استنفرت مسألة اللاّجئين والمهاجرين الأفارقة والسوريين، الحكومة ، من خلال اجتماع الوزير الأول عبد المجيد تبون مع وزرائه، أول أمس، الخميس، لبحث وضعهم القانوني خصوصا مع ارتفاع منسوب "العنصرية" ضدهم في الأيام الماضية. وقد قدم وزير الداخلية نورالدين بدوي، عرضا شاملا عن وضع اللاّجئين والمهاجرين استعداد لسن قانون يتيح لهم العمل بصورة قانونية. دخلت الحكومة مرحلة "تقنين" وجود اللاجئين الأفارقة وبعض السوريين في الجزائر، عبر الشروع في التحضير لقانون لهذا الغرض. وأفاد مصدر عليم ل"الخبر"، أن الوزير الأول عبد المجيد تبون استدعى اجتماع الحكومة الأسبوعي (عادي)، ليُخصّص لاستكمال الإجراءات لحماية اللاجئين والأفارقة".
وقدّم نورالدين بدوي، حسب مصدرنا، عرضا شاملا عن وضعية اللاجئين والمهاجرين في الجزائر، والذي شمل أعدادهم الحقيقية والإمكانيات التي سخّرتها الدولة لتحسين ظروف استقبالهم، كما وضع بدوي أمام زملائه في الحكومة الخطوط العريضة لمشروع قانون يفتح بموجبه المجال أمام تشغيل اللاجئين والمهاجرين، عن طريق منحهم بطاقة وطنية حسب احتياجات مختلف القطاعات، والتحديد الأشغال العمومية والفلاحة الصيد البحري.
وتسلّم أعضاء الحكومة نسخا من العرض، طبقا لمصدرنا، بغرض إثرائه وفقا لمساهمة كل قطاع، وبالخصوص وزارات العدل والتضامن والعمل والأشغال العمومية والنقل والفلاحة. فيما تعكف لجنة خاصة على إعداد مشروع القانون الذي سيكون جاهزا مع بداية الدورة السنوية غرفتي البرلمان في سبتمبر المقبل.
وبالموازاة مع هذا العمل الحكومي، تقوم مصالح الشرطة والدرك بإحصاء تام لكل اللاجئين والأفارقة، في انتظار تسليم كل نازح يكون تواجده في الجزائر مقبولا، حيث تتيح له فرص العمل، أما الآخرين فسيتم التفاهم مع دولهم قصد إعادتهم إلى مواطنهم بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع دولتي النيجرومالي.
جدل
وسرعت الحكومة تدابيرها لطي ملف اللاجئين والمهاجرين، بعدما تصاعدت في الآونة الأخيرة "عنصرية" مخيفة ضد هؤلاء، عبر الدعوة إلى طردهم فيما كانت مواقع التواصل الاجتماعي تنقل صورة مؤسفة عن تعرض بعض اللاجئين إلى الاعتداءات.
تقنين وجود اللاجئين والمهاجرين عبر منحهم فرص العمل بصورة قانونية، جاء بعدما حذرت منظمات حقوقية في الجزائر من استغلال المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين في الجزائر، في ظروف صعبة تقترب من "العبودية"، كما رفعت مطالب إلى مفتشيات العمل عبر الولايات إلى تكثيف دورياتها لمنع استغلال ما يربو عن 10 آلاف عامل في مختلف المجالات.
ودقت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ناقوس الخطر في وقت سابق، حول استغلال أرباب عمل ومقاولون وأصحاب مزارع كبرى ومستثمرات فلاحية للنازحين الأفارقة غير الشرعيين، في مشاريعهم بعيدا عن القوانين المعمول بها، منها قانون رقم 90/11 المتعلق بعلاقة العمل، ولاسيما المادتين 05 و06 منه حول الحقوق والواجبات، ودون تصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي، ولا حتى علم بهم على مستوى وزارة العمل والتشغيل وكذا لدى وزارة الداخلية.
كما رفعت دعوات إلى السلطات المختصة قصد إجراء تحقيق معمق حول استغلال بشع يتعرض له المهاجرون الأفارقة، باعتبار أن حقوق العمال جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، ولا ينبغي التجاوز عليهم وعلى حقوقهم مهما كانت المبررات، فهؤلاء العمال الأفارقة غير الشرعيين يحملون صفة إنسان أولا، وهذه الصفة وحدها تكفي لكي تُصان حقوقهم على أفضل وجه، خاصة أنهم يؤدون أدوارا تعود بالفائدة على الجزائر، بعد ما أضحت اليد العاملة الإفريقية البديل الأنسب لشركات البناء ومقاولات أشغال الري والطرقات والفلاحة.
وبلغ في وقت سابق عدد اللاجئين بالجزائر الذين تتكفل بهم المفوضية السامية للأم المتحدة، 97 ألفا و240 لاجئ، ويوزع اللاجئون بين 4050 ، من دولة فلسطين، و50 لاجئا من كوت ديفوار، و120 من بلدان أخرى، فيما يبلغ عدد اللاجئين الصحراويين، حسب المفوضية، 90 ألفا، فيما طالبو اللجوء، حسب تقرير المفوضية، فيوجد 120 شخص من الكاميرون، و400 شخص من مالي، و2200 من سوريا و300 شخص من بلدان أخرى.