نقلت ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال الإعلام السمعي البصري والمقروء، إلى مرحلة جديدة ومتقدمة، تقوم على الانفتاح، وفسح المجال أمام الجمهور الفلسطيني والعربي بكافة أطيافهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم لطرح آرائهم وتصوراتهم في العديد من القضايا والموضوعات التي تمس كرامة الأمة ألا وهي القضية الفلسطينية. وفتح هذا الفضاء آفاقاً واسعة لتكوين مساندة قوية حول القضية الفلسطينية، المساندة تطورت كثيرا بفضل هذه التكنولوجيا،لأن الجيل الحالي المرتبط بالتكنولوجيا استلم مشعل المساندة التي كانت في السابق عن طريق الشعر والغناء، وصارت اليوم تعبر عنها بالفيديو والصور والاتصال عبر الاندماج الرقمي، فالمسافة تم اختصارها كثيرا.
وبقيت مساحات التراخي والضعف العربي للقضية تتسع حتى وصلت الى تخاذله التكنولوجي. وعلى هذه الخلفية، نستعرض في هذا التقرير مع مختصين فلسطينيين في شأن التكنولوجيا والمعلومات والإعلام حول العقبات الإسرائيلية التي تعوق قدرة الفلسطينيين على استغلال طيفهم التكنولوجي والإعلامي، والقيود المفروضة على هذا القطاع، وأهمية التقارب الرقمي في مواجهة الرواية الصهيونية، وهل لعبت تكنولوجيا الاتصال والإعلام دورا في دعم القضية الفلسطينية بالنسبة للشعوب العربية عامة والجزائري بشكل خاص.
ودعا المختصون الفلسطينيون في تصريحات منفصلة إلى صياغة رواية فلسطينية إعلامية تعتمد تطوير الإعلام على تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التصدي للرواية الإسرائيلية ودحضها، وفضح جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، والتأكيد على أهمية إعداد دليل مصطلحات يعزز الأسماء الفلسطينية والدعوة لتأسيس موقع يشبه “يوتيوب” لنقل القصة الفلسطينية إلى العالم.
ودعا وزير التعليم العالي الفلسطيني صبري صيدم إلى استثمار العلم والتطور التكنولوجي والإعلامي لمخاطبة الجمهور الغربي، من خلال القصص الصحفية والتقارير والأخبار التي ننتجها بأبسط الأدوات المتوفرة مثل الهواتف الذكية، معللا ذلك بأن الفلسطينيين لا يمتلكون أي أدوات للدفاع عن أنفسهم غير صوتهم، قائلا “قصتنا لا بد أن تقلع وأن تنتصر”.
وأضاف “علاقة التكنولوجيا والإعلام اليوم هي علاقة المثنى، فالعالم لم يعد قرية صغيرة بل غرفة نطلع من خلالها على كل ما يجري”.
الثورة التكنولوجية والإعلام في فلسطين وعن مدى استفادة فلسطين من الثورة التكنولوجية في الإعلام قال المختص في الشأن تكنولوجيا الإعلام والمعلومات المهندس مأمون مطر :”نحن في فلسطين نواكب ما يجرى على مستوى العالم في كل من مجالات الإعلام والتكنولوجيا (التقارب أو الاندماج الرقمي) وما تقدمة من خدمات في كافة أشكالها سواء في الموبايل أو الانترنت ويتم نقله للعالم من خلال هذه الوسائط المختلفة”.
وأبرز محدثنا أهمية التركيز على نواقص عالم التكنولوجيا الاتصالات وفي مجال الإعلام مضيفا “نحن بحاجة الى أن نسهل توصيل الرسالة الوطنية الفلسطينية للجمهور الفلسطيني والعربي في الوقت المناسب وبالطريقة التي يريدها الجمهور سواء عبر الهاتف الذكي أو التلفزيون الذكي”.
الإعلام الجديد والاندماج الرقمي من جانبه شدد إستاذ الإعلام والإتصال نشأت الأقطش على أهمية نشر الوعي لدى المواطن الفلسطيني بأهمية الإعلام الحديث الذي يعتمد أساسا على مواقع التواصل الاجتماعي، ودوره في عكس صورة إيجابية عن فلسطين في شتى المجالات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية. ودعا المحاضر الجامعي الجهات المسؤولة والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية ذات الاختصاص إلى التركيز على الإعلام الذي يعتمد على التكنولوجيا الأقل تكلفة، والاستفادة منه ومن التقنيات الحديثة في مجال الاتصالات كتكنولوجيا الألياف الضوئية، وشبكات الهاتف المحمول، وتحديدا المتاح من الجيلين الثالث والرابع وما يتبعهما. تخاذل سياسي وتكنولوجي عربي.
يقابله تعاطف جزائري تكنولوجي وظهرت في الآونة الأخيرة صفحات جزائرية على الفيسبوك تحيي الفلسطينيين وتدعمهم بوسائط تكنولوجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الفيديو والصور، الى ذلك تجد الجزائريين يشاركون في البرامج المفتوحة عبر الفضائيات العربية، فضلا عن برامج الاتصال كالواتساب، حيث يتواصل الكثير من الجزائريين مع الفلسطينيين عبرها، ويعود الفضل الى برامج تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
توجهت للدكتور فريد أبو ضهير إستاذ الإعلام والاتصال، بالسؤال هل لعبت تكنولوجيا الاتصال والإعلام دورا في دعم القضية الفلسطينية بالنسبة للشعب الجزائري، أجابني قائلا :”الإخوة في الجزائر من أكثر الشعوب العربية تعاطفا وتأييدا، بل وتلاحما، مع القضية الفلسطينية، وهم كانوا في السابق يتحينون كل الفرص لإظهار تأييدهم بكل الأشكال، إعلاميا، وماليا، وحتى دعم المقاومة”.
وتحدث عن توظيف التحول التكنولوجي في الإعلام لدعم القضية الفلسطينية “عندما فتحت التكنولوجيا أبوابها أمام العالم لكي يصبح كل فرد مشارك ومتصل مع الآخرين في كل مكان، كان الجزائريون ممن سابقوا لاستخدام هذه الوسيلة لكي يتفاعلوا مع القضية الفلسطينية، ويسخرون هذه الوسيلة لخدمة أهدافهم في التلاحم مع الشعب الفلسطيني”.
وكان لأستاذ الإعلام وتكنولوجيا الاتصال تفسيره الخاص للتعاطف الجزائري التكنولوجي “ما يحدث ليس غريبا على أهل الجزائر، وهم شعب المقاومة والتحرير، وشعب الرفض لكل أنواع الظلم والقهر، وتاريخهم شاهد على ذلك”. وعن حاجة الفلسطينيين لدعم تكنولوجي في ظل التخاذل السياسي العربي أشار محدثنا “الواقع الفلسطيني بحاجة إلى مساندة من قبل العالم أجمع، وبالأخص الشعوب العربية وشركات الاتصال والإعلام والتكنولوجيا بإمكانها لعب دور في دعم الشعب الفلسطيني بالتأكيد”.
وتابع “اليوم نتيح فرصة أمام المختصين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام العرب لمناقشة آليات توظيف أمثل للتكنولوجيا في خدمة القطاع الإعلامي الفلسطيني وتطويره”.داعيا المؤسسات كافة إلى بناء فريق وطني في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات والإعلام.