توقعت دراسة صادرة عن مركز الجزيرة للدراسات، أن تكون "قيادة الجيش المنتصر الرئيسي من الإطاحة ببوتفليقة لأنها أزاحت من طريقها مركز رئاسة الجمهورية الذي يقيّد حركتها، وباتت مقدرات الدولة كلها تحت تصرفها، ولم تعد هناك سلطة تستطيع إقالة قائد الأركان أو بقية القادة". وأبرزت الدراسة أن هذا الوضع "يجعل قيادة الجيش تميل إلى الحفاظ على الوضع القائم، وترى في كل من يريد تغييره خطرًا على الامتيازات والصلاحيات التي بيدها". عكس ذلك، يرى بمنظور الدراسة أن "الإطاحة ببوتفليقة ليست إلا خطوة في طريق تغيير الأوضاع لأن النظام الذي حكم البلد منذ عشرين سنة على الأقل لا يزال قائمًا، وهو نظام لم يختاروه ولا يدين لهم بالفضل بل يراهم تهديدًا يسعون للإطاحة به مثلما أطاحوا برئيسه". وخلصت الدراسة إلى أن السيناريوهات المتوقعة لهذا الحراك ستتحدد "بقدرات قيادة الجيش في الحفاظ على الوضع، وقدرات الحراك والمعارضة على تغييره"، وإذا ما سارت البلاد في سيناريو الحفاظ على النظام، فإن قيادة الجيش ستتمسك بنصوص الدستور في الحفاظ على الوضع، وتصف كل دعوى لتغييره بأنها مخالفة له، وتبتعد بالتدريج عن الاعتراف بتمثيل الشارع للشعب الجزائري". وتعلق الدراسة على هذا السيناريو بالقول "لكن قيادة الجيش تفتقد القدرة الكافية لفرض هذا السيناريو، لأنها سبقت أن بنت تصرفاتها المخالفة للدستور على أساس الشرعية الشعبية التي عبَّر عنها الشارع، ووعدت بأنها ستحقق مطالبه، ولا تستطيع أن ترفض الإطاحة ببعض الشخصيات التي يرفض الحراك إشرافها على الانتخابات القادمة، مثل رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، أو رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، أو رئيس الوزراء نور الدين بدوي، بعد أن أطاحت بالرئيس نفسه استجابة -كما قالت- لتطلعات الحراك الشعبي". أما السيناريو الثاني المتوقع، فهو التغيير الجذري للنظام، وهو في اعتقاد الدراسة غير قابل للتحقيق "لأن الحراك يجمع بين التمسك بالنظام القائم والمطالبة بنظام جديد، يرفض مثلًا المادة 102 من الدستور لكنه يطالب بتطبيق المادة 7 و8، ويندِّد بقائد الأركان ويطالب برحيله لكنه يشيد برابطة الأخوة بين الشعب والجيش، ويطالب برحيل نور الدين بدوي رئيس الوزراء الحالي، الذي كان وزير الداخلية السابق، لكنه يقدم الورود للشرطة. هذا الجمع بين المؤسسات القائمة والمطالبة بتغيير النظام سيضطره إلى الأخذ في الاعتبار القبول بإنشاء مؤسسات تحظى بثقة الطرفين". أما أرجح سيناريو -تضيف الدراسة- هو عبر الضمانات المتبادلة، إلا أن تحقيقه يعتمد على تماسك الحراك واستمراره وإصراره، وتفادي الجيش الصدام لأن تكلفته على تماسكه وسمعته ستكون أكبر من التنازلات التي يقدمها للحراك والمعارضة. وترى الدراسة أن هذا السيناريو "سيتحقق بالتدرج لأن قيادة الجيش وبقية أركان النظام القائم ستقاوم التغيير ولن تتنازل عن أي جزء من السلطة إلا إذا خافت أن يقضي عنادها على النظام بكامله". وستحرص قيادة الجيش، في هذا السيناريو، على أن "تكون آخر مركز في السلطة يتعرض للتغيير، وتقدم من أجل ذلك مواقع أخرى مثل رئاسة الوزراء والبرلمان والإدارات حتى تكسب متسعًا من الوقت لتحصين نفسها وتستنزف خلاله قوة الحراك وأحزاب المعارضة".