ستكون أمام الوزير الأول الجديد نذير العرباوي مهمات ثقيلة في إطار الالتزام بتحقيق الاهداف المتوخاة من البرنامج الرئاسي الذي فاقت نسبة تجسيده ميدانيا 75 من المائة، وسيكون العرباوي على موعد مع عدد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية وفق آجال محددة، مع إيلاء الأهمية للملفات ذات العلاقة بالمواطن، الذي يعد خطا أحمر بالنسبة لرئيس الجمهورية. وبالعودة إلى أول تصريح للوافد الجديد على قصر الدكتور سعدان خلال مراسم استلام وتسليم المهام، أبان الوزير الأول نذير العرباوي عن أولوياته وإرادته واستعداده التام لتجسيد التزامات رئيس الجمهورية الذي يضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، ما يعني الرفع من وتيرة إنجاز المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية، ومواصلة دعم وتيرة النمو غير المسبوقة، مع مراعاة الجبهة الاجتماعية. ويستشف من تصريح العرباوي أن توفير الحياة الكريمة للمواطن لا نقاش فيها، في سياق بناء العلاقة الوجدانية بين أعلى سلطة في البلاد والمواطن، خاصة مع الفئات الهشة التي خصّها الرئيس تبون بجملة من الإجراءات التي تعكف الحكومة على تطبيقها منذ سنة 2020، بداية من تخصيص أو تعزيز المنح الموجهة لفئات واسعة من المجتمع على غرار البطالين وذوي الاحتياجات الخاصة والطلبة وكذا زيادة رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين ودعم المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع وتكثيف الجهود لمحاربة المضاربة والاحتكار. ورغم أن هذه الإجراءات تكلف الخزينة العمومية نحو 20 مليار دولار، إلا أن القاضي الأول في البلاد يعتبرها أولوية، لكون الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية مكرس في بيان أول نوفمبر وفي الدستور. من هذا المنطلق، فإن الوزير الأول الجديد، الذي سبق وأن شغل منصب مدير الديوان برئاسة الجمهورية، ما مكنه من الاطلاع على الملفات التي تهم رئيس الجمهورية بالدرجة الاولى، سيضمن الاستمرارية في هذا المنحى لكن بنفس جديد، في ظل تخصيصات للتحويلات الاجتماعية بنحو 29 مليار دولار خلال العام القادم وهي التي قدرت العام الجاري ب27 مليار دولار . في المقابل سيكون أمام العرباوي تحدي تفعيل دور القطاع الاقتصادي والاستثمارات، حيث ستفرض الدبلوماسية الاقتصادية نفسها على العمل الحكومي، وذلك من خلال الاستعانة بخبرته الدبلوماسية لاستقطاب مشاريع استثمارية جديدة وتشجيع التصدير وولوج المنتجات الوطنية للأسواق الاجنبية وتفعيل اتفاقيات الشراكة وفق مبدأ رابح - رابح. وبالنظر إلى الأهمية التي تشكلها الرقمنة في الدفع بعديد المجالات، وحرص رئيس الجمهورية على الاسراع في تعميمها خاصة على المستوى الاقتصادي، فإن الوزير الأول الجديد ملزم بتجسيدها وتدارك التأخر الذي يشهده هذا الملف، موازاة مع انعاش قطاع المالية والبنوك ورفع الصادرات خارج المحروقات وضبط الأسواق وضمان استقرار الأسعار والتحكم في نسب التضخم . وبصفته رجل قانون أيضا، فإن العرباوي ستكون أمامه مهمة التعامل الدقيق مع التشريعات الاقتصادية المصادق عليها من قبل البرلمان، خاصة ما تعلق منها بقانون الاستثمار والصفقات العمومية والقرض والنقد والمناطق الحرة وتفعيل ملف الشراكة مع المتعاملين الهامين في مجال السيارات. وعلى المستوى الدولي، فإن نذير العرباوي على دراية بأهم ملفات السياسة الخارجية للبلاد، خاصة ما تعلق منها بحدودها ومحيطها الاقليمي، فضلا عن القضايا العربية التي تأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية، علما أنه سبق وأن شغل منصب سفير الجزائر بالقاهرة وشارك في عديد اجتماعات الجامعة العربية، علاوة على تعيينه ممثلا للجزائر في بعثة الاممالمتحدة بنيويورك ما يسمح باستغلال هذه الخبرة في تفعيل دور الجزائر التي تتهيأ لتولي منصبها كعضو غير دائم بمجلس الأمن الأممي.