يعتبر أنطونيو كونتي من الأسماء التي كتبت اسمها بأحرف من ذهب باعتباره من المدربين الشباب الذين أثبتوا مكانتهم مع كبار الفنيين نظرا للإنجاز الكبير الذي حققه مع فريق السيدة العجوز، حيث تمكن من رسم تاريخ جديد وإعادة اليوفي إلى منصة التتويجات بعد سنوات عجاف مر بها العملاق الإيطالي نتيجة فضيحة “الكالتشيو بولي”، والتي عصفت بالفريق للدرجة الثانية ليعود بعدها البيانكونيري من جديد للواجهة بقيادة المدرب الشاب الذي عزف أحلى الألحان في ليلة بعيدة عن النسيان وقاد فريقه للفوز بالسكوديتو الذي غاب عن خزائن الفريق لفترة طويلة ليصبح أنطونيو كونتي من الأساطير التي حققت أمجاد فريق السيدة العجوز. نشأ على حب الكرة منذ صغره أنطونيو كونتي من مواليد 31 جويلية من سنة 1969 بمدينة ليتشي الإيطالية ترعرع منذ صغره على حب كرة القدم نظرا لكون والده كوزيمينو كان رئيسا لفريق هاو اسمه ”جوفنتينا ليتشي” حيث كان يصطحبه معه دائما لحضور مقابلات هذا الفريق بالإضافة أيضا إلى مقابلات الفريق الأول في المدينة نادي ليتشي لهذا يمكن القول أن المحيط الذي نشأ فيه كونتي كان وراء توجهه إلى عالم كرة القدم . بدايته في عالم المستديرة كانت مع فريق ليتشي بدأ أنطونيو كونتي مسيرته الكروية كلاعب في سن السادسة عشرة لما انضم إلى فريق مسقط رأسه ليتشي الذي كان أول ناد ينشط فيه الفتى الصغير الذي عمل جاهدا من أجل إرضاء الطاقم الفني للفريق ومحاولة أخذ فرصة للمشاركة مع الفريق في موسمه الأول لكن ذلك لم يتحقق له نظرا لصغر سنه بالإضافة إلى وجود لاعبين ذوي خبرة وهو الأمر الذي منعه من المشاركة خصوصا وأن الفريق كان يصارع من أجل البقاء ليتمكن في موسم (1985-1986) من المشاركة في مقابلتين فقط مع ليتشي الذي عرف سقوط النادي إلى الدرجة الثانية الإيطالية في أول موسم للصغير كونتي. الإيطالي عانى التهميش بعد سقوط فريقه لعب فريق ليتشي بعد سقوطه موسمين كاملين في الدرجة الثانية الإيطالية والتي عرفت بدورها معاناة حقيقية لأنطونيو الذي كاد أن يفقد الثقة في نفسه من خلالهما خاصة أنه كان لاعبا شابا وبحاجة ماسة لفرض نفسه خاصة أن اللعب في القسم الثاني كان سيعطيه فرصة للبروز خاصة و أن الفريق عرف مغادرة أبرز ركائزه الأساسية، لكن العكس الذي حدث، حيث أصبح لا يدخل ضمن اهتمامات المدرب الجديد لينهي الموسمين بالمشاركة في سبع مباريات فقط. كونتي يعود للواجهة بعودة ليتشي إلى الدرجة الأولى عاد نادي ليتشي مرة أخرى إلى الدرجة الأولى الإيطالية في موسم (1988-1989) وهي السنة التي عرفت تحسنا كبيرا في وضعية كونتي الذي كان يبلغ 18 سنة آنذاك، حيث تمكن من كسب ثقة الطاقم الفني وهو الأمر الذي مكنه من المشاركة في 19 مقابلة ولولا الإصابة التي تعرض لها في منتصف الموسم لكانت عدد مشاركاته أكبر بكثير، وكان لكونتي دور كبير في بقاء النادي بالقسم الأول متفاديا بذلك شبح