بالرغم من أن عادات استقبال رمضان في بجاية لا تختلف كثيرا عن باقي ولايات الوسط، إلا أن تحضير الكسكسي بصفة يومية يعتبر ميزة أهل بجاية، لما لهذا الطبق التقليدي من خاصية لدى المنطقة، فلا تكاد تخلو مائدة الإفطار من، أحد أنواع الكسكسي سواء بالخضار الموسمية أو غيره. كما يكتسي صيام الطفل لأول مرة ببجاية طقوسا خاصة ما تزال الأسر محافظة عليها عبر الأجيال.. لا تختلف عادات الأسر البجاوية في استقبال شهر رمضان عن باقي مناطق الوسط، حيث تشير السيدة تمعزوزت بن موسى وهي حرفية من بجاية شاركت مؤخرا في مهرجان إبداعات المرأة بالعاصمة، إلى أن الأسر في بجاية تحضر نفسها لاستقبال رمضان خلال شهر شعبان بتجهيز التوابل والجديد من الأواني دون إغفال فتل الكسكسي، كونه طبقا لا يستغنى عنه حتى في رمضان، حيث تشير الحرفية إلى أن الاستعدادات لرمضان تمت في شهر شعبان، حيث تشرع النسوة بتنظيف البيوت وطلائها أن أمكن واقتناء الجديد من الأواني، "هذه العادة ورثناها عن الجدات ولذلك فإننا نشتري أواني جديدة كل رمضان حتى وأن لم تكن الحاجة إليها كبيرة، ولكننا نفعل ذلك إحياء لمقام رمضان المبارك"، تقول المتحدثة مضيفة أن ربة البيت تنزل بنفسها إلى الأسواق لتشتري حاجات مطبخها من فريك وتوابل وغيرها، موضحة أن شوربة الفريك تعتبر سيدة المائدة البجاوية طيلة أيام الشهر الفضيل، وإلى جانبه طبق الكسكسي الذي لا يستغنى عنه حتى في رمضان، تؤكد المتحدثة التي تشير إلى أنها شخصيا تحضره طيلة أيام الشهر الفضيل بعدة أنواع، سواء بمرق أحمر أو أبيض أو حتى بالخضر أو بالزبيب ويؤكل باللبن وهذا تحديدا في السحور. وإلى جانب الشوربة والكسكسي، فإن المائدة الرمضانية البجاوية تعرف تنوعا آخر من حيث الأطباق التي تشبه كثيرا أطباق مناطق الوسط، مثل مرق الدجاج الأحمر أو "شطيطحة جاج" وهناك المثوم أي قطع اللحم بالثوم، وتوضح الحرفية أن المائدة البجاوية تعرف تنوعا في الأكلات الرمضانية باختلاف المواسم، فإذا كان الموسم شتاء فإن المائدة تعرف حضور أكلات شتوية على غرار اللوبيا والعدس من باب التنويع، ولأنها كذلك أكلات تبعث الدفء في النفوس، وعلى عكس الشتاء فإن موسم الصيف وحرارته المرتفعة يبحث الصائمين على أكل خفيف ومتنوع يجمع ما بين أنواع السلطات ومنها طبق الحميس أو الفلفل الحلو المهروس مع الطماطم، وكذلك أنواع "الشكشوكة"، أو عجة الخضار. غير أن اللافت للانتباه أن نفس المائدة تعرف إلى جانب وجود الشوربة والكسكسي، حضور خبز الدار أو الكسرة، مثلما تسميها الحرفية. وتشير الحرفية إلى أن أيام رمضان تمضيها ما بين تحضير طعام الإفطار ومزاولة حرفتها اليدوية المتمثلة في الديكور المنزلي، أو حتى زيارة بعض المعارض التي تقام في بجاية والخاصة بالصناعة اليدوية، أما الزيارات العائلية فهي مبرمجة في ليالي رمضان خاصة وأنه يتوسط الموسم الصيفي حيث تكثر الخرجات الليلية. نصفية رمضان تشهد تحضير الكسكسي باللحم البقري والخضار الموسمية، تقول المتحدثة، أما الطفل الذي يصوم لأول مرة فإنه يفطر على ماء به قطعة حلي فضية كدليل على صفاء نيته في صوم رمضان وإخلاصه لله تعالى، ذلك لأن الفضة معدن صافي وهو غالي عند القبائل، ولكن يشترط هنا أن يكون جالسا في عليّة مثلا على قرميد البيت، أو أن يتم رفعه على السطوح أو الشرفة، المهم أن يكون مكانا عاليا عن بقية أفراد الأسرة، وبعد ذلك يتم إنزاله لتكون حبة بيض أول ما يفطر عليها الطفل ثم باقي الأطباق المحضرة على مائدة الإفطار. أما حلويات عيد الفطر فإنها لا تختلف كثيرا عن الحلويات التي تعرفها بقية مناطق الوسط، حيث تشير الحرفية إلى أن مدارس تعليم الطبخ والحلويات قد ساهمت كثيرا في تنويع حلويات عيد الفطر، فتجدها اليوم تتنوع ما بين الدزيريات والتشاراك والغريبية، إلا أن المقروط يعتبر قاسما مشتركا ما بين كل العائلات البجاوية.