انتهت قضية قافلة إغاثة غزة التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والمحجوزة منذ أيام بمعبر رفح، نهاية مؤسفة، فالسلطات المصرية ورغم التسهيلات الأمنية غير المسبوقة، رفضت عبور القافلة للقطاع بمبررات، اعتبرها رئيس لجنة الإغاثة الشيخ يحيى صاري ب"غير المنطقية"، ولم يتبق أمامهم غير العودة لأرض الوطن، وإرجاع ما أخذوه من أدوية ومساعدات مخافة فسادها. "الشروق" اتصلت بالشيخ يحيى صاري المتواجد بمدينة بورسعيد المصرية، لإتمام اجراءات العودة، فسرد علينا ما عاشه أعضاء اللجنة على الأراضي المصرية، وخاصة بمعبر رفح المتواجد في أخطر مناطق مصر وهي شمال سيناء.
أطلعنا عن آخر المستجدات بخصوص قافلة الإغاثة الإنسانية، بعد منع السلطات المصرية عبورها معبر رفح؟ في الحقيقة، بذلنا كل الجهد لمحاولة إدخال قافلة الإغاثة نحو قطاع غزة، وانتظرنا لثلاثة أيام بمعبر رفح وفي منطقة "ساخنة" أمنيا، ومع ذلك تمسكت السلطات المصرية بقرارها في منع عبور القافلة ببعض المبررات، ولم يتبق لنا أي أمل في العبور، وحتى سفيرنا بالقاهرة شرح لنا أسباب المنع وأمدنا بالمعطيات، فرأينا وحفاظا على الأمانة التي نحملها أن نبدأ في إجراءات إعادة القافلة إلى الجزائر حفاظا على محتوياتها من التّلف، في ظل ظروف مناخية حارّة جدا وشديدة الرطوبة بمنطقة بورسعيد بمصر، خاصة وأن القافلة تتواجد منذ أربعة أيام في العراء خارج ميناء بورسعيد.
كيف برّرت لكم السلطات المصرية، اجراء منع مرور القافلة عبر معبر رفح، رغم حيازتكم موافقتها المسبقة، وتسهيلها الإجراءات الأمنية؟ مٌبررات منع المرور، بدأت بعد وصولنا معبر رفح البري، فهنالك فوجئنا بمسؤولي المعبر يخبروننا بأنهم غير مقتنعين تماما بإدخال القافلة لأسباب عدة، أولها ذكروا بأن القافلة معنونة بقافلة أدوية وليست قافلة مساعدات شاملة، ونحنٌ نحمل مساعدات من غير الأدوية، فقلنا لهم لا بأس، ندخلٌ الأدوية ونعيد باقي المساعدات حتى نستخرج لها الموافقة، لكنهم فاجأونا بقرار، اما أن تدخل جميعا أو ترجع جميعا. بعدها تحدثوا لنا عن الوضع الأمني الخطير الذي تعيشه المنطقة... وأريد أن أذكر أنه يوم الجمعة بعد الصّلاة، أخبرنا ضابطٌ مخابرات مصري يتواجد بالمعبر، بضرورة المغادرة، ثم غادر المعبر بسيارته ولحقه جميع الموظفين، قائلا لنا أن الوضع خطير ولا أحد يضمن سلامتنا.
وكيف كانت الأجواء ساعتها بمعبر رفح؟ رأينا قافلات وعشرات الشاحنات تدخل وتخرج من وإلى قطاع غزة، محمّلة بمختلف السّلع، وهو ما يجعل مبررات الجانب المصري في منعنا من المرور غير مقنعة لنا.
ماذا فعلتم بعد منعكم من العبور ومغادرة الموظفين؟ وجدنا أنفسنا وحيدين بالمعبر، بعد ما غادر الضابط وأخبرنا بأنه سيوصي علينا الجهات الأمنية، وكنا في وضع صعب جدا وغير آمن، فغادرنا إلى ميناء بورسعيد، ومنذ يوم الجمعة المنصرم حوالي الثالثة صباحا ونحن ننتظر، حتى نعيد القافلة للجزائر، بعد إتمام الإجراءات في القاهرة.
السلطات المصرية ذكرت بأنكم لم تطلعوها على محتويات القافلة من غير المساعدات الطبية، فهل هذا صحيح؟ اتخذنا جميع الإجراءات القانونية اللازمة لدخول القافلة للأراضي المصرية، وأطلعناهم على كل ما نحمله، ولو كان لديهم شك فيما نحمل لكانوا فتشوا القافلة، لكنهم لم يفتشونا منذ دخولنا مصر، وانطلقت قافلتنا من ميناء بورسعيد إلى معبر رفح ولم يضايقنا أحد رغم حظر التجول في منطقة شمال سيناء، بل بالعكس تفاجأنا من التسهيلات الأمنية غير المسبوقة، وحتى الحواجز الأمنية الكثيرة المتواجدة في أرض سيناء لم تقترب منا، لتلقيها تعليمات.
ألم تثر التسهيلات الأمنية المصرية وغير المسبوقة بشأن القافلة، الشك في نفوسكم بوجود شيء يحاك ضدكم، خاصة وأن منطقة شمال سيناء منطقة "ساخنة"؟ كنا نعلم بخطورة المنطقة، خاصة ليلا ووجود الحواجز الأمنية، لكننا تفاجأنا بفتح الطريق لنا بكل يسر، ولم يطلبوا حتى الوثائق أو يتكلموا معنا، وحقيقة تساءلنا كيف تمر القافلة إلى معبر رفح بكل هذه المرونة؟ والله أعلم، اذا كانت هذه المرونة دليل على أمر ما؟
وماذا عن مصير قافلة المساعدات الآن؟ القافلة لاتزال بميناء بورسعيد، ونحن نقوم بالإجراءات اللازمة لإعادتها للجزائر، ولن أسبق الأحداث في الكلام عن مصيرها.
السفارة المصرية بالجزائر تؤكد: منعنا دخول الشحنة لعدم مطابقة محتوياتها للموافقة الممنوحة وحفاظا على أمننا القومي أوضح المكتب الإعلامي للسفارة المصرية بالجزائر، بأن شحنة المساعدات المقدمة من جمعية العلماء المسلمين بالجزائر إلى قطاع غزة، تم الموافقة عليها من قبل الجهات المعنية لجمهورية مصر العربية، وتم التصديق على بيان بمحتويات الشحنة، "الا أنه عند وصول الشحنة إلى معبر رفح، تبين احتواءها على بنود غير مصرح بها، ولم يتضمنها بيان المحتويات الذي تم الموافقة عليه من قبل السلطات المصرية". وأضاف البيان، أن رجوع الشحنة إلى القاهرة كان بسبب عدم مطابقتها للموافقة الممنوحة، ومضيفا "وجاري حاليا حل الموضوع نحو السماح بدخول بنود محددة، دون الإخلال بما تم الاتفاق عليه بشكل مسبق بالنسبة لهذه الشحنة، وبما لا يمس مقتضيات الأمن القومي المصري".