تسارع للأحداث وتصاعد لمطالب الشارع الجزائري منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فيفري 2019، إلى استقالة الرئيس بوتفليقة في 2 أفريل والمطالبة برحيل الباءات الثلاثة في الجمعة الأخيرة.. سبعة أسابيع من الأحداث التي شهدتها الجزائر، جعلتها تبدأ صفحة جديدة مفتوحة على جميع الاحتمالات، وفي هذا المقال تعود السياسي لتسليط الضوء على أبرز المحطات التي مر بها الشارع الجزائري منذ بدء الاحتجاجات. انطلق الحراك الشعبي في الجزائر، بحسب ما يؤكده عديد المراقبين، في بدايته متقشفاً، ليس في الوصف فحسب، بل أيضاً في المطالب، حيث بدت الجمعة الأولى يوم 22 فيفري 2019، تحمل مطلباً رئيسياً واحداً، هو سحب ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. وبحسب هؤلاء، فإن تحديد الهدف الرئيس والموضوعي المتعلق بسحب ترشح بوتفليقة، قد سمح للعامة بالتفاعل مع دعوات التظاهر، منذ الجمعة الأولى، حيث نزلت أعداد غفيرة رأت أنّ المطلب موضوعي، وقابل للتحقق، لاسيما أنّه لم ينزع نحو الغلو والمطالبات المسرفة في الأحلام، كما أنّ موضوعية المطلب قد وضعا النظام في موقف حرج. وتضاعفت أعداد المتظاهرين في الجمعة الثانية والثالثة، فلم يكن أمام النظام إلا التجاوب بشكل عملي، حيث تم سحب ترشح الرئيس بوتفليقة مع إعلان خارطة طريق ، تتضمن تأجيل موعد الانتخابات لفترة لاحقة، والتبشير بندوة وطنية تشرك الجميع، وتشرف على تعديل الدستور، وتشكيل اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات في موعد تحدده الندوة الوطنية ، وذلك لضمان الانتقال السلس والسلمي للسلطة (بحسب الخريطة التي اقترحها الرئيس). المطالب تنتقل لسقف آخر هذا الاقتراح الرسمي لم يجد تجاوباً من قبل الشارع في الجمعة الرابعة من الحراك، حيث بدا بحسب مراقبين أنه انتقل لسقف آخر من المطالب، حيث تجمع آلاف المتظاهرين في 48 ولاية، رافعين شعارات رافضة لتمديد العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، رغم أن الأخير حذر الشعب في رسالة بمناسبة عيد المرأة العالمي من الفتنة والفوضى، وهو لا يزال في سويسرا لإجراء فحوصات دورية. ودعا في رسالته إلى الحذر والحيطة من أن اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية، قد يؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات. وفي السياق، سجلت المظاهرات الاحتجاجية في الجزائر رقما قياسيا لأعداد للمحتجين في جمعتهم الرابعة، التي تعد الأولى بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات وتمديد ولايته. وردد المتظاهرون شعارات مناهضة لتمديد العهدة الرابعة، للرئيس بوتفليقة. وفي خامس جمعة على التوالي ورغم الأمطار وبرودة الطقس، احتشدت جموع من المواطنين في العاصمة ومدن عدة في أنحاء البلاد، تعبيرا عن رفضهم قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والمطالبة بتغيير النظام ورفض التدخلات الأجنبية، حيث ردد المحتجون شعارات تنتقد جولة نائب الوزير الأول رمطان لعمامرة التي تشمل روسيا وألمانيا وإيطاليا. وبعد مظاهرات الجمعة الخامسة، تدخلت المؤسسة العسكرية لأول مرة في النقاش الحاصل واقترحت تطبيق المادة 102 من الدستور لحل الأزمة، والتي تنص على إعلان شغور منصب الرّئيس. بعدها، احتشد مئات آلاف الجزائرين في مختلف الولايات، وفي السّاحات الرّئيسي بالبلاد، مطالبين في الجمعة السّادسة برحيل النّظام الحاكم وتفعيل المادة 07، التي تنص على أن الشّعب هو مصدر كل سلطة، كما ساند المتظاهرون مقترح الجيش الذي وصفوه بالدستوري والحل الامثل للازمة. وإذا كان شعار الجيش الشعب.. خاوة خاوة متداولا منذ انطلاق الاحتجاجات في 22 فيفري، فبدا منذ الجمعة السادسة لافتا، حيث تم رفع لافتات كتب عليها وأخيراً يفجرها الجيش الوطني الشعبي ، في إشارة لدعوة قائد أركان الجيش لتطبيق المادة 102 من الدستور. تسارع الأحداث وبعد مظاهرات الجمعة السادسة التي طالبت بتبني مقترح الجيش، تسارعت الأحداث بشكل كبير في بلادنا، حيث خرجت المؤسسة العسكرية ببيان ناري طالبت فيه بتطبيق المادة 102 و7 و8 من الدستور، وفضحت اجتماعا مشبوها للالتفاف حول مطالب الشعب الجزائري، قبل أن تصدر الرئاسة بيانا تؤكد فيه ان بوتفليقة سيستقيل قريبا بعد اتخاذ اجراءات لضمان استمرار مؤسسات الدولة بالعمل، كما تم الاعلان بعدها عن حكومة جديدة بقيادة بدوي مكونة من 26 وزيرا جديدا، لكنها شكلت لا حدث بالنسبة للجزائريين الذين اكدوا مواصلة الحراك إلى غاية تحقيق التغيير الجذري، وهنا قال رئيس أركان الجيش، الفريق ڤايد صالح، في بيان نادر من حيث حدة اللهجة، إن مسعى الجيش لتفعيل المادة 102 من الدستور قوبل مع الأسف الشديد بالمماطلة والتعنت، بل والتحايل من قِبل أشخاص يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها، لتعلن وكالة الأنباء الجزائرية يوم 3 أفريل أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أبلغ رئيس المجلس الدستوري، رسمياً، بقراره إنهاء عهدته الرئاسية، وذلك بعد ساعات من مهاجمة قائد الجيش الفريق أحمد ڤايد صالح، بشدة الأشخاص المحيطين بالرئيس الذين وصفهم ب العصابة التي نهبت البلد واستولت على قيادته ، وطالبهم بالتنحي فوراً. وفور إعلان الاستقالة الرسمية، شهدت العاصمة وعديد الولايات تجمعات احتفلت بتنحي الرئيس، وأطلقت سيارات أبواقها. لكن الأنظار اتجهت إلى موقف الشارع مما حصل، خصوصاً في مسيرات يوم الجمعة السابعة. وبالفعل، خرج الملايين من المتظاهرين، للجمعة السابعة على التوالي، في مسيرات سلمية جابت كل ربوع الوطن للمطالبة برحيل باقي وجوه النظام القديم وفي مقدمتهم من باتوا يعرفون ب الباءات الثلاثة ، وهم عبد القادر بن صالح والطيب بلعيز ونور الدين بدوي، فيما أشاد المتظاهرون مطولا بالجيش ودوره في الحفاظ على استقرار البلاد. هذا وتبقى الأنظار مشدودة إلى ما ستفرزه المظاهرات من مكاسب في أسبوعها الثامن الذي يتزامن مع استئناف الطلبة والتلاميذ لنشاطهم بعد عطلة مطولة، خصوصا في ظل الإصرار الذي أبان عنه المتظاهرون لمواصلة حراكهم السلمي إلى غاية تحقيق كل أهدافها.