الصراع القائم بين رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم والسلطة العمومية ممثلة في وزير الشباب والرياضة، بشأن ذلك المشروع المتعلق باعتماد القانون الأساسي الجديد ل"الفاف" من عدمه، قبل أشغال الجمعية العامة الانتخابية، حاد عن جانبه الرياضي والقانوني واختار خير الدين زطشي بموقفه المتعنت والغريب جرّ السلطة العمومية إلى "ميدان معركة.. كسر العظام"، حين راح يضع "عن سوء نية" هيبة الدولة وسيادتها على المحكّ، وهو يتمادى في توظيف ورقة التخويف بالمدرّب جمال بلماضي وبعقوبات "مزعومة" من "الفيفا" لتمرير مشروعه "الديكتاتوري"، رغم أنف السلطة. ولأن تسارع الأحداث و"حرب" البيانات "المسرّبة" عن طريق "أبواق" اتحادية زطشي، حجبت الرؤية إلى حين، عن نقاط مهمة تتعلّق ب"الأوراق" التي تلعبها "جماعة زطشي" من أجل "إهانة" السلطة العمومية، فإن مجرّد التأمل في محتوى وتوقيت ذلك البيان المزعوم من "الفيفا" بتاريخ 16 أكتوبر 2020، والذي يرتكز عليه خير الدين زطشي، ليس بنشره على موقع "الفاف"، إنما عن طريق "الدعاية الموازية" بأشخاص محسوبين "عنوة" على قطاع الإعلام، يقدّم دلالات واضحة على أن "الزج" بالهيئة الكروية الدولية في قضية تتعلق باتحادية واحدة دون ال210 اتحادية الأخرى المنضوية تحت لوائها، لم يكن على الإطلاق "حدثا بريئا"، بل إن البيان نفسه الذي يحمل إمضاء المدعو فيرون موسانغو أومبا مدير قسم الجمعيات صاحبة العضوية، ومنذ سطره الأول، يفضح رئيس "الفاف" خير الدين زطشي ويجعل الحجة عليه قائمة بشأن تورطه في "تحريك" الهيئة الكروية الدولية لضرب الجزائر ومعاقبتها رياضيا. ولعل ذلك الحرص على اختيار هذا المدعو موسانغو، المحسوب على "الفيفا"، لعبارات تهديد السلطة العمومية بعناية، من خلال المراسلة التي تعود إلى تاريخ 16 أكتوبر 2020 والموجهة إلى عنوان البريد الإلكتروني للأمين العام ل"الفاف" محمد ساعد، هو الذي فضح أكثر زطشي وموسانغو، كون ممثل "الفيفا" ومن مجموع 211 اتحادية رياضية، ترك الانطباع وهو يذكّر بتاريخ 20 مارس 2017 الذي بدأ فيه خير الدين زطشي عهدته، ويستدل ضمنيا بالمذكرة المنهجية لوزير الشباب والرياضة التي يحدد فيها تجديد الهياكل الرياضية الجزائرية في بداية الثلاثي الأول من سنة 2021، ثم يشير إلى زيارة المجاملة لممثلي "الفيفا" ما بين 20 و22 نوفمبر 2019 (في عهد الوزير السابق رؤوف سليم برناوي)، إلى وزارة الشباب والرياضة، بأنه تلقى مضمون المراسلة من "أصحاب الشأن"، ولم يكن عليه سوى إعادة صياغتها على ورقة تحمل اسم "الفيفا" وإمضائه وختمه لإضفاء الجانب الرسمي عليها، لجعلها "ورقة ضغط" مشبوهة ل"الفاف" على السلطة العمومية.
أربعة أيام تفصل بين إيداع "الفاف" للنسخة على مستوى الوزارة وبيان أول تهديد ل"الفيفا"..
