يعتبر عبد العالي إيريدير ابن مدينة شلغوم العيد المدرب الجزائري الوحيد الذي مرّ على المدرسة البرازيلية أثناء فترة تكوينه ليتولى بعد ذلك تدريب العديد من الأندية العريقة في شرق البلاد أهمها مولودية قسنطينة، مولودية باتنة، اتحاد بسكرة واتحاد الشاوية الذي بلغ رفقته مشارف الربع النهائي في منافسات كأس الاتحاد الإفريقي قبل أن يطير للاحتراف كمدرب في السعودية ثم الإمارات العربية المتحدة قبل أن يستقر في الكرة القطرية أين كان مدربا مساعدا لكل المدربين الكبار الذين أشرفوا على المنتخب القطري خلال السنوات الأخيرة ليتم الاتصال به في كل مرة من أجل تحليل المباريات الكبيرة على قنوات «البي. أن. سبورت» وقد أصبح الآن يفكر في نقل خبراته للوطن الأم الذي قد يعود إليه بعد سنة مثلما أوضحه لنا من خلال هذا الحوار الذي أجاب فيه عن أسئلتنا الخاصة به وأيضا بواقع الكرة الجزائرية والمنتخب الوطني المقبل على مباراته المونديالية الأولى في البرازيل الثلاثاء المقبل أمام نظيره البلجيكي . قد يجهل جيل التسعينات من هو عبد العالي إيريدير هلا ذكرتنا بمشوارك ولو بإيجاز ؟ أنا من مواليد سنة 1956 بمدينة شلغوم العيد، تقني سامي في كرة القدم ومتحصل على شهادة مدرب دولي قبل أن أصبح بعدها مفتشا في منهجية التدريب في الجزائر، مشواري التدريبي على أرض الوطن كان كله مع أندية الشرق على غرار فريق عين البيضاء الذي بلغت معه دور ربع النهائي في كأس «الكاف» وبعده مولودية قسنطينة، اتحاد بسكرة وفريق مولودية باتنة الذي أعتز كثيرا بالفترة التي أمضيتها معه وأيضا هلال شلغوم العيد الذي يعد عائلتي الثانية بحكم أنني ابن المنطقة وقد كان هذا النادي محطتي الأخيرة في الجزائر قبل أول تجربة لي في السعودية مع نادي القلعة في الشمال ومنه إلى الإمارات أين دربت فريق رأس الخيمة حيث تحصلت على نتائج جد إيجابية الأمر الذي جعلني أتلقى عرضا من قطر سنة 2001 للعمل مع منتخب الناشئين ومنه للشباب ثم الأولمبي وتجربتي القطرية هاته كانت إيجابية للغاية حيث سمحت لي بالعمل كمساعد لمدربين عالميين على غرار فيليب تروسيي وبعده جمال ميزوفيتش الذي توجت رففته بكأس الخليج ثم الميدالية الذهبية في الألعاب الآسيوية وكان لي شرف التواجد ضمن طاقم المدرب الراحل برينو ميتسو وكلما جاء مدرب جديد إلا وطلب خدماتي إلى غاية يومنا هذا . بعد كل هذه الخبرات التي اكتسبتها رفقة هؤلاء المدربين الكبار ألم تهتم بالإشراف على المنتخب الأول كمدرب رئيسي ؟ لقد تعلمت الكثير من هؤلاء المدربين واكتسبت خبرة كبيرة في كيفية تسيير المنتخبات وبكل أمان تفكيري وطموحي هو توظيف قدراتي هاته ببلدي الجزائر في المستقبل القريب . إذن تفكر في العودة لأرض الوطن؟ نعم أنا أفكر جديا في الرجوع لأرض الوطن لكن بعد سنة على الأقل من الآن لأن ظروفي العائلية لا تسمح لي بذلك فأولادي يدرسون هنا في قطر وهو الأمر الذي يجعلني مقيدا بعض الشيء لكن الأكيد أنني سأكون خلال موسم 2015-2016 بالجزائر . تتكلم عن الموسم الكروي، يعني أنك تطمح للإشراف على أحد الأندية الجزائرية خلال الموسم ما بعد المقبل ؟ صراحة لم أفكر أبدا في العمل مع الأندية وإنما طموحي هو الإشراف على أحد المنتخبات الوطنية وأريد من كل قلبي توظيف كل ما تعلمته ميدانيا مع لاعبينا الجزائريين الذين هو بحاجة لتأطير جيد وعمل مستمر . نفهم من كلامك بأن هناك اتصالات مع مسؤولي الكرة الجزائرية والفاف بالتحديد ؟ لا وجود لشيء رسمي لحد الآن، كما قلت لكم أنا هنا في قطر لمدة سنة أخرى سأحاول خلالها تحضير نفسي جيدا وتقديم مشروعي الكروي لمسؤولي الاتحادية الجزائرية من أجل معاينته والجلوس بعدها لتحديد المهام وتسطير الأهداف على المدى البعيد . لو اُقترح عليك مهمة مساعد للناخب الجديد غوركيف بعد المونديال هل تقبل ؟ كل شيء ممكن ولو أن كل مدرب يقوم دوما تقريبا باصطحاب طاقمه معه وأنا لا أفكر في العمل مع المنتخب الأول بقدر اهتمامي بالإشراف على المنتخب الوطني المحلي وجعله منتخبا منافسا وقويا وليس منتخب مناسبات كما هو عليه الحال الآن حيث يتم الاستنجاد باللاعبين من أجل المشاركة في كأس «الشان» فقط، نود منح الفرصة للاعبين الذين لم تكن لهم فرصة التألق والبروز على مستوى المنتخب الأول والعمل معهم باستمرارية من أجل تكوين منتخب قوي منافس على الألقاب وهي الفكرة التي تراودني منذ فترة طويلة . من يضمن بأن مشروعك هذا سيرضى عنه المسؤولون ؟ نحن نرى الأمور على المدى البعيد ونحاول ترسيخ مفهوم التحلي بالصبر والاجتهاد الدائم في العمل من أجل الوصول إلى النجاح وأتمنى من كل قلبي نجاح هذا المشروع الكروي في الجزائر لأن لاعبينا الشباب في حاجة ماسة جدا لمن يعتني بهم ويقوم بتوجيههم للمسار الصحيح وأن اللاعب المحلي يحتاج هو كذلك لكسب الثقة في النفس مثله مثل اللاعب المحترف وذلك من أجل تفجير طاقاته وقدراته وإن لم يتم الاهتمام بمشروعي فليس هناك أي مشكل . على ماذا يستند مشروعكم وما هي النقاط التي ترتكزون عليها ؟ الفكرة والنقطة الجوهرية التي سنركز عليها هو إنعاش الدوري الجزائري بمحاولة الرفع من مستوى اللاعبين المحليين من خلال إجراء تربصات ودورات دولية من شأنها أن تساعد على نضج اللاعب من الجانب الفني وحتى الفكري عن طريق الاحتكاك بمدارس كروية مختلفة ولعل الأمر الذي يدفعنا لهذا هو العجز والنقص الواضح على مستوى الأندية التي لم تعد قادرة على تمويل المنتخب بلاعبين قادرين على رفع التحدي مثلما كان عليه الحال في السابق، كما قلت هدفنا تكوين منتخب محلي قوي ومنافس وإذا تمكنا من فرض أربعة لاعبين في التشكيلة الأساسية للمنتخب الأول فيمكن القول أننا حققنا إنجازا مقارنة بالوضع الحالي الذي لا يوجد فيه ولا لاعب من البطولة الوطنية ضمن قائمة حاليلوزيتش للمشاركة في المونديال . ألا تعتقد بأن إخفاقنا في بلوغ الألعاب الأولمبية خلال التصفيات التي جرت بالمغرب أمر أثر على بعض اللاعبين وجعلهم يضيعون مشوارا كبيرا ؟ صحيح أننا ضيعنا تأهلا غير بعيد عنا لكن بالمقابل يجب أخذ الأمور من الناحية الإيجابية حيث كانت المرة الأولى التي نصل فيها للمرحلة الأخيرة من التصفيات الخاصة بالأولمبياد ويعتبر هذا في حد ذاته إنجازا، ممكن بعض الظروف الفنية التي صعبت المهمة لكن علينا التفكير الآن فيما هو قادم بدءا بألعاب «ريو» بعد سنتين . هل تعتقد أن سنتين ستكفيان لتكوين منتخب أولمبي قوي قادر على التأهل إلى ألعاب ريو ؟ هنا السؤال يطرح نفسه وهو لماذا لم نبدأ العمل بمجرد إخفاقنا في التصفيات التي جرت في المغرب وأيضا إقصاء منتخب الشباب من تصفيات المونديال وانتظرنا إلى غاية يومنا هذا، لقد ضيعنا سنتين كاملتين كانت منتخباتنا قادرة على المشاركة خلالها في العديد من الدورات الدولية الودية وبكل صراحة المهمة أصبحت صعبة جدا الآن إن لم نقل مستحيلة ومن أراد النجاح فعليه أن يستيقظ باكرا . بالحديث عن النخبة الوطنية كيف ترى حظوظ المنتخب في مونديال البرازيل ؟ مباريات المونديال مختلفة كل الاختلاف عن مباريات التصفيات فهي تتطلب جهدا مضاعفا من طرف الجميع وبالأخص من اللاعبين كونها فرصة قد لا تتاح مرة أخرى والدليل أن أغلب العناصر التي حظرت مونديال 2010 بجنوب إفريقيا هي ليست حاضرة اليوم في عرس البرازيل، أعتقد أن الكرة الآن من جهة اللاعبين بل وبين أرجلهم، حيث تم تسخير لهم كل الظروف الملائمة وإمكانيات كبيرة يحسدون عليها لذا فلم يعد هناك أي سبب أو حجة لتبرير الإخفاق، أصعب مرحلة خلال كل المنافسات الكروية العالمية هي مرحلة دور المجموعات التي طالما شهدت إقصاء منتخبات عالمية كبيرة ولو تأهل المنتخب الجزائري للدور الثاني فإنه سيكون متحررا أكثر بعد ذلك وقد يخلق المفاجأة الكبرى في هذا المونديال، علينا أن نتجنب التفكير في بلوغ الدور الثاني فقط بل يجب الطموح إلى أكثر من ذلك على غرار ما فعلته منتخبات الكامرون، السينغال وأيضا غانا في المونديال الأخير، عموما حظوظ الخضر قوية لكن كما قلت شريطة الجهد المضاعف من اللاعبين . تعتبر المدرب الجزائري الوحيد الذي خاض فترة تكوينية بالبرازيل، تكلم لنا ولو باختصار عن تلك التجربة ؟ لقد كانت لي فرصة التكون في البرازيل وهذا شرف كبير لي، أتذكر أنني كنت معنيا بالدورة الأولى في ريو دي جانييرو سنة 1991 رفقة كل من باشا من الوسط وبن دوخة من الغرب في نادي جمعية وهران إلا أنه استحال عليهما الذهاب معي للبرازيل فكنت ممثل الجزائر الوحيد في التربص للحصول على شهادة التدريب «ب» تحت إشراف الاتحاد الدولي للعبة وأكاديمية البرازيل لكرة القدم فنلت المرتبة الأولى وكنت سعيدا للغاية كوني تعلمت الكثير من الأشياء المتعلقة بالمستديرة خلال تواجدي هناك وفي سنة 1993 راسل «الفيفا» رسميا الاتحادية الجزائرية طالبة حضوري لاجتياز شهادة «أ» وقد شاركت بإمكانياتي المادية الخاصة وقتها حيث تعرفت أكثر على بلد الكرة وتمكنت من تحليل بعض مباريات الدوري البرازيلي في ملعب ماراكاانا بالإضافة إلى زيارات اكتشاف لأندية كبيرة على غرار فلامينغو، بوتافوغو وأيضا فاسكو دوغاما وكانت أهم فترات حياتي في المجال الكروي . بصفتك محللا لمباريات وفاق سطيف الإفريقية على قنوات «البي. أن. سبورت» كيف ترى حظوظه ؟ الوفاق بدأ المنافسة بقوة كبيرة إثر فوزه التاريخي على الترجي التونسي بملعب رادس ثم قدم أداءا مقبولا جدا رغم تعادله فوق ملعبه أمام النادي الصفاقسي وفي وقت كنا ننتظر من الفريق تحقيق ثلاث نقاط ثمينة أمام الأهلي الليبي ووضع رجل في المربع الذهبي إصطدمنا يومها بوفاق آخر متواضع من كل النواحي وكأن باللاعبين رافضين المشاركة حيث غابت عنهم الإرادة والحماس وزيادة عن ذلك فإن المدرب مضوي لم يقم بالتغييرات اللازمة وقد أقول أنه لم يحضر تلك المباراة بالشكل اللازم، أعتقد أن الأمور زادت صعوبة إثر فوز الترجي على الصفاقسي لكن ثقي كبيرة في لاعبي الوفاق للفوز على الأهلي الليبي في مباراة العودة بصفاقس، صراحة لو واصل اللاعبون بنفس اللامبالاة فلا يمكن لهم أن يطمحوا لأي شيء وأتساءل لماذا يضيعون مواعيد كبيرة كهذه ويقدمون مستوى مثل الذي شاهدناه ثم يحتجون على تسقيف الأسعار، نقول نحن في المثل» كون سبع وكولني» فعليهم أن يبينوا قدراتهم قبل التفكير في المليارات . بعيدا عنك وعن المنتخب ما واقع الأندية العريقة التي دربتها وهل بقيت دوما على اتصال بمسيريها ؟ أكيد أنني على اتصال دائم مع مسؤولي الأندية التي دربتها في الجزائر والذين بقيت تربطني بهم علاقات أكثر من رائعة أتأسف كثيرا من الوضعيات التي آلت إليها هذه الأندية العريقة التي أصبح بعضها في الدرجة الثالثة بعدما كانوا بالأمس القريب من أفضل المدارس الكروية على المستوى الوطني . هل تحدثنا عن تجربتك مع فريق عين البيضاء في منافسات كأس «الكاف» ؟ (يبتسم) لقد كانت حقا تجربة فريدة من نوعها بالرغم من أنني لم أشرف على الفريق سوى من منتصف ذلك الموسم، لقد خضنا مبارياتنا الإفريقية الخاصة بكأس الاتحاد الإفريقي في ظروف خاصة جدا حيث استقبلنا فريق الملعب المالي في لقاء الذهاب من الدور الثمن نهائي وفزنا عليه بهدف لصفر وتنقلنا بعد ذلك للعب مباراة العودة ب11 لاعبا وحارسا ثان فقط وهي الظروف التي جعلت الجميع يقصينا مسبقا إلا أننا حققنا المعجزة بالتعادل معهم هناك والعودة بتأشيرة المرور للدور الربع النهائي لكن للأسف الشديد أنني لم أبق بعد ذلك مع الفريق، عموما تجربتي مع نادي عين البيضاء في المنافسة الإفريقية تبقى من أهم محطات حياتي . في النهاية هل تريد أن تضيف شيئا ؟ أشكر طبعا الخبر الرياضي على هذا الحوار وتحية لكل الشعب الجزائري متمنيا حظا موفقا لمنتخبنا في مونديال البرازيل وخاصة خلال مباراته الأولى أمام بلجيكا وأبواب منزلي مفتوحة دوما لكم فإلى ملتقى قريب بحول الله .