التقى السفير المصري بالجزائر مع وفد عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أمس لتوضيح خلفيات وظروف منع السلطات المصرية مؤخرا عبور المساعدات الجزائرية إلى قطاع غزة، ومناقشة الخيارات المطروحة لتحرير الشحنات التي اعتبرتها مصر مخالفة لبنود غير مصرح بها ولم يتضمنها بيان المحتويات الذي تم الموافقة عليه، في حين ترى الجمعية بأن القافلة مستوفية لجميع الشروط والتراخيص الأمنية والجمركية التي سمحت لها بمغادرة ميناء بورسعيد ودخول إقليم معبر رفح. في لقاء بين ممثلين عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والسفير المصري بالجزائر بمعية مساعديه بمكتبه في حيدرة بالعاصمة أمس حول مسألة عبور المساعدات الجزائرية لقطاع غزة والخيارات المطروحة لتحرير الشحنات، بدت الأعصاب مرتخية والنقاش هادئا قياسا بالمتداول في وسائل الإعلام وبعض مواقع التواصل الاجتماعي والشارع، وكان الحل بالنسبة لنائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عمار طالبي يتجلى في السماح للقافلة بأن تمر وتفرغ شحناتها في القطاع، مع الأخذ في الاعتبار الأمن القومي لمصر واحترام الإجراءات الأمنية أو العودة أدراجها، غير أن السفير تحدث حينها عن خيار آخر مفاده "أن المشكلة في طريقها إلى الحل وليس العكس، ويجري تسوية وضعية القافلة بما يتّسق مع ظروف وخصوصية المنطقة"، مشيرا إلى أن إجراء المنع تم اتخاذه لاعتبارات أمنية بحتة لا صلة لها بطبيعة علاقة الدولة المصرية بحركة حماس أو مع شأن سياسي آخر، مستدلا بالقوافل الجزائرية الأربع السابقة، داعيا لعدم إخراج المسألة عن سياقَيها الإنساني والأمني. ورغم أن ممثلَي جمعية العلماء المسلمين تفهّما طريقة السلطات المصرية في التعاطي مع القافلة التي برّرتها بخصوصية الوضع الأمني لتلك المنطقة ذات مساحة 45 كيلومترا مربعا، إلا أنهما طالبا السلطة المصرية عبر سفيرها بضرورة الإسراع في اتخاذ قرار نهائي لتفادي تلف محتويات المساعدات من أدوية ومعدات طبية، مستدلين بترك الجهات الأمنية شحنات القافلة في الانتظار لمدة 6 أيام تحت أشعة الشمس في إحدى محطاتها. وتوصل الطرفان في النهاية إلى ما أسمياه أرضية عمل مشتركة من شأنها توجيه المسألة إلى حل في القريب العاجل، داعين إلى عدم إخراج المسألة عن سياقها الإنساني والإجرائي، وجعلها فضاء مفتوحا لتأويلات وقراءات خاطئة أو أداة يستغلها بعض الأطراف للتوظيف السياسي، ما من شأنه الإضرار والإساءة إلى العلاقة بين الشعبين والدولتين. وبالنسبة لتصريحات الناطق الرسمي باسم القافلة المتوجهة إلى غزة يحيى صاري حول استيفاء الشحنات لكل الشروط ومراقبتها قبل نقلها إلى المعبر واحترامها لكل القواعد والقوانين، ثم تفاجئه بالمنع، قال الدكتور عمار طالبي بأنها صحيحة، لكن لا يمكن تأويلها وجعلها منصة للتراشق السياسي وأداة للإضرار بالعلاقة بين الشعبين المصري والجزائري. وهنا سألت "الخبر" الدكتور طالبي نائب رئيس جمعية العلماء عن جدوى تعدد الجهات التي تتحدث باسم الجمعية، فقال "إن الشيخ يحيى صاري موجود في عين المكان وهو من يطلعنا بما يجري في الواقع، لذا فإنه مخول للتصريح كذلك، لكني أؤكد لكم أن ذلك يتم بالتنسيق مع رئاسة الجمعية هنا بالجزائر". وفي هذا الصدد قال سفير مصر بالجزائر إن سلطات البلدين تعملان في انسجام كبير وفي اتصال متبادل عبر وزراء الخارجية، مشيرا إلى أن من مصلحة مصر تدفق المساعدات على الشعب الفلسطيني، معتبرا أنهم ينظرون إلى الأمر بأنه مساعدات موجهة إلى الشعب الفلسطيني بمختلف حساسياته وليس إلى فصيل سياسي محدد. وفي هذه الجزئية ذكر الدكتور طالبي أن الجمعية لا تقبل أن تكون سببا في الإضرار بالأمن القومي المصري، مؤكدا حرصها على استيفاء المساعدات لجميع الشروط القانونية والأمنية المعمول بها في مصر، وهو ما تم التقيد به في هذه المساعدات.