أمر والي وهران، يوم الخميس الماضي، بإغلاق روضة “حديقة الأرجوان” (لي ليلا) التي شهدت وفاة الطفل زمري محمد البالغ من العمر 3 سنوات غرقا في خزان للمياه، يقع أسفل سلم البناية التي تقع فيها الروضة. في حين يطالب أهل الطفل الفقيد بكشف الأسباب الحقيقية لوفاة ابنهم “الذي وضعناه أمانة بين أيادي مسؤولي الروضة لنستعيده جثة”، كما يقول أولياؤه. وكان لهذه الحادثة وقع الصدمة في وهران، التي يفوق فيها عدد الأطفال، ما دون سن التمدرس، المسجلين في دور الحضانة ال10 آلاف، دون حساب الأطفال في نفس السن، المسجلين في ما يسمى بالمدارس القرآنية المفتوحة في مساجد الولاية، والذين قد يفوق عددهم عدد المسجلين في دور الحضانة. وقد كشفت هذه الحادثة المأساوية “الفوضى الحاصلة” في مجال منح التراخيص لفتح رياض الأطفال في ولاية وهران وعملها، التي تضم قرابة 350 روضة مصرح بها، يحقق ملاكها أموالا كبيرة نقدا مقابل خدمات تتمثل في “مجرد الاحتفاظ بأطفال أعمارهم بين سنة و5 سنوات”، في الفترة التي يتواجد فيها أولياؤهم في العمل. وذكر أهل الطفل زمري محمد، المتوفى في روضة “حديقة الأرجوان” الكائنة بتعاونية 140 فيلا في حي مطلع الفجر، أنهم صدموا لما عرفوا أن الخزان المائي الذي غرق فيه ابنهم لم يكن مغطى، كما صدمهم مشهد قارورة غاز البوتان الموضوعة في ساحة الروضة، عندما تنقلوا إليها بعد أن بلغهم خبر وفاة ابنهم، بالإضافة إلى قلة النظافة. وقال عم الطفل الفقيد في تصريحاته للصحافة، “إننا نطالب بفتح تحقيق جدي في عمل كل دور الحضانة في وهران لكي لا يحدث لعائلة أخرى ما حدث لنا”. ومن جهتها التزمت العائلة التي تملك روضة “حديقة الأرجوان” الصمت، بعد أن تنقلت مصالح الأمن للتحقيق في حادثة الوفاة، ثم تشميع دار الحضانة يوم الخميس الماضي بقرار من والي ولاية وهران، في انتظار صدور النتائج النهائية للتحقيق في هذه الحادثة المأساوية. من جهتها قامت مديرية النشاط الاجتماعي لولاية وهران، يوم الخميس الماضي، بتشكيل لجنة خاصة ستباشر عملية معاينة واسعة وتفقد لظروف احتضان الأطفال على مستوى 432 مؤسسة من هذا الصنف على مستوى ولاية وهران. ويدفع الأولياء الذين يضعون أطفالهم في دور الحضانة في وهران ما بين 5 و10 آلاف دينار شهريا، لملاكها. ومن دور الحضانة ما يضمن الوجبات الغذائية، وأخرى تضمن فقد “الاحتفاظ بالأطفال” في فترة تواجد أوليائهم في العمل. ولا تخضع الوجبات الغذائية التي تقدمها دور الحضانة إلى أي رقابة من طرف الهيئات الرسمية. كما لا توجد “رقابة صارمة” فيما يخص مؤهلات المحلات التي تحتضن تلك الدور لإيواء أطفال تتراوح أعمارهم بين سنة و5 سنوات. إضافة إلى هذا تحولت “المدارس القرآنية” في كل مساجد وهران، إلى دور للحضانة، تشرف عليها اللجان الدينية للمساجد. وتستفيد كثير منها منذ عهد المدير السابق للشؤون الدينية لولاية وهران من امتياز توظيف مربيات في إطار أنظمة التشغيل الموجهة للشباب والشبكة الاجتماعية. وتحقق هذه اللجان الدينية مداخيل شهرية كبيرة من هذا النشاط. كما حوّل كثير من ملاك الفيلات الطوابق الأرضية لسكناتهم أو أجزاء منها إلى “جزر للحضانة”. وآخرون حولوا أجزاء من شققهم في العمارات إلى حضانات. ويدر هذا النشاط مداخيل كبيرة على ممارسيه، في ظل الطلب الكبير عليه، خاصة من طرف الأزواج الشبان الذين يشتغلون والذين تقيم عائلاتهم في ولايات بعيدة عن وهران.