السقوط مرة أخرى إلى الدرجة الثانية الإيطالية، ليظهر بذلك كونتي ملامح لاعب واعد وكبير بفضل طريقة لعبه الرائعة. بداية التألق والبروز كانت في مطلع التسعينات يعتبر موسم (1989-1990) فأل خير على أنطونيو كونتي الذي نجح في فك مكانة أساسية مع فريقه بعد ما استطاع فرض نفسه بفضل المجهودات الكبيرة التي بذلها بالإضافة إلى مهاراته الفنية التي جعلته من ركائز الفريق الإيطالي وسنه لم يتجاوز ال 19 ربيعا كما عرف هذا الموسم أيضا تسجيل كونتي لأول أهدافه في مسيرته الاحترافية لتعرف البطولة بعدها موهبة كبيرة كان لها صدى كبير في عالم الساحرة المستديرة. أكبر الأندية أبدت رغبتها في ضمه وفي مقدمتها اليوفي لم يتمكن نادي ليتشي في موسم (1990-1991) من الصمود في القسم الأول، حيث أنهى الموسم رفقة الفرق المعنية بالسقوط ليعود من جديد إلى الدرجة الثانية لكن كونتي سار عكس تيار فريقه واستطاع مواصلة التألق، حيث أبان عن إمكانيات كبيرة جعلت أكبر الأندية الإيطالية تتصارع من أجل ضمه خاصة فريق اليوفي الذي كان أكثر إصرارا على خطف الموهبة وهو ما كان له في النهاية. حلم كونتي تحقق بانتقاله إلى فريق السيدة العجوز بعد تألقه مع فريق ليتشي انتقل كونتي إلى فريق جوفنتوس الإيطالي في نوفمبر 1991 منهيا بذلك حكاية رائعة مع فريق مدينته، هذا ولم تجلب صفقة كونتي الكثير من الاهتمام رغم أنه كان متابعا من طرف العديد من الأندية الكبيرة على غرار قطبي مدينة ميلانو ونادي روما الذي أصر على خدماته كثيرا، لكن جوفنتوس يبقى جوفنتوس والكل يحلم بتقمص ألوانه بما أنه الفريق رقم واحد في إيطاليا وهو ما لم يتردد كونتي في القيام به باعتباره النادي الذي طالما حلم بتقمص ألوانه كونه القادر على تحقيق طموحات ابن 22 سنة. ويؤكد أنه سيكون تارديلي الجديد بعد وصول اللاعب الشاب إلى مدينة تورينو لتقديمه لوسائل الإعلام لم يكن أي أحد يؤمن بأن اللاعب المغمور القادم من ليتشي سيكون اسما كبيرا يكتب تاريخ اليوفي، لكن كونتي برزانته وشخصيته القوية وبنبرة تسودها عزيمة كبيرة قال حينها مخاطبا وسائل الإعلام التي حضرت عند تقديمه : ”أريد أن أفرض نفسي وأصبح مثل بيبي، فورينو وماركو تارديلي” وهم نجوم اليوفي الذين كتبوا أسماءهم بأحرف ذهبية، وهو الرهان الذي نجح كونتي في رفعه بعد ذلك مغيرا أراء الكثير ممن لم يثقوا فيه منذ البداية. أصبح من ركائز الفريق في أول مواسمه مع اليوفي تمكن أنطونيو كونتي من افتكاك مركز أساسي في تشكيلة السيدة العجوز منذ الوهلة الأولى، حيث دشن اللاعب مسيرته مع اليوفي أسبوعا واحدا فقط بعد التحاقه بالنادي لتكون أولى مقابلاته بقميص اليوفي ضد فريق تورينو في داربي المدينة وهي المباراة التي أبهر فيها كونتي عشاق الساحرة المستديرة نظرا لمهاراته وفنياته الكبيرة لتكون البداية مثالية جدا بالنسبة للاعب الذي لعب حوالي 20 مباراة خلال النصف الثاني للموسم