كشفت الهزيمة الأخيرة لوفاق سطيف أمام مولودية الجزائر، في إطار الجولة الثانية من دور المجموعات لرابطة أبطال إفريقيا، عن عمق الأزمة التي يتخبط فيها الوفاق، أمام عجز الإدارة بقيادة حمّار عن إيجاد المخرج الآمن لها. انتهز العديد من اللاعبين الأساسيين فرصة مباراة الوفاق بمولودية الجزائر، ليضعوا حسان حمّار أمام الأمر الواقع، فقد هددوا بمقاطعة المباراة في حال عدم تسلمهم مخلفاتهم المالية العالقة، ويأتي على رأسهم الثلاثي حدوش وربيعي وسيدهم، وهو ما جعل حمّار يسارع إلى إفراغ حساب النادي بالبنك وتسليم اللاعبين المحتجين مستحقاتهم المالية، لكن من دون أن يرضي الجميع، وهو ما أثار سخط وغضب الذين استثناهم حمّار من العملية، في صورة الحارس زغبة ووسط الميدان عيبود وآخرين، الأمر الذي أفقد اللاعبين تركيزهم وتضامنهم فيما بينهم. كما أن قرار حمّار بالإعلان عن استقالة وهمية قبل المباراة بساعات من أجل تجنب مزيد من سخط وغضب الأنصار عليه، وضع اللاعبين في مواجهة مباشرة مع الأنصار الذين صبوا جم غضبهم عليهم ونعتوهم بكل الصفات البذيئة. اللاعبون يغادرون سطيف في وضعية نفسية حرجة ولم يتحمّل لاعبو الوفاق كل تلك الشتائم التي وجهت لهم من قبل الأنصار، قبل نهاية المباراة وبعدها، وهو ما أثّر كثيرا على معنوياتهم وأحسوا بنوع من الظلم، ليقرروا حزم حقائبهم والتوجه مباشرة إلى مقرات إقامتهم، مباشرة بعد نهاية مباراة سهرة أول أمس، وذلك من دون أن يتلقوا الضوء الأخضر من إدارة الوفاق، وهو ما جعل من الإدارة والطاقم الفني يدقون ناقوس الخطر خشية عدم تمكنهم من جمع العدد القانوني من لاعبي الأكابر لمواجهة إتحاد بلعباس عشية هذا السبت. سياسة حمّار تثبت فشلها والانتدابات لم تكن في مستوى الأهداف ورغم أن الكثير من متتبعي الوفاق والأنصار كانوا ينادون قبل بداية الموسم الرياضي الجاري، بضرورة اعتماد انتدابات للاعبين كبار، من حيث الخبرة والمستوى الفني من أجل المنافسة على الجبهات الثلاث التي وضعتها إدارة الوفاق أهدافا قبل بداية الموسم، إلا أن حمّار كان يؤكد بأن الوفاق يملك فريقا كبيرا وأنه يثق في التعداد الحالي، وأنه يتحدى الجميع ببروز الفريق وسيطرته على المنافسة، مشيرا إلى أن لاعبيه يحتاجون فقط إلى قليل من الوقت، غير أن رياح المنافسة جاءت بما لا تشتهيه سفن حمّار، إذ سقطت أهداف الفريق تواليا. فبعد الإقصاء المفاجئ والمبكر في كأس الجزائر من الدور 16، تلاشت حظوظ الفريق في اللعب على اللقب مع بداية مرحلة العودة من بطولة المحترف الأول، وبعدها فقد الفريق القدرة حتى على المنافسة على التواجد في إحدى المراتب الثلاث الأولى، ولم يعد قادرا حتى على الصمود فوق أرضية ملعب 8 ماي. ومع ذلك، فقد واصل حمّار ثقته المفرطة في لاعبيه، مؤكدا على لعب هدف رابطة أبطال إفريقيا، لكن الحصيلة الأولى جاءت خالية من النقاط بعد هزيمتين متتاليتين، ليسجل الوفاق بذلك أسوأ موسم له منذ أكثر من 15 سنة، ويضع بذلك حمّار نفسه في عين الإعصار. مغادرة ماضوي ثم بن شيخة تكشف محدودية اللاعبين لم تأت مغادرة صانع تاريخ الوفاق الجديد المدرب الشاب خير