يسعى المخزن، عبر إيفاد مجموعة من وزراء حكومة العثماني إلى الحسيمة ومدن الريف المغربي الغاضبة، إلى احتواء الامتعاض والحراك الشعبي الذي لايزال متواصلا منذ شهور، حيث تعمد السلطات المغربية إلى استمالة السكان في الريف بالتأكيد على توفير مناصب العمل والماء الشروب وتلبية مطالبهم الاجتماعية. حل وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بالحسيمة في إطار تعاطي الحكومة المغربية مع مطالب سكان الإقليم، بعد أن تأكدت من عدم نجاعة اللجوء إلى القمع والاعتقالات. وقد ركزت زيارة وزير الداخلية على مجال التشغيل، خاصة أن إقليم الحسيمة يسجل أحد أعلى نسب البطالة في المغرب، لاسيما لدى الشباب. وتعد هذه الزيارة الثالثة التي يقوم بها عبد الوافي لفتيت للإقليم، حيث کانت الأولى برفقة الوزير المنتدب لدي وزير الداخلية نور الدين بوطيب، في أفريل 2017، في أول حكومة لسعد الدين العثماني، فيما كانت الثانية رفقة وفد وزاري متعدد القطاعات في ماي 2017، وذلك بتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد بلوغ الحراك الاجتماعي بالإقليم مستوى الاحتقان، وتزايد وتيرة خروج سكان الإقليم في مسيرات وتظاهرات احتجاجية. ويتضح أن الحكومة المغربية والمخزن عموما تيقنت من صعوبة تسوية مشاكل الريف بالمقاربة البوليسية والقمع، رغم استمرار سياسة العصا الغليظة، حيث سارع ممثلو الحكومة إلى الإعلان عن توفير مئات من مناصب الشغل، في إجراء سريع لتخفيف حدة التوتر والاحتقان، كما سارعت السلطات أيضا إلى تقديم وعود بتوفير المياه الصالحة للشرب. ويعدّ توفير مناصب عمل أحد المطالب التي رفعها حراك الحسيمة الذي بدأ منذ مصرع بائع أسماك في شاحنة نفايات، محسن فكري، نهاية أكتوبر الماضي. واستمرت الاحتجاجات بشكل متقطع منذ ذلك التاريخ، زاد منها اتهامات من الأغلبية لبعض نشطاء الحراك بالتمويل الخارجي ومحاولة المس بالوحدة الترابية للمغرب، قبل أن تتراجع عنها إثر انتقادات واسعة، حيث اعتبر مسعى التخوين خطأ جسيما من رموز الحكومة وأحزاب الموالاة. ورغم الوعود المقدمة، يبقى الحراك الشعبي قائما، بل أخذ في الاتساع نتيجة التضامن المسجل في العديد من المناطق، وتنظيم مسيرات احتجاجية تضامنية في الرباط ومراكش ومدن الشمال المغربي. وتتواصل المظاهرات الليلية في منطقة الريف شمال المملكة المغربية، إذ شهدت مدينة الحسيمة تظاهرات جديدة في ظل عمليات الاعتقال التي حدثت في صفوف المتظاهرين، مع تقديم عدد منهم إلى النيابة العامة، حيث اعتقلت قوات الأمن عددا من الناشطين دون الإدلاء بمعلومات عن مصير البعض منهم، إن كان سيتم ترحيلهم إلى الدار البيضاء للتحقيق معهم من طرف عناصر الأمن المغربي. من جهتها، تشهد مدينة امزورن التي تبعد بخمسة عشر كيلومترا عن الحسيمة تظاهرات يومية مع مشاركة المئات من أبنائها، فمدينة امزورن أصبحت تشكل معقلا آخر للحركة الاحتجاجية التي تهز منذ أشهر منطقة الريف بشمال المغرب.