كم كانت جلستي مع رئيس نادي الساورة محمد زرواطي مفيدة قبيل جلسة قضيته بمحكمة عين مليلة التي تخص لقاء شباب باتنة، وبدون لف ولا دوران قال لنا المقاول الشهير بالجنوب الغربي، بعدما طرحت عليه سؤالي قائلا :» يا الرايس واش جابك لكرة القدم…. أنت مقاول نتاع قودرون وزفت وطرقات، واليوم أنت متهم بالرشوة في الكرة، فما الذي دفعك إلى هذا العالم المتعفن؟». الزرواطي استقبلني بصدر رحب ثم ضحك مطولا قبل الرد علي قائلا، بحضور محاميه الصحفي السابق مراد بوطاجين:» يا حميدشي صدقني، كنت لاباس علي مهتم بمشاريعي والحمد لله، لكن كان لدي وقت فراغ كبير أردت ملأه بشغل يجنبني همسات الشيطان، فوقعت في زرداب كرة القدم، لكن لا أحد قال لي بأن كرة القدم عندنا هي الأخرى بين يدي الشيطان لأنها تمثل ذروة الفساد، ولو كنت أدري بأنني «رايح نتمرمد» في العدالة وتلطخ سمعتي بسبب الجلد المنفوخ والله لما دخلت هذا العالم من أصله». وأردف الزرواطي وهو يحدثنا بقلب مفتوح عن ما وقع له في كرة القدم بفعل البزناسية والسماسرة قائلا :» صحيح أن مسيري النوادي لهم ضلع كبير فيما يقع، لكن يجب أن تفرقوا بين المسير الذي جاء للكرة ويقدم من ماله ووقته، والمسير الذي جاء كي يقتات من خزينة النوادي، فأنا ضيعت أكثر من 30 مليار سنتيم من جيبي لصالح نادي الساورة و لم أندم، لأنني ببساطة أردت إخراج مدينة بشار من العزلة وشبابها يستحق أن نمد له يد المساعدة، لكنني اكتشفت بعد سنوات بأن هذا العالم وسخ وكل منشطيه من لاعبين ومناجيرة ومسيرين ومدربين وكثير من الإعلاميين كذلك انتهازيون ولا يريدون سوى مالك وليس غير أموالك». قلت للبشاري :» لماذا إذن لا تترك كرة القدم لأهلها، أنت ممول ورئيس للنادي وما عليك سوى توظيف أهل الاختصاص في النادي من رياضيين وغيرهم وهو المعمول به في كل النوادي المحترفة ؟» … ضحك الزرواطي ضحكة استهزاء وكأنني أؤدي دور العبيط أمامه ولم أفهم بعد حقيقة واقع الكرة الجزائرية ثم أوضح بالقول :» لا أثق في أي شخص كلهم بزناسية، تصور أنني خسرت 3 ملايير في لاعبين أفارقة كذب علي مدرب ومناجير حولهم، حيث أخذوا المال وهربوا؟ … يا حميدشي أنت تكتب يوميا عن تعفن كرة القدم ولست مخطئا لكنك لا تعرف حجم هذا التعفن، ولو كان في الجزائر ثلاثة من أمثالك في الصحافة لتم تطهير النوادي من هذا المرض». دردشتي مع رئيس ناد جاء إلى كرة القدم بملاييره التي جناها من مشاريع البناء والطرقات على الحدود الجزائرية المغربية، جعلتني أعود إلى بيتي وأنا تحت هول صداع عنيف، لأن صراحة الزرواطي، الذي خشيه أباطرة الكرة الجزائرية لقوة ماله التي استخدمت في كل الاتجاهات بشكل إيجابي أو سلبي، كشفت لي بأن حجم التعفن فاق كل التوقعات، واستشرى وسط كل الهيئات على حد قول ابن بشار وكلامي اليومي في هذا المقام ليس إلا صرخة بريئة في محيط قذر.