أنهى الرئيس عبد المجيد تبون مهام الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، وعيّن خلفا له مدير ديوان الرئاسة نذير العرباوي الذي تنتظره ملفات اقتصادية واجتماعية عديدة وهامة يعول عليها الرئيس تبون لاستكمال تجسيد التزاماته ال54 قبل نهاية العام المقبل. قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار سيغة، ل"الخبر"، إن "ما ينتظر العرباوي في مهامه على رأس الجهاز التنفيذي يتعلق بعدة محاور أولها يتعلق بمستوى الثقة التي يحظى بها الرجل، حيث إنه كان مدير ديوان رئاسة الجمهورية وقريبا جدا من الرئيس وبالتالي يدرك تمام الإدراك المفاتيح التي ينشدها رئيس الجمهورية". ولفت في اتصال مع ''الخبر'' إلى الخلفية الدبلوماسية للرجل الذي شغل عدة حقائب دبلوماسية، معتبرا أن صانع القرار السياسي يتجه نحو تكريس الدبلوماسية الاقتصادية، بما يتماشى مع التشريعات وقانون الاستثمار فيما يتعلق بجلب المستثمرين الأجانب والذهاب إلى أبعد الحدود في إبرام صفقات خارج الإطار التقليدي للمحروقات، وهي مقاربة تتقاطع –حسبه- مع توجهات الدولة فيما يتعلق بتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية في العمق الإفريقي وإيجاد أسواق غير التقليدية بالتوجه نحو الشرق الأقصى والأوسط. وقال الدكتور عمار سيغة إنه "من خلال متابعة لتصريحات نذير العرباوي سابقا بصفته مندوب الجزائر في الأممالمتحدة سيما ما يتعلق بالملف الفلسطيني، يتضح لنا الحاجة إلى الارتكاز على الإمكانيات الدبلوماسية التي يتمتع بها الرجل في الوقت الحالي من خلال رسم سياسة عامة تتواءم مع السياسية الخارجية للدولة بما يساهم في الظفر بمكانة هامة للسياسة الخارجية الجزائرية في القضايا الإقليمية والذهاب إلى الموازنة بين السياستين الداخلية والخارجية". يأتي تعيين العرباوي وهو دبلوماسي خبير ومقرب من رئيس الجمهورية، في هذا المنصب، قبل عام من موعد الانتخابات الرئاسية المرتقبة في ديسمبر 2024، فيما لم يعلن رئيس الجمهورية بعد ما إذا كان يعتزم الترشح لولاية ثانية أم لا، ولم توضح الرئاسة أسباب إعفاء أيمن بن عبد الرحمان من رئاسة الوزراء التي يتولاها منذ جوان 2021، لكن إقالته كانت مرتقبة فمنذ الأسابيع التي سبقت الدخول الاجتماعي ذهبت تكهنات إلى تعديل حكومي عميق قد يشمل منصب رئيس الوزراء، قياسا بفشل الحكومة في إدارة بعض الملفات، لا سيما تلك المتعلقة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي. وتداولت أوساط سياسية وإعلامية أسماء بارزة للاضطلاع بمهام وزارية، كما رشحت العديد من الوجوه الوزارية لمغادرة الطاقم الوزاري، بعدما أثبتوا فشلا ملحوظا في إدارة قطاعاتهم، غير أن التوازنات على ما يبدو سارت عكس السيناريو المذكور.
تعديل حكومي
وعادة ما كان يجري الرئيس تبون تغييرات عندما يتأكد من عدم تطبيق التوجيهات والتعليمات، وقد سبق أن أكد أن قرارات إنهاء المهام لا تخضع لتعليقات التواصل الاجتماعي أو تقارير تصفية الحسابات أو الرسائل المجهولة، وبالتالي من المرجح أن يكون إنهاء مهام الوزير الأول السابق مرتبط ببطء سير بعض الملفات، خاصة وأن هذا التغيير جاء بعد عدة انتقادات عبر عنها الرئيس علنا حول التعامل مع مشاكل مرتبطة بتوفير مواد غذائية وتنفيذ بعض القرارات الرئاسية، ففي بداية أكتوبر الماضي أمر رئيس الجمهورية خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء، بإحصاء ومتابعة وتقييم كل القرارات المتخذة في مجالس الوزراء وحصر ما لم يتم تطبيقه منها، كما أمر بتحديد أجل أقصاه شهر واحد للجان مراقبة تنفيذ هذه القرارات، على أن تكون الاستعجالية منها على رأس الأولويات. وتزامن تكليف العرباوي بالوزارة الأولى مع اكتمال المهلة المحددة للجان الوزارية وهو ما يطرح احتمال إحداث تغييرات وإقالات في القطاعات التي فشلت ولم تتدارك تأخرها، أو أن يكون هناك تغيير هام للحكومة الحالية، وصولا إلى متابعات قضائية في حال وجود خروقات أكبر. وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عمار سيغة، إن "السياقات الاجتماعية في شقها الاقتصادي التي يراهن عليها رئيس الجمهورية لتحسين القدرة الشرائية وكسب رهان ضبط الأسعار وضبط تموين السوق بالمواد الاستهلاكية نعتقد أنه سيعقبه تعديل وزاري لبعض القطاعات التي لم تثبت جدواها في تجسيد برنامج الرئيس، ما يسهل تطابق خطاب رئيس الجمهورية مع السياسة الداخلية المنتهجة، خاصة ما يتعلق بالمراهنة على تحسين القدرة الشرائية ورفع الأجور بما يتماشى مع الفئات العمالية، ما يجعل هذا التعديل محل رهان لجدوى ينشدها رئيس الجمهورية". وتضاف هذه التعديلات المرتقبة لإجراءات سابقة اتخذها رئيس الجمهورية في الفترة الأخيرة، حيث أعاد تنظيم مصالح الرئاسة بتعيين عدة مستشارين عهد إليهم على الخصوص بمهمة تتبع والمشاركة في تنفيذ برنامج وتوجيهات وقرارات الرئيس، الأمر الذي اعتبر مؤشرا واضحا إلى عدم رضاه عن أداء الحكومة. كما قرر إعادة تشكيل فريقه الرئاسي واستبعاد خمسة من مستشاريه، على مسعى لإعادة تنظيم عمل الرئاسة، خاصة وأن الخطوة جاءت بعد أيام على إصدار مرسوم يتضمن توسيع مهام وصلاحيات الفريق بما يشمل مراقبة الحكومة التي يبدو أن الرئيس سيتجه نحو تعديل عميق لتشكيلتها في المستقبل القريب.