كشف اليوم، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، البروفيسور صالح بلعيد، أن نسبة 65 بالمائة من المتفوقين في شهادة البكالوريا الذين يتم تكريمهم من طرف رئيس الجمهورية هم من مرتادي الكتّاب، ودعا وزارة التربية الوطنية ووزارة الشؤون الدينية إلى الاهتمام بالكتّاب في اطار مسار تطوير وتجديد المنظومة التربوية، مؤكدا أننا نعاني من خطر عدم وجود المتن اللغوي ،وحمل المدرسة الابتدائية مسؤولية ذلك بنسبة 85 بالمائة. ونفى البروفيسور صالح بلعيد، في محاضرة افتتاحية للملتقى الوطني الأول حول "دور حفظ القرآن في التحصيل والتفوق الدراسيين بالمدرسة الجزائرية" المنظم اليوم بالمركز الجامعي مرسلي عبد الله بتيبازة، أن يكون تحفيظ القرآن عائقا للتمدرس، وقال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن من يقول بأن تحفيظ القرآن عائق أمام التمدرس فهو مردود عليه، بل بالعكس أن الحفظ يمثل قيمة مضافة ، مشيرا إلى أن اللغة العربية لديها خصوصية فماضيها يفهم من خلال حاضرها الآن بدون قطيعة، كما نهى عن الحفظ البغبغاوي الذي قال أنه لا يملك ملكات اللغة بل الحفظ المربوط بالفهم الذي يجعل الشخص يفهم فقه اللغة من تقديم وتأخير وإدغام وحفظ وتمييز وإيجار وغيره ،وعليه فان الكلام الذي يقال بأن حفظ القرآن عائق كلام مردود على صاحبه. وأضاف البروفيسور صالح بلعيد أن كل دراسات المجلس الأعلى للغة العربية منذ 2012 إلى الآن بينت أن الذين يتوقون سنويا في المراتب الأولى في البكالوريا هم من الطلبة الذين يذهبون للكتّاب ويحفظون القرآن ، وهي لأبحاث التي دارت حول الفروق ومهارات القراءة والإملاء والحساب والخطاب الأدبي بين مرتادي الكتاب وغيرهم ، ودراسات حول مدارس تحفيظ القرآن وأخرى حول العلاقة بين تحفيظ القرآن الكريم ومستويات الأداء لمهارات القراءة والكتابة ، وقياس نسب الناجحين الأوائل في البكالوريا بمدى حفظهم للقرآن الكريم ، وهي دراسات في اطار أبحاث الماجستير والدكتوراه أشرف عليها شخصيا شملت 3 ولايات تمثل نموذجا لكل مناطق الوطن ، كشفت أن 65 بالمائة من الناجحين في شهادة البكالوريا بامتياز من التلاميذ الذين يلتحقون بالكتاب ونسبة بسيطة من هؤلاء يحفظون ما فوق الربع من القرآن ، وواحد في كل من سنتي 2012 و 2014 حافظ للقرآن كاملا. وأضاف رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن ذات الدراسات التي أجريت ببلدية السّبت بولاية سكيكدة ، ولاية بجاية وولاية تيزي وزو تضاف إليها نتائج البكالوريا سنتي 2012 و2014، كما شملت عينة من الأطفال في مرحلة الطفولة في حفظ القرآن وتلاوته ، وكذا معلمين ومتعلمين ولقاءات وجاهية عشوائية قبل امتحان البكالوريا وبعد النجاح مع المتصدرين وأوليائهم ، وجرت بطرق أكاديمية دقيقة بيّنت أن كل التلاميذ الذين يرتادون الكتّاب يتحكمون في اللغة العربية أحسن من أندادهم ، وبخاصة في مخارج الحروف والصرف والنحو وقضايا اللغة العربية ، وخطاب المنبر كما أن نسبة الذكاء في الحفظ عالية عند المتمدرسين في الكتّاب أحسن من أندادهم ،باستعمال رائز قياس الذكاء ، مضيفا أن هذه الأبحاث التي أجريت بولايات جزائرية تمثل مختلف مناطق البلاد بينت أن نسبة المحفوظ الشعري والحديث الشريف لا يوجد قياس متقارب مع نظرائهم الفقرين في المحفوظ وأن أكثر المرتادين للكتاب من أسر متوسطة الحال ،ونسبة معتبرة من أبناء المعلمين ،وبتشجيع من أوليائهم وكشفت الأبحاث أن أزيد من 70 بالمائة من المتفوقين البارزين إناث . وفي السياق، أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية أن تقرير البنك العالمي لسنة 2020 ووفق دراسة متقنة أنجزها أكثر من 50 باحث حول مسار الحد من فقر التعلم والنهوض بتعلم اللغة العربية والذي أشار إلى شمال افريقيا، صنف الجزائر من بين الدول التي تعاني مشكلة فقر التّعلّم ، حيث لاحظ الباحثون أن هناك تدهور كبير جدا في سوء استعمال اللغة العربية إذ ينتقل التلميذ من مرحلة القاعدية إلى المتوسط وهو لا يستطيع قراءة جملة بسيطة دون أخطاء لافتقاره للمهارات الأربع التي يجب توفرها في المدرسة القاعدية وهي مهارة السماع، القراءة ،الحوار والكتابة . وبحسبه فان جامعة اللغة العربية وردت منها هذه السنة وثيقة تقول أن هناك مشكلة في عدم تعلم اللغة العربية، وهو ما يجب أن يدق له ناقوس الخطر لمن يهمهم الأمر ومعالجته من طرف كل المتدخلين لسد فقر التعلم، لافتا إلى أن الملتقى يشكل فرصة لتقديم أفكار تعالج على الأقل مسألة فقر التعلم ،كما دعا في السياق ودعا البروفيسور صالح بلعيد وزارة التربية الوطنية ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف إلى إعطاء القيمة العلمية والتحفيظية للقرآن الكريم التي تمكن من تمليك مسارات امتلاك اللغة اعتبارا بأن اللغة العربية والقرآن الكريم نزلا معا، فبعد أن كانت اللغة العربية تتجلى في 192 لهجة جاء القرآن ليوحدها في اللغة العربية الفصحى . كما شدد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية على ضرورة مواصلة الدرب في تحفيظ القرآن الكريم وتنشيط الكتّاب تزامنا والمدرسة ، وقال "عندما نهتم بالمكتبة والكتّاب سنكون نماذج للأجيال الجديدة "