سعداوي يترأس اجتماعا لتحضيرات إجراء امتحانات البكالوريا والبيام    انتخاب 426 مترشحاً لتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة    ترك قرار الزيادة في المعاشات للسلطات العليا للبلاد    الجزائر تدعو لموقف إسلامي رافض لتهجير الفلسطينيين    خنشلة: الأمن الحضري السابع توقيف شخصين و حجز 280 مهلوسات    في يوم الورد يحلمن بالخبز..؟!    انطلاق الطبعة 5 للمهرجان الولائي للأنشودة الدينية للشباب    تنظيم تظاهرات متنوعة تبرز دور المرأة بولايات جنوب البلاد    اتحاد النساء ينظم وقفة ترحم على روح الشهيدة بن بوعلي    حساني شريف يدعو إلى توحيد الصفوف    سنوسي في ذمة الله    تنظيم الطبعة ال11 يومي 10 و11 ماي بالعاصمة    ارتفاع في صادرات الغاز    سنصل إلى توزيع الماء يومياً يومي بكامل وهران    الشرطة تراقب..    توقعات بحرارة فوق المعدل    هذا احتياطي الجزائر من الذهب    شنقريحة: لحرائر الجزائر حقّ الافتخار بالمُنجزات    الجزائر تؤكد على الحقّ في الاستخدامات السلمية    انطلاق مسابقة تاج القرآن بالعاصمة    إنْ لم نقرأ ختمة أو نسمعها في شّهر القرآن.. فمتى؟!    اليوم العالمي للمرأة: الوزير الأول يكرم عددا من النساء الجزائريات المبدعات    فرنسا استخدمت أسلحة كيميائية على نطاق واسع في الجزائر    تمديد فتح مكاتب البريد إلى الخامسة مساء    جثمان الصحفي محمد لمسان يوارى الثرى بمقبرة عين البنيان    التحالفات حجر الزاوية في انتخابات "السينا" اليوم    رئيسا غرفتي البرلمان يهنّئان الجزائريات في عيدهن العالمي    سونلغاز تشرع في تنفيذ التزاماتها بالنيجر    مساعٍ لسد احتياجات الأسر المعوزة بباتنة    توزيع قفة رمضان وإفطار الصائمين    اليونان.. الإفطار على صوت المدفع والموائد الجماعية    المرأة الصحراوية الأكثر "معاناة" و"تأثرا" بالجرائم ضد الإنسانية    نساء فلسطين ضحايا الاحتلال الصهيوني والتخاذل الدولي    تركيب الوحدة الأولى لمركز البيانات الوطني الثاني    مدرب هيرتا برلين الألماني يدعم إبراهيم مازة    مدرب عمورة السابق يعترف بتطور مستوى مهاجم "الخضر"    الوعي العلمي في الجزائر عرف تحوّلات عدة    إحياء سهرات رمضان نصرة لفلسطين    مشكلة الملاعب تقلق "الخضر" قبل لقاء بوتسوانا في تصفيات المونديال    المسيرة الدولية للنساء في سويسرا تجدد التزامها بدعم نضال المرأة الصحراوية    الجولة ال19 من الرابطة المحترفة "موبيليس":مولودية الجزائر يحكم قبضته على الصدارة وبلوزداد يتراجع    الاتحاد الجزائري لكرة القدم : تعديلات في برمجة مباريات الكأس والبطولة    بشعار "في رحاب رمضان … الجزائر تنشد" : أزيد من 100فرقة بمهرجان الأنشودة الدينية لاحياء ليالي رمضان    شباب بلوزداد يفتح ملف مايو خانيسا .. واجتماع راموفيتش    بعنوان سنة 2025..تنظيم الطبعة الثانية للأولمبياد الجزائرية للرياضيات    جثمان الصحفي محمد لمسان يوارى الثرى بمقبرة عين البنيان بالعاصمة    جمباز/ دورة جيمنيكس الدولية: تتويج الجزائرية كيليا نمور بمونتريال    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم ومخيميها لليوم ال41 على التوالي    مؤتمر إفريقيا للاستثمار والتجارة: تنظيم الطبعة ال11 يومي 10 و11 مايو المقبل بالعاصمة    على مائدة إفطار المصطفى..    أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ    برنامج تأهيلي للحجاج    تجديد النّظر في القضايا الفقهية للمرأة من منطلق فقهي رصين    الإنتاج المحلي يغطّي 76 % من احتياجات الجزائر    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات خدمة الحجاج والمعتمرين    الإنتاج الصيدلاني الوطني يغطي 76 بالمائة من الاحتياجات الوطنية    اجتماع تنسيقي لتطوير آليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    شهر الجود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيجل موطن الخضرة والجمال
الرحلة الثانية في ربوع الوطن مع الديوان الوطني للسياحة
نشر في المساء يوم 24 - 11 - 2013

المحطة الثانية من الرحلة التي قادتنا إلى شرق الوطن تحت رعاية الديوان الوطني للسياحة، بعد ولاية تيزي وزو؛ كانت ولاية جيجل، حيث انبهرنا بجمال طبيعتها الخلاب المهرب من الجنة، وخلجانها الساحرة التي تنضح جمالا رغم برودة الطقس وتلبده إلى جانب طيبة أهلها وحرص حرفييها على الجد والكد للنهوض بقطاع الصناعات التقليدية، خاصة أن المنطقة معروفة بصناعة الجرار الطينية، الجلود و»المجبود»، كما قادتنا زيارتنا إلى قرية سيدي عبد العزيز، حيث نصبت الخالة وردة - كما يلقبونها- ورشتها المتواضعة، كونها تعتبر رائدة في صناعة الطين، استضافتنا وعرضت علينا آخر منتوج لها يتمثل في «طاجين النمرة»، وسنتحدث في هذا الربورتاج حول هذه التسمية وأمور أخرى عن واقع الصناعة التقليدية في القطاع.
للعبور إلى جيجل العذراء، لابد من المرور على مناطق أخرى تسبقها، تنضح جمالا وحياة، فلا يمكن أبدا إغفال الجمال الخلاب الذي تتميز به منطقة إعكوران التابعة لولاية تيزي وزو، حيث تتلون الحياة بالأخضر، مما يعطي المسافر شعورا بالراحة النفسية، حيث تنعكس تدرجات الألوان إيجابيا على الذات لتشعر أنك بحاجة لاستنشاق أكسجين المنطقة النقي، ولأنها فرصة لا تعوض، ركنت الحافلة التي تقل الصحفيين جانبا، لننزل ونستمتع بروعة المكان، فالزفرات الأولى تشعرك بالنشاط والحيوية، رغم أن ذلك اليوم كان ممطرا، إلا أن شوق الاستكشاف كان أكبر، كما لم يفوت الزملاء فرصة التقاط صور تذكارية وأخرى مهنية للمكان، خاصة أن توزعت على جنبات الطريق محلات لبيع الأطقم الخزفية والطينية التي أبدع حرفيو المنطقة في صنعها، حيث حملت أشكالها وألوانها أصالة المنطقة، على غرار الجرار الصغيرة المزينة بنقوش فضية، والأطقم الخاصة بالقهوة والشاي المتربعة في صينيات، والمزينة بمختلف الزخارف والنقوش قصد إغراء المسافرين وأبناء المنطقة، تركنا المكان كي نتجه صوب مقصدنا، لتستقبلنا الحسناء بجاية بصمتها الأخاذ وحسنها المشع، حيث وقفنا مرة أخرى بين الجبال والبحر نشاهد روعة «تيشي» وهي تستقبل زخات المطر، لتؤكد الطبيعة أن الجمال لا يمكن أن يختفي حتى وسط الكآبة التي يفرضها فصل الشتاء، ولأن اليوم كان ممطرا جدا وهادئا لأن الجميع كان في البيت بحكم عطلة عاشوراء، سارت الحافلة في هدوء خوفا من الانزلاق، خاصة أن الطريق حافل بالمنعرجات التي يخفف جمال الطبيعة من حدتها، المطلوب فقط هو السير في تأنّ للاستمتاع بالزمان والمكان.