الدين ماضوي للفريق، لمجرد رغبة في تغيير الأجواء وخوض تجربة جديدة، إنما تيقن ماضوي أن التشكيلة الحالية للوفاق لا يمكنها تحقيق الأهداف الكبيرة التي وضعتها إدارة الفريق بقيادة حمّار، وهو ما جعله يصر على المغادرة بمجرد نهاية آخر مباراة مرحلة الذهاب من بطولة المحترف الأول ضد إتحاد بلعباس، رغم أنه كان قد اتفق مع حمّار بضرورة المواصلة. واعتقد حمّار أنه بمجرد انتداب مدرب كبير في صورة عبد الحق بن شيخة، سيعرف فريقه الطريق إلى الانتصار والتألق، غير أن بن شيخة تفاجأ بالمستوى العام للتشكيلة، وأسر إلى بعض مقربيه أن الفريق لا يمكنه التنافس على الألقاب، وأنه في حال تجديده للعقد لموسم آخر فإنه سيحدث ثورة في التشكيلة، وأنه سيبقي على ثلاثة أو أربعة لاعبين فقط من التركيبة الحالية للفريق، ليقرر هو الآخر رمي المنشفة والانسحاب قبل تأزم الوضع أكثر، تاركا المدرب المساعد مليك زرڤان في مهمة انتحارية ويائسة لقيادة تشكيلة مثقلة بالمشاكل والإصابات، لخوض مباراتي دور المجموعات ضد مازيمبي والمولودية، بهدف حفظ ماء وجه بطل إفريقيا لسنة 2014. الفاف تراسل الوفاق وتلزمه بدفع ديون بقيمة ملياري سنتيم ولأن المشاكل لا تأتي فرادى، فقد تفاجأت إدارة الوفاق بوصول مراسلة من المكتب الفيدرالي منتصف الأسبوع الفارط، تلزم الوفاق بضرورة دفع مستحقات اللاعبين والمدربين الذين سبق لهم التعاقد مع الوفاق، ولم يتسلموا مستحقاتهم المالية كاملة، ليقرروا التوجه إلى لجنة المنازعات للحصول على حقوقهم، حيث وصلت هذه المستحقات العالقة إلى أكثر من ملياري سنتيم، منها مليار وثمانين مليون سنتيم للمدرب السابق عبد القادر عمراني بمفرده، إلى جانب مدربين ولاعبين آخرين في صورة العقبي وأكنيوان، وأمهلت الفيدرالية إدارة الوفاق إلى غاية نهاية الشهر الجاري، قبل اللجوء إلى تسليط العقوبات الردعية التي قد تصل إلى خصم نقاط من رصيد الوفاق أنصار الوفاق يطالبون بالتغيير ولم يعد أنصار الوفاق يثقون في إدارة حمّار الحالية، وطالبوا السلطات المحلية لولاية سطيف بضرورة التدخل من أجل تنحية حمّار وإدارته، وفتح المجال أمام مستثمرين جدد من أجل تسيير الفريق وإعادة الهيبة له، خاصة وأن حمّار متورط في قضية التعاونية العقارية “أم الحياة”، ومحكوم عليه بخمس سنوات سجنا نافذا من طرف هيئة المحكمة الابتدائية بسطيف. وفي مقابل ذلك، أبدى المستثمر والبرلماني الحالي مصطفى بلعياط رغبته في المساهمة في إعادة الفريق إلى عهده الذهبي، مقدما مشروعا استثماريا ضخما، متمثلا في مركب سياحي عالمي سيضعه تحت تصرف الوفاق، في حال فتح رأس مال شركة الوفاق، وكذا تغيير القوانين الحالية والمحددة خاصة للعلاقة بين النادي الهاوي والشركة المحترفة، كما توجد مجموعة أخرى بقيادة رشيد صالحي تنوي هي الأخرى تقديم مرشحها في حال تأكد انسحاب حسان حمّار. وقد عبّر أنصار الوفاق عن رغبتهم الملحة في التغيير، من خلال حملات السب والشتم لحمّار ولاعبيه، وكذا رشق أرضية ميدان 8 ماي بسطيف سهرة أول أمس بكل أنواع المقذوفات، ما قد يعرّض الملعب إلى عقوبات مالية وحرمانه من الجمهور في هذه المنافسة.