الصدمة..هذا هو الوصف الأبلغ لما اعترى الجزائريين يوم أمس على وقع خبر إحياء المغني هواري المنار لحفل إحياء الذكرى 63 لاندلاع الثورة الجزائرية بقاعة العروض الكبرى " أحمد باي" بقسنطينة. ضج موقع الفيسبوك بمنشورات الاستهجان والاستنكار ، فيما توالت صيحات المثقفين تنديدا بهذه الخطوة الصادمة، قبل أن ينقذ والي ولاية قسنطينة الموقف ويعلن استبدال هواري المنار بالمغني كمال القالمي، تداركا ل "فضيحة" اعتبرها الجزائريون مساسا بقداسة ثورة نوفبر و تطاولا على رمزيتها. هواري المنار هو مغني مراقص ، اشتهر في الوسط الفني الجزائري بأغانيه التي تتناول مواضيعا تعتبر طابوهات في المجتمع الجزائري، وهو شهير بهيئته "الأنثوية" المثيرة للجدل. الصدمة هنا ليست إزاء الفعل في حد ذاته إن كان خطأ عارضا أو زلة ثقافية عابرة ارتكبها منظمو الحفل دون قصد ، بقدر ماهي دلالة واضحة على وجود اجتراء على رمزية الثورة وذكراها، واستخفاف بقيمتها التاريخية والقومية في نفوس الجزائريين، والأنكى أنه اجتراء صادر من هيئة رسمية وليس من جهات غير حكومية! والحقيقة ، أن التراجع عن هذه البادرة لم ينقذ الموقف بشكل يكفي لاعتبارها كزلة بريئة انقشعت كغمامة صيف، بل إنها رغم ذلك معطى ينذر باحتمال تكرارها مالم يتم التعامل مع مثل هذه التجاوزات بجدية وحزم احتراما للجزائريين اولا وللتاريخ المجيد ثانيا. والسؤال الذي يُطرح بإلحاح في هذا الصدد، ما علاقة مغني مراقص بالثورة المجيدة والأحداث الوطنية الكبرى؟ ماهي الرسالة القيمية والوطنية التي يقدمها هواري المنار ليُرشح لإحياء ذكرى بهذا الثقل وبهذه الأهمية في مخيال المواطن الجزائري، وفيما يبقى السؤال مطروحا تبقى المساءلة موجهة نحو من اجترأ على خطوة زلزلت اعتداد الجزائري بتاريخه وكفاحه.