وصلنا إلى مدينة جيجل في حدود الساعة الواحدة والنصف، فتوقفنا أمام دار الصناعات التقليدية، حيث وجدنا في استقبالنا مدير دار الصناعات التقليدية ومدير السياحة، السيد نور الدين منصور، هذه الدار التي تزينت بمختلف الأشكال، الألوان والأعمال الإبداعية كونها تحتضن إنجازات الحرفيين من كل شبر من الوطن؛ إذ يمكنك إيجاد «البلغة» التلمسانية والصحراوية، «الجبة» القبائلية والتلمسانية، إلى جانب مختلف التحف الرملية، النحاسية والطينية، وعلى رأسها الجرار الكبيرة الخاصة بتخزين الماء و«العولة» بالمنطقة.
وأشار السيد عبد الحق كرديد، مدير دار الصناعات التقليدية إلى أن الصناعة الحرفية بالولاية تضم نشاطات عديدة تبرز تقاليد وثقافة أهل المنطقة، كما تتوفر على مواد أولية معتبرة يمكن استغلالها في بعث التنمية المحلية وترقية العمل الحرفي، بالتالي خلق مناصب شغل إضافية في مجال الصناعات التقليدية، ومن أهم النشاطات الحرفية في الولاية يقول محدثنا:
«تنتشر في الولاية عدة نشاطات حرفية تقليدية، منها صناعة الأواني الخشبية التي تنتشر بالمناطق الجبلية، كبلدية جيملة والأمير عبد القادر، قصد توفر المواد الأولية المتمثلة في الفلين، الزان، الصنوبر واليفش التي تصنع منها الصحون، الملاعق والقصع الخشبية، إلى جانب صناعة الجلود التي تتمركز بالجهة الشرقية من الولاية، كسيدي عبد العزيز والجمعة بني حبيبي، ومن أهم المنتجات نجد؛ الأحزمة الجلدية، الحقائب وأدوات الصيد. أما صناعة الفخار يقول المتحدث فتقتصر على المناطق الريفية نظرا لحاجة الأسر لأدواتها، في حين تنتعش صناعة التحف الفنية بها لوفرة المادة الأولية، على غرار الفلين، الأصداف البحرية، الخشب ومختلف المعادن التي تستعمل في الديكور. استفادت الولاية التي يبلغ عدد حرفييها 8502، منهم 966 إناثا، من دار للصناعات التقليدية، تمت بها الأشغال بنسبة 95 بالمائة، وتضم قاعة للعروض، ورشات لمختلف الأنشطة الحرفية التي تشتهر بها الولاية، إضافة إلى قاعة للتكوين، مع مكاتب إدارة، علما أنه توجد 6492 مؤسسة حرفية تضمن 15383 منصب شغل. ومن بين التظاهرات الحرفية التي تشهدها الولاية بهدف خلق دينامكية أكثر وإيجاد فضاءات للترويج وتسويق المنتوج التقليدي؛ الصالون الوطني للجلود، العيد المحلي للسمك، المعرض الجهوي للصناعات التقليدية بسيدي عبد العزيز، معرض خاص بمناسبة اليوم الوطني للصناعة التقليدية المصادف ل 9 نوفمبر من كل سنة.
وبسبب كثرة الحرفيين بالمنطقة، فقد تمت برمجة سلسلة خرجات خلال ذلك اليوم، حيث عرجنا على ورشة الخياطة التقليدية المختصة في صناعة «قندورة المجبود» و«الفتلة» لصاحبها بوخميس، إذ تحتضن مؤسسة «الأصالة والإبداع» التي تديرها أزيد من 200 فتاة، وتكوّن الدار سنويا أكثر من 50 حرفيا. وفي هذا الصدد، أشارت الفتيات اللائي تحدثنا إليهن إلى سعيهن المستمر بهدف الحفاظ على الحرف التقليدية، خاصة صناعة «قندورة المجبود» بمختلف أنواع الطرز، على غرار «الكوكتال الذي يعتبر موضة في هذه الحرفة والفتلة التي تعتبر من أعرق الأنواع».
