بحثت الدورة التأديبية للمجلس الأعلى للقضاء، المنعقدة أول أمس بالعاصمة، ملفين يتعلق الأول برئيس نادي قضاة الجزائر سعد الدين مرزوق، الذي أدين في قضية أولى واستفاد من البراءة في ثانية، فيما تأجل النظر في أخرى. كما تمت مناقشة ملف قاضية وهران المتهمة بتسريب وثيقة إلى مواقع تواصل اجتماعي، واِستعملت "سياسيا". وأوضح عضو هيئة دفاع مرزوق، المحامي محمد الهادي بريم، ل"الخبر"، بأنّ موكله أدين في القضية الأولى بتهمة ارتكاب خطأ مهني يتعلق بقرار اتخذه كقاضي تحقيق، يخص تجديد حبس مؤقت، إذ رأى بأنّ هناك خطأ ارتكبته قاضية تحقيق خلفته بعد خروجه في عطلة، حيث قامت بتمديد الحبس الاحتياطي مرة ثانية (أربعة أشهر أخرى)، لكن المتهم المعني مُتابع بجنحة (رغم تورطه رفقة آخرين في قضية جنائية) ولا يمكن التمديد له أكثر من مرّتين. وفي المرافعة التي استمرت أكثر من 8 ساعات، ذكرت هيئة دفاع مرزوق، حسب بريم، بأنه قام بإحالة القضية على غرفة الاتهام، وقامت غرفة الاتهام بدورها بإحالتها على محكمة الجنايات، حيث أطلق سراح الضحية الذي لم يرفع لا هو ولا دفاعه شكوى، وحكم على مرزوق بالفصل لمدة ستة أشهر مع نصف الراتب. أما القضية الثانية، يوضح نفس المتحدث، فتتعلق بإيداع مرزوق لشهادة طبية للخروج في عطلة لمدة شهر، ثمّ إيداع شهادة طبية أخرى للخروج لشهر ثان، وتوبع لكونه تلقى خلال فترة العطلة الأولى توقيفا عن العمل، وأنه مع ذلك أودع الشهادة الثانية، وتم التحقيق معه ومع الطبيب بشبهة "منح شهادة مجاملة"، وهي القضية "التي نطق فيها رئيس المحكمة العليا بالبراءة في حق مرزوق". في حين، يضيف نفس المصدر، "تم تأجيل البث في القضية الثالثة، وهي "الإخلال بواجب التحفظ والتهجم على شخصيات في الدولة، قضية سياسية، وترأس في تنظيم غير قانوني (نادي القضاة)، فتم تأجيلها إلى الدورة المقبلة والتي يحدد تاريخها رئيس الجمهورية. وتمسك المحامي بريم، بكون موكله "توبع بسبب مواقفه وليس بسبب أخطاء نسبت إليه"، وبسبب "معارضته للعهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وتسببه في إبطالها بإعلان رفض القضاة الإشراف عنها، مثلما تسبب في إبطال انتخابات 4 جويلية 2019"، والدليل –يضيف- "أن قاضية التحقيق التي تسببت في الخطأ في القضية الأولى لم تُتابع، بعدما قامت لدى تلقيها لاستفسار من طرف رئيس المجلس، برد فيه اعتذار، فوجه لها إنذار"، فيما "توبع مرزوق لأنه لم يعتذر"، ما وصفه محدثنا ب"الإخلال بمبدأ المساواة"، مضيفا أنه حتى "وكيل الدولة المفترض أن يراقب ملف ضحية الحبس الاحتياطي في القضية لم ينتبه إلى وجود حبس تعسفي". وأكد بريم بأنّ رئيس المحكمة العليا تحكم في الوضع وكان محايدا. من جهة ثانية، تحدث مصدر ل"الخبر" عن قضية ثانية بارزة ناقشتها الدورة التأديبية، وهي ملف "قاضية وهران" المتهمة بتسريب وثيقة لوسائل التواصل الاجتماعي، ويتعلق الأمر (حسب الوقائع المذكورة في الملف) بقاضية قالت في اجتماع الفرع النقابي لنقابة القضاة تعليقا على حادثة اقتحام مصالح الدرك الوطني لمجلس قضاء وهران بأمر من النائب العام، "كيف سأعمل مع هذا النائب العام؟"، ونقل حديثها إلى النائب العام الأخير الذي وجه لها استفسارا (عبر الفاكس) ورد فيه "ما هي الصعوبات والمشاكل التي تلاقينها حتى لا تعملين معي؟"، وهو الاستفسار الذي تسرب ونشر عبر مواقع تواصل اجتماعي، فتم تفتيش مكتبها من طرف وكيل الجهورية ثم منزلها، ثم أخضع هاتفها إلى الخبرة، وتم البحث عن هاتف آخر كانت تملكه منحته لابن أخيها، الأخير الذي باعه لشخص لا يعرفه (حسب التصريحات الواردة في الملف)، وهو ما اعتبر دليل إدانة في حق القاضية التي أكدت أنّ مكتبها تتقاسمه مع أربع قضاة آخرين، وبالتالي "لا دليل إدانة في حقها". ويُنتظر أن تستمر مناقشة ملفات القضاة المحالين على الدورة التأديبية الحالية للقضاة، لقرابة الأسبوع.