عيّن عبد المؤمن ولد قدور، مسؤول شركة "براون أند روت كوندر"التي كانت مملوكة لسوناطراك وهليبورتون الأمريكية، رئيسا مديرا عاما لشركة سوناطراك، خلفا لأمين معزوز الذي أمضى سنتين فقط في منصبه، في أولى القرارات التي تزامنت مع عودة الرئيس بوتفليقة للواجهة بعد غياب قارب الشهرين. ونصب ولد قدور، رئيسا مديرا عاما جديدا على رأس الشركة من قبل وزير الطاقة نورالدين بوطرفة، في قرار مفاجئ ودون تحديد أسباب التغيير، وأوصى بوطرفة خلال اجتماع بمجلس إدارة مجمع سوناطراك، المسؤول الجديد للمؤسسة العمومية بالعمل ب"روح مسؤولية لأجل إدخال تغييرات نوعية تمكن سوناطراك من النهوض"، ما يوحي أن إقالة معزوز تعود "لفشله"، ربما، في بعث الشركة العمومية التي تعاني من صعوبات ضمت فشل محاولات استقطاب استثمارات جديدة في قطاع المحروقات و تدهور سمعتها بسبب مسلسل الفضائح التي عاشتها في السنوات الأخيرة، وأدت إلى إقالة كبار مسؤوليها وهجرة عشرات الكفاءات إلى مؤسسات منافسة.
ونقل بيان لوزارة الطاقة عن بوطرفة، دعوته للرئيس المدير العام الجديد لسوناطراك "للعمل بروح المسؤولية و الثقة و ذلك لتنفيذ التغييرات النوعية التي تسمح للشركة بالتطور والنمو في مناخ مؤسساتي مستقر و ملائم للأخذ بزمام المبادرة والقرار "، كما حثه و كافة المسؤولين السامين في الشركة على "الالتزام التام و ذلك للحفاظ على مصالح الشركة و كذا العمل على تطوير التسيير والإنتاج بما يسمح بتكيف المؤسسة مع التغييرات التي يشهدها محيطها."
وأبلغ الوزير، مسؤول سوناطراك الجديد، دعمه و دعم الرئيس بوتفليقة له " والذي يأمل في أن تعود سوناطراك مجددا للاستقرار والتماسك لكي تكون مؤسسة مثالية."
وينخرط قرار تعيين ولد قدور، ضمن سلسلة قرارات "لإعادة اعتبار" لمسؤولين في الدولة وقطاع الطاقة على وجه الخصوص وردت أسماؤهم في قضايا فساد وفتحت تحقيقات في شأنهم من قبل مديرية الاستعلام والأمن، قبل حفظ أغلب هذه التحقيقات. و واجه ولد قدور شخصيا، متابعات وملاحقات أمنية وقضائية وصدر في حقه حكما بالسجن 30 شهرا من قبل المحكمة العسكرية بالبليدة، بتهمة تسليم معلومات حساسة لجهة أجنبية، رفقة عسكريين آخرين إثر تحقيقات قادها جهاز الأمن والاستعلام. و إلى جانب تهمة التجسس ، يوجد في سجل الرجل شبهات فساد مؤسسة براون أند روت كوندر المملوكة لسوناطراك وشركة هاليبورتون التي تولى رئاسة مجلس إدارتها، ضمت التهم تضخيم قيمة السلع والتجهيزات والخدمات والمشاريع التي أنجزتها الشركة لصالح الدولة الجزائرية . وأدت تلك التحقيقات إلى حل الشركة وتصفيتها في 2007.
ويوصف ولد قدور الذي درس وتخرج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، كواحدا من رجالات وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل الذي تمت ملاحقته بدوره في قضايا فساد قبل وقف التحقيقات في حقه، ما يشير إلى تنامي دور وزير الطاقة السابق من جديد، في صناعة القرار الطاقوي بالجزائر.
ولا تعرف تبعات القرار على صورة شركة سوناطراك لدى الرأي العام ولدى شركائها في الخارج ، بعد سلسلة الفضائح التي تفجرت فيها، وخصوصا أن القرار يكرس ظاهرة الإفلات من العقاب.
و صدر مرسوم التعيين، غداة ظهور الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة لواجهة بعد فترة غياب دامت قرابة الشهرين . في رسالة توحي انه مازال ماسكا بزمام القرار برغم وضعه الصحي وتقدم سنه.
و إلى جانب الأثر الداخلي للقرار والرسائل التي يحملها باعتباره "عملية استعراض قوة"وإظهار تحكم فريق الرئاسة على عملية اتخاذ القرار ، يعتقد أن له صلة بمحاولات التقرب من الفريق الجديد الذي تولى الحكم في البيت الأبيض المشكل في جانب منه، من لوبي صناعة النفط الذي يضم وزير الخارجية الامريكي، ريكس تيلرسون رئيس مجلس إدارة شركة إكسون موبيل النفطية، والتي تُعتبر خامس أكبر شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية.
ويبدو ان هذا التعيين محاولة من السلطات لإقناع الشركات الأمريكية العاملة في قطاع الطاقة بالاستثمار في السوق الجزائرية ، والتخلي عن سياسة التخلي عن مشاريعها نحو وجهات أكثر إغراء.