السيد صديق بومهراز حرفي في الجلود، زرنا ورشته الواقعة بسيدي عبد العزيز، وحول نشاطه قال ل «المساء»: هذه الحرفة توارثناها أبا عن جد، ولا يخفى أننا نغطي 70 بالمائة من السوق الوطنية من الأحزمة، كما أننا مهيكلين في جمعية «فن وأصالة للجلود» التي تضم 53 حرفيا بسيدي عبد العزيز ونشارك في مختلف النشاطات للتعريف بالحرفة. علما أن هناك إقبال كبير على الجلود، لكن لدينا بعض المشاكل المتمثلة في نقص المادة الأولية والنوعية، إضافة إلى مشكل التهريب، وانتشار المنتوج الصيني المتسبب في بعض الأمراض. وحول مدى إقبال المرأة الجزائرية على المنتجات الجلدية، قال محدثنا: «المرأة تشتري المنتوجات اليدوية بقوة، والعنصر النسوي يعمل في هذا المجال، حيث لدينا 3 موظفات في الورشة يعملن بكد وجهد». وحول طموحاته وأهدافه، قال محدثنا: «سيدي عبد العزيز معروفة بنظام الإنتاج المحلي، وبدورنا نسعى إلى جعلها في عام 2025 قطبا وطنيا لصناعة الجلود في ولاية جيجل، والارتقاء بالحرفي البسيط إلى صاحب ورشة يعمل بدوره على احتضان حرفيين جدد.
الحرفية وردة؛ رمز للتحدي والجد
صعدنا إلى أعالي قرية سيدي عبد العزيز بهدف لقاء السيدة وردة بوطالب المعروفة بصناعة أدوات من الطين، حيث أبدعت في تحضير «طاجين» جديد كبير الحجم أطلقت عليه اسم «طاجين النمرة»؛ وهو «اسم يطلق على المرأة الشاطرة»، وتقول حول حرفتها: «مارست هذه الحرفة مند سنوات، قاومت المرض والتعب ولم استسلم لهما يوما، وأعمل بالمثل القائل؛ «يروح بابا وجدي تبقى صنعت يدي». وحول يومياتها مع هذه الحرفة تقول: «أذهب لإحضار الطين من الجبل، وعندما يجف أضعه في الماء حتى يذوب، ثم أقوم بعجنه، بعدها أحفظه في أكياس بلاستيكية، إذ في السابق كنت أضعه في حفرة في الأرض حتى يبقى الطين أملسا، ثم أشرع في العمل بعد تحضير كمية كبيرة من العجين، فسابقا كان لدي فرن تقليدي أشعله بالحطب، واليوم بنى لي ابني فرنا كبيرا، وهو يقاسمني هذه الحرفة.»
وحول الأنواع التي تصنعها، قالت محدثتنا: «هناك الطواجين والحلابة التي يطلق عليها اسم «لالات الفخار»، حيث يمكن أن تستعمل للطبخ ووضع الأكل فيها خلال الأعراس، وهنا كأس اللبن وكيلة الزيت التي يطلق عليها اسم»الشبرية» و»الناصرية» التي تحمل 3 لترات من الزيت، وأقول للشابات والشباب؛ العمل عبادة، فأنا لا أصدق مقولة أن العمل غير موجود، كل ما يجب عمله هو التوكل على الله».
بجيجل الجميلة، تعرفنا على العديد من المناطق والحرف التقليدية التي تعد فخرا للمنطقة، ولا يمكن أبدا المرور بها دون تناول الكسكسي المزين بالسمك، حيث كان الفريق على موعد بذوق جديد في مطعم السمك، بقلب المدينة، باعتباره رائدا في تحضير كل أنواع السمك. وفي يوم عاشوراء كان مبيتنا بفندق الجزيرة بقلب جيجل، أين قضينا الليلة لاستقبال يوم جديد بمدينة الجسور المعلقة، حيث كانت هناك مفاجاءات كثيرة في استقبالنا، سنوافيكم بتفاصيلها في ربورتاجنا الثالث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.