بدأت قضية "الحراقة" الجزائريين المحتجزين في مركز حجز في إسبانيا، تأخذ أبعادا إنسانية خطيرة في ظل صمت السلطات الجزائرية، رغم مراسلة عائلاتهم لوزارة الخارجية الجزائرية قصد التدخل الفوري وإنقاذ أبنائهم من موت محقّق بعد نجاتهم من الغرق. انتشر على نطاق واسع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر "حراقة" جزائريين محتجزين في إسبانيا، يستنجدون الشرطة الإسبانية لإنقاذ مهاجر سري جزائري على حافة الموت، لكن أفراد الشرطة لم يبدو اهتماما. كما يُبيّن الفيديو هؤلاء الجزائريين يطالبون بماء الشرب بطريقة توحي بأنّه ممنوع عنهم لفترة طويلة. ويضغط نشطاء في جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان في إسبانيا، الذين يحتجون يوميا أمام مركز الحجز الذي يحوي أكثر من 500 مهاجر "حراق" جزائري، للمُطالبة بإطلاق سراحهم نظرا للظروف المزرية التي يجري فيها حجزهم. وقد وصل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين إلى سواحل "مورسيا و"آلمريا" منذ أسبوعين، وبسببهم استدعت الداخلية الإسبانية سفيرة الجزائر احتجاجا على "تراخي" الجزائر في مُراقبة سواحلها، حسب زعمهم. وندّد مكتب "أمين المظالم" الإسباني، بظروف الحجز التّي يعشيها أكثر من 500 "حراق" جزائري، حيث ورد التنديد في تقرير شامل أنجزه بعد زيارة تفتيش إلى مركز الحجز في "أرتشيدونا" خلال يومي 23 و24 نوفمبر الماضي. ومن النقاط السوداء التي وقف عليها المكتب، تكفل وحدة مكافحة الشغب (الشرطة) الإسبانية بالإدارة المباشرة للمركز، فيما تشدد توصيات الإتحاد البرلماني الدولي على أنّها مهمة أعوان مخصصين، بحكم أن أفراد الشرطة يقدمون خدمات سيئة للمحتجزين. وكشف مكتب "أمين المظالم" بأنّ مركز الحجز الذي يتواجد فيها الحراقة الجزائريين، لا يتوفر على مرافق حسنة بل أغلبها مغلقة، رغم أن وزارة الداخلية الإسبانية أكدت للمكتب، أن المركز جديد وكل مرافقه جيّدة، وكشف المكتب بأن المحتجزين (جزائريين) يتناولون الوجبات في فناء المركز، ولا تقدّم لهم الرعاية الصحية ويمنعون من زيارات لأقاربهم، والأخطر، حسب التقرير، لم يعرضوا على فحص طبي. ونبّه تقرير المكتب إلى أن هذا المركز لم يكن يوما محل تحويله إلى حجز المهاجرين غير الشرعيين، فيما أشار إلى أن "الحراقة" لم يدخلوا المركز بإذن قضائي، وهي الجزئية التي تثير الكثير من الشكوك التي تقدمها وزارة الداخلية الإسبانية إلى مختلف الهيئات القضائية بشأن المهاجرين السريين. وكشفت وسائل إعلام إسبانية نقلا عن مصادر حكومي، بأنّ الفترة الممتدة من 26 أكتوبر الماضي إلى 3 نوفمبر الماضي، شهدت وصول أكثر من 500 جزائري آخرين إلى "آلميريا" و"موريسيا"، فيما اتهمت الجزائر بعجزها عن السيطرة على حدودها. وحسب مصادر من الداخلية الإسبانية، فإن القوارب التي تصل إسبانيا وتقل عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، لا يقل عدد راكبيها عن 12 شخصا لكل قارب، والتي دفع مقابلها هؤلاء حوالي 600 أورو للرحلة التي تبدأ حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وينتهي في الساعة السابعة أو الثامنة مساء من اليوم الموالي". كما طلب وزير الداخلية الإسباني، خوان اجناثيو زويدو، من سفيرة الجزائر في مدريد، طاووس فروخي، أن تنقل طلبه لزيارة الجزائر بغرض لقاء وزير الداخلية نورالدين بدوي، والجلوس معه للحصول على "أسباب" عدم تمكن السلطات في وقف قوارب الحراقة نحو إسبانيا. وحسب بيان سابق لوزارة الداخلية الإسبانية، فقد اتفق خوان اجناثيو زويدو مع سفيرة الجزائر على "أهمية معرفة ومعالجة الأسباب التي تقف وراء هجرة الجزائريين بهذه الأعداد الكبيرة نحو إسبانيا، فيما أعلن الوزير أيضا استعداد بلاده على تقديم التعاون مع الجزائر لمكافحة الشبكات التي تشتغل في الهجرة غير الشرعية من إفريقيا نحو أوروبا.