أن حالة تامالت الصحية صارت تستدعي تطبيق المواد المتعلقة بالإفراج المشروط عن السجناء الذين يصلون إلى مرحلة الخطر، موضحا أن العدالة ينبغي أن يكون لها وجه إنساني يراعي آلام الناس ولا يطبق القانون بشكل جاف خال من الروح. يشار إلى أن تامالت دخل العناية المركزة، في 20 أوت الماضي، بعد أن تدهورت صحته داخل السجن، علما أنه باشر إضرابا عن الطعام فور اعتقاله احتجاجا على ما يراه ظلما تعرض له. وقد اعتقل في 21 جويلية الماضي، أمام منزله بعد أيام من عودته من بريطانيا التي يقيم فيها منذ عشر سنوات وصار يمتلك جنسيتها. وقد صدر حكم نهائي في قضية الصحفي محمد تامالت، حيث جرى تثبيت عقوبة سنتين سجنا في حقه عن تهمتي “الإساءة إلى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن السب والقذف”، و”إهانة هيئة نظامية”، وذلك استنادا للمواد 144 و44 مكرر و146 من القانون الجنائي. وقال تامالت للقاضي الذي استجوبه على ما ينشره على موقعه من مقالات وقصائد تعتبر مسيئة لشخصيات في الدولة، إنه “مارس حقه في الرقابة المواطناتية على المسؤولين الجزائريين”.