التهبت أسعار السيارات المستعملة في السوق الوطنية بشكل كبير جراء حالة الندرة المتواصلة منذ ما يزيد عن 3 سنوات، بعدما أغلق باب استيراد السيارات الجديدة، وتجميد نشاط ما أطلق على تسميته بمصانع التركيب المحلية، في وقت تعاني الحظيرة الوطنية من نقص فادح في عدد المركبات، ما خلق اختلالا كبيرا بين العرض والطلب أدى إلى تضاعف في أسعار السيارات المسوقة محليا. وبناء على المعطيات، فإنّ المواطن لا يكاد يجد سيارة مقبولة في السوق الوطنية يقل سعرها عن 100 مليون سنتيم، بصرف النظر عن حجمها، قوة المحرك أو سنة دخولها السير، التي عادة من تشكل معايير تحديد سعر السيارة المعروضة للبيع من قبل الخواص، ومن ثمة فإنّ بعض الأسواق الأسبوعية التي لا تزال تنشط في الفترة الحالية في مجال بيع وشراء السيارات المستعملة، تعرف عزوفا كبيرا من قبل روادها لإتمام صفقات الشراء، بينما يكتفي الزوار بمجرد التجوال بين السيارات المعروضة والوقوف على أسعارها المبالغ فيها. ويؤكد بعض زوار سوق تيجلابين مثلا في ولاية بومرداس، ممن تحدثت إليهم "الخبر"، على أنّ السوق لا تتم فيه صفقات الشراء إلا نادرا، في ظل الغلاء الكبير وغير المبرر في أسعار السيارات، الأمر جعلهم يعودون في كل مرة أدراجهم من دون شراء سيارة بعد إمضائهم لساعات تبدأ من الصباح الباكر إلى قرابة منصف النهار، بحثا دون جدوى عن الفرصة المناسبة، ومن الناحية المقابلة برّر البائعون اعتمادهم على أسعار مرتفعة وتفضيلهم التمسك بها وعدم تخفيضها ولو على حساب إتمام الصفقة، بالقول بأنّ "بورصة" السوق الحالية تنص على ذلك، وأشاروا إلى أنّ بيع السيارة المعروضة بأسعار أقل يعني تكبد خسارة –حسبهم- عند شراء سيارة في مقابلها إثر ذلك. ومن جراء هذه الوضعية، يفضل العديد من المواطنين الراغبين في اقتناء سيارة الاعتماد على المواقع الإلكترونية المتخصصة في مجال بيع وشراء السيارات، لتفادي تكاليف وجهد ووقت التنقل إلى الأسواق الأسبوعية المعروفة بتجارة السيارات المستعملة، وبالتالي التواصل مع البائع مباشرة عن طريق الهاتف قصد الاتفاق على موعد لمعاينة المركبة مباشرة بعد الاطلاع على صورها على مستوى الموقع، إلا أنّ تصفح إعلانات البيع المعروضة على هذه المواقع يؤكد الوتيرة التي تعرفها هذه الأسعار، لتجعل مرة أخرى حلم الحصول على السيارة بعيد المنال. وفي ظل هذه الظروف، فاقت أسعار السيارات القديمة المستعملة أسعارها عند خروجها من المصنع بدلا من انخفاض أسعارها مع مرور سنوات الاستعمال وعدد الكيلومترات التي قطعتها في معادلة غريبة تكشف حجم الاختلال الذي تعاني منها السوق الوطنية في الوقت الحالي، فمثلا سيارة "إيبيزا" التي خرجت من "مصنع" سوفاك بولاية غليزان 180 مليون سنيتم سنة 2018، فاق سعرها حاليا 220 مليون سنتيم، أي ارتفاع ب40 مليون سنتيم، على الرغم من أنّ العديد من الخبراء يؤكدون على أن أسعار المصانع آنذاك كانت مبالغا فيه، وهو الأمر الذي لا يجد مبررا له إلاّ في تظافر حالة الفوضى والندرة والاختلال في معادلة العرض والطلب، التي تذهب كل المؤشرات إلى أنها ستتواصل لفترة مقبلة، بينما يستمر تماطل السلطات العمومية في فض هذا الملف والفصل فيه نهائيا، وتأطير نشاطه وتحديد مهام وأدوار كل الفاعلين.