على رغم الإحباط الذي أصاب الجماهير الجزائرية إثر عجز التشكيلة الوطنية عن العودة من سفرية العاصمة التنزانية، دار السلام، بفوز يعيد ولو بصيصا من أمل التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2012، خرج كل من تابع مباراة أمس شبه مقتنع بالروح القتالية التي أظهرها رفقاء مسجل الهدف عامر بوعزة، والعمل الجماعي الذي قدمته التشكيلة الوطنية بوجه عام، سيما خلال المرحلة الثانية من عمر اللقاء، وكانت خيارات المدرب الوطني الجديد وحيد حاليلوزتش في محلها إلى أبعد الحدود، الأمر الذي خلّف انطباعا مشتركا لدى كل عشاق الخضر بأن الفاف قد أحسنت الاختيار عندما عينت التقني البوسني على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني، إذ كانت الخطة التي انتهجها الأنسب لخوض مباراة بمثل هذه المعطيات، عدا بعض التحفظات بخصوص عدم ظهور بعض اللاعبين بالمستوى المطلوب لترجمة الأهداف المسطرة لبعث حظوظ التأهل ولو في انتظار لغة الحسابات ونتائج الفرق المنافسة، وعلى العموم يبقى الشيء الأكيد أن التحلي بروح المسؤولية والانضباط داخل المجموعة أصبحا دستور الفريق الوطني. التغييرات كانت في محلها واللعب الهجومي حاضر على صعيد آخر، أكدت التغييرات التي أجراها المدرب الوطني حاليلوزيتش خلال المرحلة الثانية من مباراة زوال أمس، أن الطاقم الفني يملك قدرات عالية في سد الفراغات وتصليح الخلل في التشكيلة، سواء من حيث نوعية اللاعبين الذين تم إقحامهم أو الأوقات التي توظف فيها التغييرات، فبمجرد انطلاق الشوط الثاني، اتضح بأن التقني البوسني قد أحدث تغييرا في الخط الأمامي لإنعاش حظوظ التسجيل، وإعطاء كثافة عددية في منطقة الخصم من دون إخراج مهاجم آخر، ما أثمر تسجيل هدف التعادل، وبتوقيع اللاعب القديم الجديد عامر بوعزة، وبقي الأمر على حاله أي حافظ الخط الأمامي على نجاعته وخلق فرصا عديدة لكنها ولسوء الحظ لم تستغل كما ينبغي، فضلا عن إقحام غزال في منصب مهاجم ثاني مع خروج مجاني وزياني وإقحام يبدة لتعزيز الوسط بحثا عن صانع للعب، وإن كان يبدة في غير مستواه بسبب تحضيراته والتحاقه المتأخر بناديه الجديد غرناطة. قراءة الشوط الأول سلاح الطاقم الفني إذا كان الحكم على المدرب الوطني في أول اختبار له مع الفريق الوطني يعد إجحافا في حق الرجل، لكن هناك عددا من النقاط يمكن اعتبارها نقاطا إيجابية، يقف على رأسها أن الفريق الوطني ظهر بوجهين مختلفين للغاية، وعلى عكس الشوط الأول الذي ظهر فيه اللاعبون في فورمة متدنية مع ضعف التغطية في مراكز الاسترجاع وكذا الدفاع، بدليل تلقي أول هدف عكس أطوار ومجريات اللعب ومن أول فرصة يصنعها المنتخب المنافس، أما في المرحلة الثاني فقد أظهر المدرب وحيد حنكة كبيرة أعطت الدفع اللازم لمردود منتخبنا الوطني، ما سمح بتعديل النتيجة وإهدار أكثر من فرصة سانحة لتعميق الفارق فضلا عن الاستحواذ الكبير على الكرة بنسبة تفوق نسبة استحواذ المنتخب المضيف. التقني الفرانكو بوسني نجح في أول خرجة له يمكن اعتبار الخرجة المقبولة جدا لمستوى المنتخب الوطني، أول اختبار ناجح للمدرب الجديد للفريق الوطني، وبصرف النظر عن النتيجة التي لا تخدم الخضر بحكم المرتبة التي يحتلونها في مؤخرة ترتيب المجموعة الرابعة، سيما وأن الناخب الوطني تعامل مع تشكيلة لا يملك عنها المعلومات الكافية، مهما كانت التقارير التي تحصل عليها والأشرطة التي تمت متابعتها من طرف كل أعضاء الطاقم الفني، حيث لم يلعب الفريق الوطني أي مباراة ودية خلال تاريخ الفيفا الماضي، لما عسكر الفريق الوطني بفرنسا، ومع صعوبة المهمة إلا أن حاليلوزيتش تمكن من السيطرة على المجموعة وأحسن توظيف لاعبيه في أول خرجة له مع المنتخب الجزائري. التحضيرات كانت انضباطية أكثر منها فنية بالوقوف عند الظروف التي دارت فيها المباراة وحتى معسكر سيدي موسى التحضيري و نهاية لقاء تنزانيا، تبين بأن التقني البوسني ركز بشكل كبير على الأمور الانضباطية، مع شحن معنويات اللاعبين، خصوصا أنه استلم فريقا وطنيا ملغما بالتكتلات، فضلا عن المعنويات المنهارة للاعبين بعد نكسة مراكش أمام المنتخب المغربي، حيث يتبين بمجرد إلقاء نظرة معمقة على تصرفات اللاعبين فوق أرضية الميدان وانسجامهم الكبير خصوصا أثناء الخمسة وأربعين دقيقة الثانية من عمر المواجهة، يتضح بأن عملا كبيرا قد أنجز من الناحية الانضباطية والكل يسير تحت إمرة المدرب الوطني ولا صوت يعلو فوق صوته.