واللاّفت للانتباه في تلك المراسلة، بدايتها "الغريبة"، فقد استهل "الكاتب العمومي" خطابه الموجه ل"الفاف" بما يلي.. "في 15 جوان 2020 وجّهنا لكم مراسلة التي أدرجناها كملحق في المراسلة الحالية، كتذكير، لحثكم على اتخاذ الإجراء المناسب بشأن مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي ل"الفاف" لتكييفه مع مبادئ ومتطلبات الفيفا.."، وهو اعتراف صريح من "ممثل الفيفا" على أن "الفاف" تلقت مراسلتين، من هذا موسانغو، الأولى بتاريخ 15 جوان 2020 والثانية بتاريخ 16 أكتوبر 2020، في حين أن رئيس "الفاف" نفسه يعترف في بيان نشره بتاريخ 3 فيفري 2021 على موقع "الفاف"، بأنه أودع لأول مرة النسخة النهائية لمشروع تعديل القانون الأساسي للاتحادية على مستوى وزارة الشباب والرياضة يوم 11 جوان 2020. ما يجعل من الفارق الزمني بين إيداع زطشي للقانون الأساسي على طاولة الوزير سيدعلي خالدي (11 جوان 2020) وبين مراسلة التهديد بعقوبات من طرف المدعو فيرون موسانغو أومبا (15 جوان 2020) أربعة أيام فقط، وهي فترة زمنية قصيرة جدا، لم تكن تستدعي قراءات "سلبية"، لا من "الفاف" ولا من "الفيفا"، حول أي تماطل مزعوم من السلطة العمومية، إلا إذا كانت كرونولوجيا الأحداث تقدّم حقيقة "النوايا السيئة" لرئيس "الفاف"، وتجعل من بيان "الفيفا" بتاريخ 16 أكتوبر 2020 والمسرّب من طرف "أبواق" رئيس "الفاف" ويحمل اعترافا "رسميا" بوجود مراسلة أولى من "الفيفا" حول ذات القضية بتاريخ 15 جوان 2020، يفقد المصداقية بل ويتحوّل ليس إلى حجة لزطشي، بل إلى دليل إدانة واضح ضده. وباستعادة شريط الأحداث شهر جوان 2020، نتذكّر "الحيثيات" التي أقدمت فيها "الفاف"، وقتها، على إيداع "الوثيقة النهائية" لمشروع تعديل القانون الأساسي ل"الفاف"، فقد شهدت تلك الفترة موقفا واضحا وصريحا من وزير الشباب والرياضة سيدعلي خالدي، رافضا "ضرب" سيادة الدولة، وقبول مساومة رئيس "الفاف" للسلطة العمومية، كون "النسخة النهائية" للمشروع، وباعتراف خير الدين زطشي نفسه في بيانه المنشور يوم 3 فيفري 2021، "لم تمرّ" قبل إرسالها إلى "الفيفا" لاعتمادها على السلطة العمومية، للتأكد من أن التعديلات لا تتعارض مع قوانين الجمهورية، خاصة المرسوم التنفيذي للاتحادات الرياضية الوطنية 14/330 والقانون الأساسي النموذجي الذي يتضمنه المرسوم كملحق، وهو موقف الوزير الحازم الذي أربك زطشي و"جماعته"، وقرر في تلك الفترة "شن هجوم مضاد" لإحراج ممثل السلطة العمومية، من خلال إيداع النسخة النهائية (مثلما جاء في بيان الاتحادية) على مستوى الوزارة بتاريخ 11 جوان 2020، بما سوّقه زطشي على أنه تحدّ معلن للدولة. وعندما تدفعنا الأحداث اليوم وتسلسلها إلى "نقطة نظام"، ندرك بأن إيداع القانون الأساسي، أو نسخته النهائية في تلك الظروف، من طرف "الفاف" على مكتب الوزير، لم يكن سوى "مخطط" للتصعيد من طرف زطشي و"جماعته" وأبواقه أيضا، كون مراسلة "الفيفا" بتاريخ 16 أكتوبر 2020 التي يقر من خلالها صاحبها بأن ثمة مراسلة أولى بتاريخ 15 جوان 2020، هي "الحلقة المفقودة" التي تدين خير الدين زطشي، وتثبت تورطه في "تحريك" الاتحادية الدولية لكرة القدم، بل واستغلال سلطتها عن طريق مجرّد موظف فيها، لمساومة السلطة العمومية ووضعها بين خيارين، إما اعتماد القانون الأساسي الجديد المتعارض مع قوانين الجمهورية البقاء في كرسي "الفاف"، أو تعريض مصلحة الجزائر رياضيا إلى عقوبات "مزعومة" من طرف هذا المسمى فيرون موسانغو أومبا، كون المفارقة تبقى "غريبة" حين تستعمل "الفيفا" لغة التهديد ضد أية اتحادية وطنية، وتحمل مراسلتها موقفا مستبقا على أن السلطة العمومية تعرقل مسار اعتماد مشروع القانون الأساسي، بعد أربعة أيام فقط على تلقي الوزارة للنسخة النهائية من "الفاف"، وهي الحقيقة التي تقودنا إلى قناعة راسخة بأن "الفيفا" تحرّكت ب"وشاية" و"بفعل فاعل" وأن محتوى البيان تمت صياغته في الجزائر أو على الأقل تم تقديم مضمونه من "أصحاب مصلحة"، لتدوينه فقط في وثيقة رسمية باسم "الفيفا"، قصد إعطائه ذلك "الثقل" لتخويف السلطة العمومية، ليكون المختصر المفيد في القضية أن الكرة الجزائرية تتعرّض لمؤامرة.
