أزيد من مليار و400 مليون شخص عبر العالم يستخدمون هواتف ذكية لأزيد من ست ساعات في اليوم، ويتلقون من خلالها كمّا هائلا من المعلومة التي اتخذت من التكنولوجيا الرقمية المتنقلة رافدا لها، وذلك ضمن توجه جديد للمشهد الإعلامي الذي يتجه إلى الاستعانة بشكل أساس بالتكنولوجيات الحديثة التي توفرها الهواتف الذكية، التي سيعرف الاستثمار فيها ارتفاعا سيتجاوز حدود 65 مليار دولار سنة 2017.. أرقام تعكس الأهمية التي يشكلها قطاع الاتصالات والتحدي الذي يواجه وسائل الإعلام، المطالَبة اليوم بالتأقلم والتكيف بالتكنولوجيا الجديدة، التي خلقت إعلاما جديدا لا يعترف إلا بالرقمنة والسرعة والدقة.. وفي الجزائر يُحرم ما يزيد عن 8 ملايين مشترك في الجيل الثالث، من سرعة المعلومة الصحفية التي أدار أهلها ظهورهم للتكنولوجيا. الصحفي والمستشار السيد كمال منصاري فتح أعين الصحفيين المشاركين في الدورة التكوينية الثامنة والخمسين لنادي الصحافة لأوريدو، على أهم التسهيلات التي يقدمها الهاتف الذكي في مجالات تخصصاتهم المهنية المتعددة، مشيرا إلى أن الإعلاميين الجزائريين وعلى عكس نظرائهم بالدول العربية والأجنبية، لا يستغلون هواتفهم الذكية ومختلف التطبيقات المعروضة لتسهيل مهنتهم والتقرب أكثر من المواطن والمتلقي، على الرغم من أن أغلب التطبيقات والحلول المعروضة على النت هي في الغالب مجانية. السيد منصاري أكد في مداخلته الهادفه، أن الصحفي هو من أكثر الفئات حظا في الاستفادة من تكنولوجيات الهاتف النقال وتطبيقاته التي تسهل من أداء مهامه، التي تتنوع بين الكتابة والصورة والصوت وكذا الفيديو، مشيرا إلى أن الانتشار الكبير في استعمال الهواتف الذكية، أدى إلى بروز متغيرات في الإعلام أو ما يسمى ب "الإعلام الجديد" الذي يعتمد، بالدرجة الأولى، على "الموبايل"، الذي أصبح اليوم رفيق الصحفي وجزءا لا يتجزأ من منظومة الإعلام.. غير أن هذا الوضع لا ينطبق على المشهد الإعلامي الجزائري، الذي لايزال مثقلا بالوسائل والأفكار الكلاسيكية التي تجاوزها الزمن وتخلت عنها مختلف المؤسسات عبر العالم، بل وظل حبيس الوسائل والإمكانيات التقليدية سواء تعلّق الأمر بالنسبة للصحافة الورقية المكتوبة أو حتى المرئية والمسموعة باستثناء عدد قليل جدا ممن يسعون لمواكبة التكنولوجيا، وذلك رغم ما يعرفه قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال من تطور في بلادنا.في الجزائر، يعرف انتشار الهواتف الذكية احتشاما إذا ما قارنا عدد المشتركين في الهاتف النقال البالغ إجمالا نحو 45 مليون مشترك، بعدد مستعملي الهواتف الذكية، الذي ارتفع مع دخول خدمة الجيل الثالث إلى نحو 8 ملايين مستعمل، فيما يتوقع المختصون أن يتضاعف هذا العدد مع دخول خدمات الجيل الرابع التي ستقدم سرعة وتدفقا أكبر للأنترنت.. الأمر الذي سيدفع الإعلاميين لا محالة إلى العمل جاهدين لإرضاء شريحة هامة من المشتركين الشغوفين لتلقّي الأخبار والمعلومة الدقيقة في وقتها. وأصبح الهاتف الذكي أهم وسائل نقل المعلومة وترويجها، مغيرا بذلك مبادئ الإعلام وطرق تعاطي الإعلاميين مع المحتوى. ودفع الانتشار الرهيب للهواتف الذكية في الوسط الاجتماعي بصفتها وسيلة التواصل الأمثل، خبراء الإعلام والمختصين في مجال التسويق، إلى تكييف استراتيجياتهم مع هذه الوسيلة التكنولوجية. كما تحول السوق العالمي الإعلامي إلى التركيز على الهواتف الذكية، ودفع بالمطورين إلى التسابق نحو ابتكار تطبيقات تسهل عمل الإعلاميين. ويكفي الاعتماد على ثلاث خطوات رئيسة في الإعلام الجديد، للتحرر من قيود الإعلام الكلاسيكي، حسب السيد منصاري، الذي ركز على الالتقاط، الصياغة والإرسال، وهي أحدث الطرق المبتكرة للإعلاميين على "الموبايل"، إلى جانب تفاصيل أخرى كعدم تجاوز 70 كلمة في الرسالة الخبرية و150 كلمة على النت مع اختلاف في طرق المعالجة، وفقا لطبيعة كل وسيلة. وأبرز المحاضر أن أفضل الصحفيين وأغناهم هم أولئك الذين يستعينون بالهواتف الذكية. كما ضرب المختص مثلا ب "نيويورك تايمز" التي أنقذها صحافيوها من الإفلاس والإغلاق بفضل السرعة والدقة في تقديم الأخبار بالاستعانة بالهواتف الذكية، التي أضحت زميلا لا يُستغنى عنه.