قرابة عام يمر على حكومة عبد العزيز جرّاد.. كيف سيتصرف هذا الأخير عندما يحين موعد النزول إلى قبة البرلمان لعرض بيان السياسة العامة لطاقمه الحكومي وأدائه المثير للقلق والجدل؟ وكيف سيكون رد فعل البرلمان الذي يهتز منذ 2019 تحت وطأة تجريد أعضائه من الحصانة البرلمانية التي تلطخت بقضايا فساد، أم أن من تبقى منهم سيغمضون أعينهم مقابل قبض منحة نهاية العهدة في حال قرر الرئيس تبون حله وتنظيم تشريعيات مسبقة؟ هذه الأسئلة تظل بلا أجوبة إلى حد الآن، وذلك راجع إلى تغير جذري في تقاليد إدارة العلاقة بين الحكومة والبرلمان، ونظرا لغياب رئيس الجمهورية القسري من أجل العلاج من فيروس كورونا بألمانيا منذ أكثر من شهر. لكن ما ينص عليه الدستور، أن الحكومة مطالبة بالنزول إلى البرلمان وتقديم حصيلة أداء عام كامل، في شكل ملخّصات معززة بأرقام عن الإنجازات والإخفاقات، وتوضيح المبررات التي جعلت عجلة الاقتصاد متوقفة رغم القرارات التحفيزية التي أعلن عنها الرئيس تبون في بداية العام الأول من عهدته الرئاسية، والتي شملت القطاع الاقتصادي والاجتماعي بشكل أساسي. وفي رده على سؤال ل "الخبر" عن هذا الموضوع، قال النائب عن حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، إن حكومة جرّاد "غير منبثقة عن قاعدة سياسية وحزبية، فهي نتاج انتخابات رئاسية وليست تشريعية، بما تحمله تلك الرئاسيات من ثقل الانقسام السياسي والشعبي في الموقف منها، وتدني نسبة المشاركة الشعبية فيها بعد حراك شعبي مليوني". ويضيف حمدادوش أن "جدلا كبيرا ثار حول تشكيلة الحكومة التي جاءت بعد أقل من أسبوع على أداء الرئيس تبون اليمين الدستورية في 19 ديسمبر 2019، إذ منذ البداية، لاحظ الجميع بأنها تشكيلة تكنوقراطية وركّبت على أساس الولاءات وليس الكفاءات، وهو ما اتضح في أدائها المتواضع، وبعض الإخفاقات والفضائح المرتكبة من طرف بعض وزرائها". وبرأي ذات المتحدث، فإن حكومة جرّاد لم تختلف عن سابقاتها، مرجعا ذلك إلى أن مخطط عملها "شبيه إلى حد كبير بباقي مخططات الحكومات السابقة، غلب عليه الطابع الإنشائي العام مفتقرا للأرقام والإحصائيات والأهداف والالتزامات القابلة للتنفيذ والتقييم والمتابعة والمراقبة والمحاسبة"، وهو ما يجعل حمدادوش وباقي زملائه في البرلمان عن حركة "حمس" يترددون في التفاؤل بنزول عبد العزيز جراد إليهم "لتبرير ما لا يمكن تبريره"!. وحسب حمدادوش، فإن أزمة كورونا وملف الدستور الجديد، أهم عاملين يمكن محاسبة حكومة جراد عليهما، خاصة وأنهما كانا بمثابة الرهان الحاسم وسبب البقاء ولو سياسيا. إذ يرى بأن الحكومة "أخفقت في مواجهة أزمة كورونا وإدارة ملف الدستور، بالإضافة إلى تواضع معالجتها لأزمات بسيطة مثل ندرة السيولة النقدية والحرائق والانقطاعات في الكهرباء والمياه والأنترنت، والاختباء وراء ستار المؤامرة وأذناب العصابة". ويتابع حمدادوش، أن الوزير الأول يدرك أن "أرقام حكومة جراد لن تجد من يثق فيها"، لافتا النظر إلى عدم الرضا عن قانون المالية وعدم المصداقية في معالجة الاختلالات السالفة الذكر، وتداعياتها الاجتماعية، كالبطالة وتباطؤ النمو ومعدل التضخم، ناهيك عن عدم احترام الحكومة التزاماتها الدستورية في التعاون والتكامل مع مؤسسات الدولة الأخرى، وعلى رأسها العلاقة مع البرلمان في التكفل بانشغالات المواطنين عبر ممثليهم من النواب، وهو ما يضعف المركز الدستوري والسياسي والوظيفي لمؤسسات الدولة برمتها. كل هذا يجعل حمدادوش وكثير من المراقبين، يترقبون الرحيل الحتمي لهذه الحكومة، "بغير أسف عليها، فهي ليست في مستوى تطلعات الشعب الجزائري، ولا في مستوى تحديات الأزمة الداخلية متعددة الأبعاد، ولا في مستوى مواجهة المخاطر والتهديد الخارجي.