وصول تهديد "الفيفا" ستة أشهر قبل نهاية "الآجال" يطرح تساؤلات
ومَن يعرف "الفيفا" وطريقة تعاملاتها مع الاتحادات ودقة مراسلاتها، يقتنع بأن ما كتبه فيرون موسانغو أومبا يوم 16 أكتوبر 2020 وحمل توقيعه بصفته مدير قسم الجمعيات صاحبة العضوية في "الفيفا"، كان "مراسلة تحت الطلب"، فالرجل يحدد في البداية آخر أجل لاعتماد القانون الأساسي الجديد ل"الفاف" بنهاية سنة 2020، ويؤكد بأن ذلك الموعد تم تحديده في المراسلة الأولى من "الفيفا" إلى "الفاف"، وعندما يكون الفارق الزمني بين المراسلة الأولى ل"الفيفا" بتاريخ 15 جوان 2020 ونهاية سنة 2020 هو ستة أشهر و15 يوما، نتساءل عن "التسرّع" ليس في إرسال بيان تذكير ل"الفاف" في التاريخ الأول فحسب، إنما نتساءل أيضا عن أسباب "التهديد" و"التخويف"، طالما أن أكثر من نصف سنة كمهلة، كافية جدا لإحداث أي تعديل، خاصة وأن "الكاتب العمومي" ل"الفيفا" اعترف بنفسه، وخلال مراسلته الثانية بأن "الفيفا" تقدّر تعذّر القيام بالإجراءات المطلوبة، في الفترة التي سبقت جوان 2020 بسبب جائحة "كوفيد-19"، ما يضعه، من حيث لا يدري، في تناقض صارخ ومفضوح. ثم إن القراءة المتأنية في البيان الثاني، تبرز "تخبط" هذا موسانغو، ففي البداية يحد صراحة آخر أجل لعقد جمعية العامة استثنائية لتكييف القانون الأساسي ل"الفاف" مع قوانين "الفيفا" بنهاية سنة 2020، ثم يقدّم في نهاية بيانه المثير للجدل، موعدا آخر، حين ترِد فقرة أخرى تنص على أنه "في حال عدم اعتماد القانون الأساسي الجديد ل"الفاف" قبل موعد الجمعية العامة الانتخابية ل"الفاف" في 2021، سنضطر لعرض ملف "الفاف" على الهيئات المختصة ل"الفيفا" لاتخاذ القرار المناسب، بمعنى أن "التباين" في حسم "آخر أجل" من طرف ممثل "الفيفا"، وفي المراسلة الرسمية ذاتها، هو أكبر دليل على أن البيان يحمل في عباراته وبين سطوره "رائحة زطشي"، خاصة وأن نهاية السنة انتهت وقد بلغنا تقريبا منتصف الشهر الثاني من سنة 2021، وموقف الوزير بقي ثابتا، وهو (الوزير) يتجه لفرض هيبة الدولة الجزائرية وضمان تنظيم انتخابات "الفاف" بطريقة ديمقراطية، وقد حدد أصلا موعد الجمعية العامة الانتخابية ما بين 20 مارس و15 أفريل 2021، و"أسطول" الهيئة الكروية الدولية لم يصل إلى سواحل "سيدي فرج".
