قبل خمسة أيام أُعلن في الولاياتالمتحدة عن انهيار بنك سيليكون فالي الأمريكي، بعدما قام المودعون بسحب نحو 42 مليار دولار دفعة واحدة، وذلك إثر تكبد البنك خسائر فادحة بلغت نحو 15 مليار دولار وتراجع قيمة السندات التي بحوزته، وتبع ذلك انهيار بنكين آخرين هما "سيغنانور" و"سيلفرغايت". وتردد صدى هذا الانهيار في الأسواق المالية العالمية التي بدت وكأن أزمة جديدة تحاصرها على غرار تلك الأزمة التي شهدها العالم قبل 15عاماً وبالتحديد سنة 2008 وألقت الأزمة المستجدة بضلالها على منصات عالم المال والأعمال في مختلف أنحاء العالم. فقد تراجعت أسهم بنوك حول العالم رغم تطمينات أمريكية بأن النظام المالي في الولاياتالمتحدة "آمن" ويأتي ذلك بعد أن اضطرت السلطات المعنية في الولاياتالمتحدة لحماية إيداعات العملاء بعد انهيار بنوك سيليكون فالي وسيغناتور وسيلفرغايت وتراجعت أسهم بنك سانتاندر الإسباني وكوميرسبانك الألماني بحوالي 10 في المائة. كما واجه عدد من البنوك الأمريكية الأصغر حجما خسائر أكبر من بنوك أوروبية رغم تأكيد جميع البنوك لعملائها على أن لديها سيولة أكثر من اللازم توفر لها الحماية من الصدمات. وفيما سارعت السلطات الأمريكية إلى التأكيد على اتخاذ التدابير لحماية النظام المصرفي، لكن هناك مخاوف حيال إمكانية انهيار مقرضين آخرين متأثرين بتبعات انهيار البنوك الثلاثة، مما أدى إلى انخفاض حاد في أسهم بعض البنوك على مستوى العالم. ويعدّ بنك سيليكون فالي المصرف الأمريكي ال16 من حيث حجم الأصول، التي تجاوزت 209 مليارات دولار في نهاية العام الماضي، فيما بلغ حجم ودائع بلغت قيمتها أكثر من 175 مليار دولار، ويشكّل إفلاسه أكبر انهيار لبنك في الولاياتالمتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008. وكان نشاط بنك سيليكون فالي يرتكز على المؤسسات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ويستثمر الأموال التي يودعها أصحاب تلك الشركات في السندات الأمريكية طويلة الأجل، وكان يقدم للمودعين فوائد مرتفعة، لكن مع حلول النصف الثاني من العام الماضي، غادرت البنك ودائعُ أولئك الذين آثروا الاستثمار في السندات قصيرة الأجل، على إثر رفع أسعار الفائدة. وقد واجه البنك أزمة سيولة تمثلت في عجزه عن مواصلة دفع فوائد على الودائع المتبقية، وذلك وسط تراجع عمليات الإقراض المصرفي جراء ارتفاع أسعار الفائدة على الصعيد العالمي في أعقاب موجة سحب أموال كبيرة، ووسط هاجس حدوث ظاهرة "دومينو" تم غلق بقرار من السلطات الأمريكية بنك "سيغناتور" في نيويورك، حيث انهارت أسهم البنك وفقد ثلث قيمته، علما أن البنك كان هو الوحيد الذي لديه نشاطات ضمن قطاع العملات المشفرة بعد إفلاس بنك "سيلفرغايت كابيتال" الأسبوع الماضي. ولدرء المخاطر قام مجلس الاحتياطي الفدرالي، وفي أعقاب انهيار البنوك، بالكشف عن برنامج قروض طارئ جديد لتعزيز قدرة النظام المصرفي الأمريكي وذلك لضمان قدرة المصارف على تلبية احتياجات جميع المودعين، مع تقديم وزارة الخزانة نحو 25 مليار دولار من صندوق استقرار الصرف كدعم لأي خسائر محتملة من برنامج التمويل. وأشار محافظ بنك الجزائر الأسبق عبد الرحمن حاج ناصر في تصريح لإذاعة سبوتنيك إفريقيا إلى أن انهيار ثلاثة بنوك أمريكية يمكن أن تتسبب في أزمة مالية شاملة، خاصة إذا أضيف إلى وضع البنوك الثلاثة أوضاع بنوك دولية أخرى، مما يعطي الانطباع بوجود مؤشرات تماثل تلك التي سادت في الأزمة المالية الدولية سنتي 2007 و2008، واعتبر ذات المتحدث أن إفلاس البنوك ليس إلا مظهرا من مظاهر الأزمة الشاملة.