الكروي (1991-1992). كونتي يحقق أول ألقابه مع العملاق الإيطالي واصل أنطونيو كونتي تألقه في موسمه الثاني مع اليوفي و الذي كان أحد أفضل مواسمه طوال مسيرته الكروية الأمر الذي جعل الجميع يتنبأ له بمستقبل كبير إلى درجة أن البعض أكد أنه أسطورة جديدة في خط وسط الميدان من شأنها أن تكتب اسمها بأحرف من ذهب نظرا لطريقة لعبه الفريدة من نوعها، ليتوج تألقه مع اليوفي بتتويجه بأول لقب له في حياته الكروية حين توج بلقب كأس الاتحاد الأوروبي مع اليوفي. تألقه مع اليوفي فتح له أبواب المنتخب الإيطالي بعد تألقه الكبير مع فريق جوفنتوس تلقى أنطونيو كونتي أول استدعاء للمنتخب الإيطالي الذي وجه له الدعوة للمشاركة في مباراة ضد المنتخب الفنلندي والتي جرت 27 ماي من سنة 1994 ، هذا وقد استدعي كونتي للمنتخب الإيطالي في 20 مناسبة وسجل حضوره مع المنتخب إلى غاية سنة 2000 . كونتي لم يحقق أي إنجاز مع المنتخب لم يحقق أنطونيو كونتي طوال مشاركته مع المنتخب الإيطالي الشيء الكثير، حيث لم يذق طعم التتويجات رغم مشاركته في نهائيات كأس العالم التي احتضنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 1994 والذي كان فيها المنتخب الإيطالي قاب قوسين أو أدنى من التتويج باللقب لكن الحظ عاند كونتي ورفقاءه بعد خسارته رفقة المنتخب في المباراة النهائية الذي عاد الفوز فيها للمنتخب البرازيلي بفضل ركلات الترجيح التي ابتسمت لفريق السامبا ليكون أفضل إنجاز لكونتي مع المنتخب الإيطالي. ويقود فريق السيدة العجوز للفوز بالثلاثية التاريخية دخل كونتي قلوب الجماهير التي تعلقت به بعدما أصبح ركيزة خط وسط ميدان السيدة العجوز،حيث واصل تألقه من دون خطأ لتكون نهاية موسمه مليئة بالذكريات السعيدة، حيث تمكن من قيادة البيانكونيري لتحقيق الثلاثية التاريخية في سنة (1994-1995) بعد تمكنه من الفوز بالبطولة الإيطالية، وكذلك لقب الكأس لينهي موسمه بلقب السوبر الإيطالي الذي كان آخر ألقاب النادي الإيطالي في الموسم الذي شهد تألقا كبيرا لكونتي الذي أصبح من بين أفضل اللاعبين في إيطاليا. (1995-1996) سنة تتويج كونتي بأغلى ألقابه مع اليوفي بعد الثلاثية المحلية الذي فاز فيها اليوفي جاء الدور على التألق خارجيا، حيث ساهم كونتي بشكل كبير في قيادة فريقه على إحراز ثلاثية خارجية والتي تعتبر تاريخية في مسيرة الفريق الإيطالي الذي شهد تألقا كبيرا للاعب الذي منح فريقه لقب رابطة الأبطال الأوروبية التي تعتبر أغلى الألقاب في مسيرة أنطونيو كونتي الذي تبعها بتتويجه بكأس السوبر كونتينونتال بالإضافة إلى كأس أندية أوروبا وأمريكا الجنوبية، ليكون بذلك أحسن مواسم السيدة العجوز على مر تاريخها. لعنة الإصابات لم تثنه عن قيادة فريقه لمنصة التتويجات كانت سنة (1996-1997) أقل المواسم مشاركة لكونتي مع جوفنتوس نظرا للإصابة التي لاحقته طيلة الموسم والتي لم تسمح له