أظهر نقاش نظمه فرع منظمة العفو الدولية "أمنيتسي"، أمس، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لإلغاء الإعدام، حجم الانقسام بين أنصار الإبقاء على هذه العقوبة ودعاة إلغائها والانضمام إلى 140 دولة ألغت العقوبة من منظومتها القانونية. وانفض المشاركون في النقاش عند مواقفهم الأولى، لا تغيير ولا تنازل عن قناعاتهم، وسط أجواء مشحونة، وخصوصا، بعد تدخل محام من منظمة محامي العاصمة، سخر بشدة من بعض المشايخ الجزائريين الذين يظهرون في القنوات التلفزيونية، وقال إنهم يطرحون أفكارا سخيفة، ما فجّر غضب الحاضرين واضطرت رئيسة فرع أمنيستي بالجزائر، حسينة أوصديق، للتدخل لتلطيف الأجواء. وجددت مديرة أمنيستي بالجزائر دعوة السلطات الرسمية للالتحاق بالحركية العالمية لإلغاء العقوبة والانتقال من قرار تجميد تنفيذ العقوبة المعمول به منذ 23 سنة، إلى إلغائها كلية. واعتبرت أوصديق أنه لا يوجد أقسى من عقوبة الإعدام، مضيفة "هي عقوبة غير إنسانية وتمييزية حيث تنفذ الأحكام في حق الفقراء والمهمشين، والمهاجرين، كما توظف لإسكات المعارضة"، وتابعت "في الدول التي لازالت تعمل بهذه العقوبة لردع الجرائم لم تشهد تراجعا لأرقام الجريمة". وطرحت من جديد إشكالية توفر شروط المحاكمة العادلة، واستحالة إعادة الذي تم إعدامه إلى الحياة، حال ظهور معطيات تفيد ببراءته، ناهيك عن الأثر النفسي المدمر التي يخلفه تنفيذ الحكم على عائلة المحكوم عليه. ونبهت إلى معاناة المدانين بأحكام الإعدام، الذين يقبعون في رواق الموت معزولين عن العالم ومحرومين من الزيارة والأكل الجيد، واستخدمت مقولة لمهاتما غاندي الذي رد على مؤيد أعمال الانتقام، تطبيق مبدأ العين بالعين والسن بالسن، القائلة إن "العمل بمبدأ العين بالعين ينتهي بجعل العالم كله أعمى". واعتبرت أن استمرار المعارضة الشعبية لإلغاء الحكم، يعود أساسا إلى أن دعاة الإلغاء لم يعملوا ما يكفي لأجل تغيير هذا التوجه. وخلصت إلى القول "يتوجب على الحكومة التوقف عن السباحة ضد التيار والشعبوية وتجاوز الحواجز والانتقال إلى إلغاء الحكم"، مضيفة أن "دولا إسلامية مثل تركيا والسينغال وجيبوتي لا تعمل بهذه العقوبة". وخلصت للقول إنه "من الشجاعة للجزائر الذهاب نحو إلغاء عقوبة الإعدام". وعلى النقيض منها، اعتبر المحامي عمار خبابة، أن إلغاء حكم الإعدام يعتبر تعطيلا لحكم شرعي صريح نصت عليه الشريعة الإسلامية، ودعا لتنفيذ الأحكام دون تأخر في حق مختطفي وقتلة الأطفال، والاستجابة للرأي العام الوطني المؤيد، حسبه، لتنفيذ هذه العقوبة. وقال إن "القضية لا تتعلق بالجانب الفقهي فقط، بل بتطبيق واحترام أحكام القضاء، منتقدا قرار السلطات تجميد العمل بالعقوبة، وعدم نشر القرار المعمول به منذ 1993". وتوجه إلى معارضي تطبيق العقوبة لوضع أنفسهم في ثوب الأولياء الذين تعرض أولادهم للاختطاف والقتل والاغتصاب، وتوجه إليهم "عندها ستدركون لماذا يتظاهر الشارع لتنفيذ العقوبة، وخصوصا أنه في عدة الحالات، لا مجال للتشكيك في هوية الفاعلين بحكم القبض عليهم متلبسين أو لاعترافهم". وأعلن رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، لخضر بن سعيد، أن وزارة العدل أطلقت تعديلات جديدة على قانون الإجراءات الجزائية، تضم إلغاء عقوبة الإعدام من مجموعة جرائم، منها الخيانة. وقال "ما يجري له أهمية كبرى إنه خطوة نوعية في التشريع الجزائري".