ما تزال سهرات المهرجان الدولي الثقافي للمالوف في طبعته الثانية لمدينة سكيكدة تصنع أفراح عاصمة روسيكادا التي احتضنت الفن الأصيل المستمد من عمق التراث فأحبته حبا سكن وجدانها بعد أن أعاد إلى ذاكرتها أيام الوصل في الأندلس... الليلة الرابعة من فعاليات هذا المهرجان تميزت بالأداء المتألق الذي قدمته فرقة الانشراح لمدينة قسنطينة المغرومة حد النخاع بالمالوف حيث أتحفت الأسماع بباقة من النوبات الأصيلة للمالوف القسنطيني بداية من نوبة موسيقية في طبع المزموم ثم ألحقتها "بمصدر يا كامل الحسن" ثم "بطايحي نسيم العريج عبّق" وبعدها ّدرج حسبك الله عني" لتختتم عرضها "بنصراف جادك الغيث وكم لي في الماشية"...وما يمكن قوله عن هذه الفرقة الفائزة بالرتبة الثالثة في المسابقة الوطنية للمالوف التي احتضنتها مدينة قسنطينة جويلية الأخير هو الأداء المتميز لأعضاء الفرقة التي تأسست في 10 أكتوبر1979 وتضم أكثر 43 عضوا أصغرهم يبلغ من العمر 06 سنوات وأكبرهم 48 عاما الذين أبدعوا سواء في العزف على مختلف الآلات الموسيقية أو الغناء باصوات متناسقة تفاعل معها الجمهور السكيكدي الذواق للفن الأصيل... أما فرقة المالوف والموشحات والألحان العربية القادمة من الجماهيرية الليبية التي يقودها الأستاذ الباحث حسن عريبي فقد فاجأت الحضور من خلال العرض الراقي الذي قدمته والذي يحمل في عمقه الفني المسحة الصوفية العيساوية الذي يربط بين الفن المشرقي والمغاربي حيث أتحفت الأسماع بنوبة المالوف على طبع "الحسين سماعي وهو عبارة عن موشح مشرقي ثم بنوبة من المالوف الليبي الأندلسي المتسم بمسحة صوفية من الغزل العذري العفيف ثم بموشح أندلسي قديم ملحن قي مقام الرصد، وهو عبارة عن موشح عقيق يتضمن كلمات راقية جدا مستوحاة من الأدب الصوفي... أيضا وما زاد في جمالية العرض المقدم من قبل هذه الفرقة الليبية التي يكتشفها السكيكديون لأول مرة الأداء المحترف والمتميز لأعضاء الفرقة وهو أداء أثار إعجاب حتى الوفود الأجنبية الحاضرة منها الوفد السوري بقيادة الاستاذ قسيس وكذا خليل كرادومان التركي الذي تابع باهتمام كبير الأداء الليبي.