ممثل "الفيفا" يحمي مرشح "السلطة العمومية" السابقة
من الغريب أيضا تلك التفاصيل الدقيقة عن عهدة زطشي وتاريخ انتخابه وصراعه مع الوزارة التي تضمنتها مراسلة "الفيفا" وقد سردها "مجرّد" مدير أحد أقسامها له من الاتحادات 211 تستدعي المتابعة، دون أن تخنه ذاكرته أو تخال "فيرون" بلغته "نسخة مشوهة" من مسيرة زطشي، تعرّض ل"مقص الرقابة"، فغابت تفاصيل أخرى عن المراسلة تدين "صاحبه"، وكانت تستدعي في 20 مارس 2017، تدخل "الفيفا" ولو ببيان تهديد من هذا النوع، بسبب إمضاء عبد المجيد جبّاب المدير العام للرياضات في عهد الوزير الهادي ولد علي، على قائمة حضور الجمعية العامة الانتخابية ل"الفاف" التي أفرزت لنا زطشي رئيسا، أو بسبب مراسلة الوزير الهادي ولد علي نفسه لرئيس لجنة الترشيحات علي باعمر يأمره بالعودة لترؤس أشغال الجمعية العامة الانتخابية، طالما أنهما دليلان على تدخل السلطة في انتخاب الرجل رئيسا ل"الفاف"، وبطريقة "غير ديمقراطية" شهدت رفض ترشيحات منافسيه ومنْح زطشي بالمقابل "أفضلية" تغيير أربعة من أعضائه بعد نهاية مهلة الترشيحات في 12 مارس 2017. وهو موعد ميزته أيضا "فرض السلطة العمومية" في ذلك الوقت تاريخا للانتخابات يتنافى مع أحكام القانون الأساسي ل"الفاف" الذي اعتمدته "الفيفا" في 2011 والذي ينص صراحة على أن المهلة ما بين آخر جمعية عامة عادية والجمعية العامة الانتخابية هي 60 يوما (بالتمام والكمال)، فيما عقد محمد روراوة وقتها الجمعية العامة العادية يوم 27 فيفري 2017، ومنح مهلة 21 يوما لعقد الجمعية العامة الانتخابية للاتحادية، عندما حدّد آنذاك تاريخ 20 مارس 2017 كموعد لتنظيمها (الانتخابات)، بما يتعارض مع المهلة التي ينص عليها القانون الأساسي ل"الفاف".. وحين رفض رئيس لجنة الترشيحات علي باعمر ذلك، تدخلت السلطة العمومية ونصّبت حسان حمّار رئيس لجنة الطعون بديلا عنه، وضغطت على أعضاء الجمعية العامة يوم الانتخابات، عن طريق عبد المجيد جبّاب والولاة من أجل التصويت على "مرشح السلطة" في ذلك الوقت. "الفيفا" التي لم تهدد الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد "الإنزال" الذي شهده أحد فنادق سويسرا في 2016 لاعتقال "مشبوهين" من أعضاء مكتبها التنفيذي، ولم تحتج على السلطة السويسرية بعد متابعة رئيسها جياني أنفانتينو قضائيا، لا يمكنها أن تأمر الاتحادات بعدم احترام قوانين بلدانها، بدليل أن المادة الأولى من قانون "الفاف"، القديم والجديد، يتضمن ذلك مثلما يتضمن على الدوام لجان مستقلة لتنظيم الانتخابات بشهادة "الفيفا" التي اعتمدت القانون الأساسي ل"الفاف" سنة 2011، ما يُفقد الفقرة التي كتبها فيرون في مراسلته بقوله إن القانون الأساسي الجديد "يضمن انتخابات ديمقراطية ونزيهة وبلجان انتخابية مستقلة". ما يحدث مع تصعيد خير الدين زطشي وتهديده للسلطة العمومية واستعداده لتعريض الجزائر، من وجهة نظره، إلى عقوبات مزعومة من "الفيفا"، يجعل القضية "سياسية" أكثر منها "رياضية"، بعدما تجاوز رئيس "الفاف" الحالي الخطوط الحمراء، بسبب رغبته "المَرضية" في البقاء في كرسي وفرض نظام ديكتاتوري في جمهورية ديمقراطية، وهو واقع خطير يضع السلطة أمام حتمية التأكيد بأنها الأقوى وبأن سيادة الدولة هي الأعلى، وقد طفح الكيل من أشباه مسيرين.. انتفعوا من الاتحادية الكروية وجلبوا العار للدولة الجزائرية.