تجري اليوم أشغال الجمعية العامة الانتخابية للاتحادية الجزائرية لكرة القدم بفندق الشيراتون في الجزائر العاصمة بداية من الساعة العاشرة مساء، وتقترح على أعضاء الجمعية العامة، مثل بقية الدورات الانتخابية السابقة، مرشحا واحدا لا يقبل القسمة على اثنين، تكون فيه "التزكية" هي "الخيار المحتوم" على "أصحاب السيادة" المزعومة، لمنح تلك الشرعية المرجوة لرئيس ومكتب "معيّن" لا يستوفي الشروط القانونية للترشح. حتى وإن كان أعضاء الجمعية العامة ل"الفاف" يُدركون مسبقا بضرورة منح أصواتهم للمرشح الوحيد عمارة شرف الدين لخلافة زطشي خير الدين في رئاسة اتحادية كرة القدم، ويعلمون أيضا بأن "سيادتهم" تأتي في آخر اهتمامات السلطة، بل إنهم "سعداء" بلعب دور "الكومبارس" في جمعية "ذات سيادة وهمية"، إلا أن ذلك الاتفاق "المعنوي" بين السلطة والمكتب المنتهية عهدته وأعضاء الجمعية والصحافة الرياضية والرأي العام وكل الفاعلين في الكرة الجزائرية، يدفع هؤلاء عن طريق التصريحات أو الكتابات أو التعليقات، إلى الاشتراك في لعبة الترويج للجانب الديمقراطي المزعوم لأشغال الجمعية العامة الانتخابية، وجعل الاعتقاد يسود بأن "السوسبانس" سيكون حاضرا وبقوة في عملية تجديد الهياكل، حتى كدنا نقتنع حقا بأن الانتخابات ستشهد صراع برامج بين "عمارة" و"شرف الدين"، على يكون "الأفضل بينهما" هو الذي سيخلف "ديدين" على رأس الاتحادية. شرف الدين عمارة هو اسم واحد وليس اثنين، وقد تم "الاتفاق" عليه لخلافة خير الدين زطشي بنفس طريقة انتخابات 20 مارس 2017، أي بطريق مفتوح ومن دون أيّ منافس في "معترك الصندوق"، بحثا عن تزكية "مرشح معيّن"، وهو إجراء تحوّل على ما يبدو، إلى تقليد منذ عهد محمد روراوة، فأضحى الولاء إلى الشخص أو الاستقرار على مواصفات "الشخص"، هو المعيار الرئيسي بل الوحيد في مختلف الجمعيات العامة ل"الفاف"، وبقيت الكرة الجزائرية منذ أكثر من عشرين سنة، وهي تعتقد بأن انتقال الجمعيات العامة فيها من "الفوضى" إلى "الهدوء" مؤشر على "التقدّم"، رهينة تركيبة تمثل أدنى درجات هرَم المنافسة في الجزائر، وهي لا تجد حرجا في أن تكون قراراتها.. "كلها مع الواقف..". وبالرغم من انتشار خبر اختيار وطريقة اختيار شرف الدين لرئاسة الاتحادية بين كل الجزائريين، وإلمام الرأي العام الرياضي بأدق التفاصيل حول "رفض" جمال بلماضي خيار عنتر يحيى، وما فعله وليد صادي و"جماعته" لضرب يحيى وكل مَن كان يهدد، حسب قناعته، حظوظه في خلافة خير الدين زطشي وعودة "أصدقاء" محمد روراوة، وبالرغم أيضا من إدراك الجزائريين بأن شرف الدين عمارة "ما هو سوى "خيار توافقي" أملته مرحلة "حساسة"، في نظر السلطة، سببها "الخوف" من ورقتي "الفيفا" ومن بلماضي التي يصر زطشي و"جماعته" على توظيفها لآخر لحظة للبقاء، إلا طريقة "تسويق" خليفة زطشي للرأي العام، لم يعُد مدعاة للضحك، بل هو واقع يدفعنا لذرف الدموع على حال كرتنا التي تحوّلت إلى "سيرك" فيه تُشاهَد كل العروض "المجنونة"، أبرزها "الاختيار" بين "مرشح واحد..". تحت غطاء "التعيين"، الجمعية العامة ل"الفاف" لا تملك خيارا سوى تزكية شرف الدين عمارة، أو بالأحرى "الأمر الواقع"، طالما أن تلك السيادة التي يمنحها لها المشرّع لم يتم توظيفها يوما من أجل خدمة وتطوير كرة القدم الجزائرية بمحاسبة المكتب والرئيس المنتخبين، بل هي سيادة تم منحها لمن هم فاقدي "الأهلية"، ومن ثمة لم يعُد الأمر يحمل عامل المفاجأة، ونحن نسوّق لانتخابات "الفاف"، المقررة اليوم، على أنها ديمقراطية أو أن هناك ما يُبقي على حالة الترقب إلى حين الانتهاء من عملية التصويت، على اعتبار أن "الأوراق" حُسِمت "على أعلى مستوى"، ووقع الاختيار على شرف الدين عمارة ليكون رئيسا جديدا ل"الفاف" قبل "استشارة" أصلا أصحاب السيادة. الانطلاقة الخاطئة في عملية تجديد الهياكل بالنسبة لاتحادية كرة القدم لا تقدّم سوى مؤشرات واضحة على أن "الأسباب نفسها لا تؤدي إلا للنتائج نفسها"، فالجمعية العامة التي قامت بتغيير بعض اللاعبين واحتفظت بخطة اللعب ذاتها، تتضمن خروقات قانونية بالجملة، تتعلق بعدم أحقية عمارة وأعضاء من مكتبه في الترشح أصلا، وهو اعتراف واضح بأن عهدة شرف الدين لا يمكن أن تحمل بوادر "آفاق جديدة" ومكتبه الفدرالي الذي "فُرِض عليه" يضم ستة أعضاء من المكتب "القديم"، بل إن "استشارة" المدرب الوطني وليس الجمعية العامة، وحده يكفي لأخذ صورة واضحة المعالم على واقع كرة القدم الجزائرية الذي لم يتخلص بعد من "النظرة السياسية" ومن حرب "المصلحة" الأبدية ومن الخطابات الشعبوية، وقد ألحق بها زطشي اليوم "لغما جديدا" بعد التهديدات بالاتحادية الدولية، ونعني به حق "الفيتو" للمدرب جمال بلماضي الذي بدا أن "صوته" يعلو حتى على سيادة الجمعية العمومية وعلى قوانين الجمهورية.