باللعب سوى في ست مناسبات في البطولة الإيطالية و ثلاث في البطولة الأوروبية لكن كونتي تمكن من استعادة مستواه وكان صاحب هدف التتويج لفريقه بلقب كأس السوبر الإيطالية ، ولم يختلف الموسم الموالي عن سابقيه ،حيث واصل كونتي عروضه الخيالية التي أذهلت الجميع وجعلت منه أفضل لاعب وسط في إيطاليا على الإطلاق. أنطونيو يعيد اليوفي إلى الألقاب قبل إنهاء مشواره مع الكرة يبدو أن كونتي لم يشأ الخروج من عالم كرة القدم كلاعب دون معانقة الكؤوس من جديد وهو ما كان له، حيث تمكن من قيادة فريقه إلى التتويج بالثنائية في موسم (2001-2002) بعد الفوز بالبطولة الإيطالية وكأس السوبر وهو نفس السيناريو الذي حدث في الموسم الموالي بعد أن تمكن اليوفي من الاحتفاظ باللقبين، بالمقابل عرف أداء كونتي تحسنا طفيفا مقارنة بالموسمين السابقين لتكون هذه الألقاب بمثابة عرفان له قبل توديعه للملاعب نهائيا. (2003-2004) نهاية مسيرة الأسطورة الكروية لم يكن هذا الموسم عاديا بالنسبة لجوفنتوس بما أنه شهد اعتزال أسطورة عظيمة كتبت اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ النادي الإيطالي العريق، ففي نهاية هذا الموسم قرر كونتي تعليق الحذاء وهو في سن 35 سنة بعد مسيرة 13 سنة كاملة قضاها بين أحضان السيدة العجوز، ليصبح واحدا من الأساطير التي مرت على نادي جوفنتوس. كونتي يرفض الابتعاد عن الملاعب ويدخل عالم التدريب بدأت قصة أنطونيو كونتي مع عالم التدريب في موسم (2005-2006)حين تولى منصب مدرب مساعد في فريق سيينا وهي التجربة التي كانت مفيدة له قبل أن يصبح مدربا رئيسيا لفريق أريزو الناشط في الدرجة الرابعة الإيطالية الذي حقق معه نتائج جد مشجعة جعلت إدارة نادي باري تستقدمه لتولي زمام العارضة الفنية للفريق الذي حقق معه الصعود إلى الدرجة الأولى في موسمه الثاني. اليوفي يختار كونتي مدربا له على حساب أسماء كبيرة لم يمر الموسم الرائع الذي حققه كونتي كمدرب مع فريق سيينا وقبله مع باري مرور الكرام على إدارة نادي جوفنتوس وعلى رأسها الرئيس أندريا أنييلي الذي أعلن عن التعاقد بصفة رسمية مع أنطونيو كونتي الذي فضله على أسماء كبيرة وهو الأمر الذي لاقى استحسان أغلبية أنصار “البيانكونيري” الذين وضعوا ثقتهم فيه منذ البداية باعتباره المدرب القادر على إعادة اليوفي للواجهة من جديد. كونتي يقود السيدة العجوز للفوز بلقب السكوديتو للمرة 28 في تاريخه تمكن الداهية الإيطالي من إعادة فريق اليوفي إلى الواجهة من جديد بعد ما تمكن من قيادته إلى منصة التتويج بعد إحرازه لقب البطولة الإيطالية للمرة ال28 في تاريخ النادي الذي أدى موسما في مستوى التطلعات ولم يتكبد أية خسارة طواله وهو الأمر الذي جعله النادي الأحسن من جميع منافسيه الذين استسلموا أمام إرادة كتيبة كونتي التي حسمت أولى ألقابها هذا الموسم في انتظار نهائي الكأس ضد نابولي الأسبوع القادم.