بفوزهم مساء أمس في العاصمة الغامبية بانجول، وبالأداء الجيد الذي قدمه رفقاء المتألق ڤديورة، يكون المنتخب الوطني في طبعته المعدلة لحاليلوزيتش، قد فتح صفحة جديدة مع الانتصارات في القارة السمراء، حيث وقف الكل على التحسن الكبير الذي طرأ على المنتخب الوطني في ظرف ستة أشهر من عمل البوسني، والذي يجب أن نعترف بأنه كان محظوظا مقارنة بسابقه فيما يخص جاهزية اللاعبين المحترفين، حيث كان بحوزة المدرب الوطني العديد من الخيارات البشرية جعلته يقوى على الاستغناء عن جبور وزياني وبلحاج، ويضع لموشية وبودبوز في الاحتياط، وفي النهاية يعود بفوز طالما انتظرناه. صحيح أن حاليلوزيتش كانت بحوزته أوراق ممتازة، في صورة فيغولي الذي يلعب في ثالث أحسن فريق باسبانيا، وڤديورة الذي ينشط في الدوري الانجليزي، وقادير المتألق في فرنسا، دون أن ننسى العائد مطمور إلى لياقته المعهودة، وهي عوامل منحت الأفضلية لتشكيلة «حاليلو» في غامبيا، لكن النزعة الهجومية التي زرعها البوسني في المنتخب، تعد مكسبا للخضر يوحي بأن هذا التعداد قادر على استعادة بريق المنتخب لو يستمر في اللعب على هذا المنوال. وصحيح كذلك أن نوعية لاعبي وسط الميدان سمحت للتشكيلة الوطنية بتقديم وجها أحسن مثلما شاهدناها في المونديال الأخير ضد إنجلترا والولايات المتحدة، ليبقى الأهم في كل ذلك، أن الخضر استعادوا فعلا توازنهم وروحهم، ولم ينهاروا بعد تلقيهم لهدف السبق، مثلما كان يحدث في السابق القريب، والانضباط التكتيكي والتركيز الذي لعب به مصباح والآخرون، ميزة لم نشاهدها منذ شهور، حتى لا نقول سنوات، وهي مؤشرات تؤكد بأن المدرب فرض شخصيته على المجموعة وكانت درجة الاستجابة عالية. وكسب حاليلوزتيش الرهان الأول، ولو كان ذلك أمام خصم ضعيف اسمه غامبيا يحتل المركز 115 عالميا، بتحقيق أول فوز في أول لقاء رسمي له بأتم معنى الكلمة، ليطوي المنتخب صفحة النكسات التي عاشها عشاق الخضر بعد مونديال جنوب إفريقيا. وكما يقول المثل «مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة»، فإن مثل هذه الانتصارات طالما اشتاق إليها ملايين الجزائريين، وتمنح أفضلية بسيكولوجية كبيرة لأشبال البوسني لتحضير بقية المواعيد، خاصة وأن تصفيات مونديال البرازيل ستنطلق في جوان، وهنا يبدأ ماراطون آخر سيوظف فيه المدرب خبرته وحنكته أمام خصوم أقوى من غامبيا بمحترفيهم، ونعني بذلك المنتخب المالي.