ستواجه حكومة عبد العزيز جراد تحديا كبيرا على خلفية انهيار برميل النفط الذي هوى دون السعر المرجعي المعتمد في قوانين المالية والمقدر ب50 دولارا، في أعقاب فشل اجتماع "أوبك" وشركائها، لاسيما روسيا، في الاتفاق على خفض إمدادات النفط ولعوامل أخرى متصلة بتبعات انتشار فيروس "كورونا" والارتفاع القياسي لإنتاج الولاياتالمتحدة. ويشكل هذا العامل عنصرا مؤثرا، لاسيما أن الجزائر ستعاني من عاملين كابحين الأول متصل بمستويات الأسعار التي تؤثر على الإيرادات والثاني متصل بتراجع حجم الصادرات من المحروقات. تراجعت أسعار النفط أكثر من 9 بالمائة لتبلغ أدنى مستوياتها منذ منتصف 2017، بعد رفض روسيا اقتراح منظمة "أوبك" تعميق تخفيضات إنتاج النفط لتحقيق استقرار في الأسعار. وبعد رفض موسكو تأييد الدعوة لتخفيضات إضافية لإنتاج النفط مقابل موافقة فحسب على تمديد التخفيضات الحالية التي تنفذها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاؤها، المجموعة المعروفة باسم أوبك زائد، أنهت العقود الآجلة ل"برنت" تسليم ماي تعاملات أمس الأول منخفضة بنسبة 9.4 بالمائة أو 4.72 دولار إلى 45.7 دولارا، وتلك الأسعار هي الأدنى منذ جويلية 2017. وتواصل المنحى، أمس، حيث بلغ سعر برنت 45.27 دولارا للبرميل بخسارة 4.72 دولار ونسبة 9.44 بالمائة. بالمقابل، انخفضت العقود الآجلة لنايمكس متراجعة بنسبة 10.1 بالمائة أو 4.62 دولار عند 41.28 دولارا للبرميل، وهي أكبر خسارة يومية منذ 28 نوفمبر 2014. وعلى غرار برنت، فإن النفط الأمريكي سجل مزيدا من الخسائر، أمس، ببلوغه 41.28 دولارا للبرميل وخسارة تقدر ب4.62 دولار ونسبة انخفاض ب10.07 بالمائة، وهي مؤشر على أكبر خسارة يسجلها البرميل في ظرف زمني قصير منذ سنوات. وقد كانت "أوبك" أبلغت روسيا ومصدري النفط الآخرين يوم الخميس بأنها ترغب في خفض إنتاج النفط 1.5 مليون برميل يوميا إضافية حتى نهاية 2020، قائلة إن تحركا كبيرا بات ضروريا للتعامل مع تداعيات تفشي فيروس "كورونا" إلا أن فشل الاتفاق وجه إشارات سلبية جدا إلى السوق وتبعه انخفاض حاد للأسعار. وقد سبق لبنك غولدمان ساكس أن أشار في آخر تقرير له إلى أن التخفيضات المرتقبة لن تكفي لتراكم مخزونات النفط وأن تفشي فيروس "كورونا" وتحوله إلى وباء عالمي يقلص الطلب على العرض ويزيد تخمة المعروض بالسوق، متوقعا تراجع أسعار برنت إلى 45 دولارا للبرميل في أفريل القادم مقارنة بتقديرات سابقة عند 53 دولارا للبرميل، قبل أن تتعافى تدريجيا ل60 دولارا بحلول نهاية العام. وأمام هذه التطورات، ستجد الجزائر نفسها هذه السنة أمام معادلة صعبة. فإلى جانب توقع متوسط سعر نفط ضعيف في حال استمرار معدلات الأسعار على المدى المنظور على حالها، فإن معدل الإنتاج بالجزائر عرف انكماشا، فضلا عن مؤشرات الانخفاض المسجل في حجم صادرات المحروقات من نفط وغاز، علما أن متوسط سعر النفط الجزائري صحارى بلند بلغ، حسب تقديرات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، برسم عام 2019، نحو 64.49 دولارا مقابل متوسط بلغ 71.44 دولارا سنة 2018، أي بفقدان البرميل الجزائري قرابة 7 دولارات كمعدل سنوي. وإذا كان المعدل قد عرف تحسنا نسبيا ببلوغه في جانفي 65.28 دولارا للبرميل، إلا أنه كان متراجعا عن مستوى ديسمبر 2019 المقدر ب68.10 دولار. ومن المتوقع أن يسجل متوسط سعر النفط الجزائري بداية من الثلاثي الأول من السنة الحالية تراجعا بناء على التطور الذي يعرفه سوق النفط، وهو ما سيضع الحكومة تحت الضغط وهي التي تعكف على تحضير قانون المالية التكميلي ل2020، بل وستخلط الحسابات بداية بالسعر المرجعي المعتمد المقدر ب50 دولارا وتقدير الإيرادات المتوقعة وحجم العجز في الميزانية. ورغم التوجهات المعتمدة من قبل الطاقم الحكومي الجديد، التي ترتكز على كبح الواردات إلى أقصى مستوى لتقليص العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، إلا أن مثل هذا المسعى لن يكون له أثر كبير على المدى القصير، لاسيما مع انخفاض متوقع للعائدات.