تواصل القيادة العسكرية الجديدة في موريتانيا مساعيها لتبرير الانقلاب العسكري الأبيض الذي نفذته الأربعاء الماضي ضد نظام الرئيس الشيخ ولد سيدي عبد الله في وقت زادت فيه الضغوط الخارجية مطالبة بإعادة السلطة إلى هذا الأخير. ويبدو أن مساعي قائد الانقلابيين الجنرال محمد ولد عبد العزيز لتبرير انقلابه لم تقنع الاتحاد الإفريقي الذي أدان عملية الانقلاب بشدة وذهب الى حد التهديد بتجميد عضوية موريتانيا في الاتحاد الإفريقي. وحذر الاتحاد الإفريقي أمس قادة الانقلاب بتعليق عضوية موريتانيا في الاتحاد إن لم يتراجعوا عن انقلابهم ويعيدوا السلطة إلى الرئيس المخلوع الشيخ محمد ولد سيدي عبد الله. وأكد وزير الخارجية التنزاني الذي يتولى حاليا رئاسة مجلس وزراء الاتحاد الإفريقي في بيان اصدره أمس، أن الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطيا أمر غير دستوري. واضاف البيان أنه "تماشيا مع الممارسة الحالية الخاصة بتعليق عمل الحكومات التي تأتي إلى السلطة من خلال طرق غير دستورية سيعلق الاتحاد الإفريقي عضوية جمهورية موريتانيا الإسلامية حتى تعود البلاد إلى الحكومة الدستورية" . ووصف وزير الخارجية التنزاني الانقلاب بأنه نكسة خطيرة لموريتانيا وقال انه سيسلب الموريتانيين حقهم الأساسي في أن ينتخبوا قادتهم بكل حرية. ولبحث تداعيات الانقلاب حل أمس بالعاصمة نواقشوط وفد عن الاتحاد الأفريقي برئاسة مفوض مجلس السلم والأمن رمضان لعمامرة موفدا عن رئيس المفوضية الأفريقية جون بينغ. وقال قاسم المتحدث باسم الاتحاد الأفريقي في تصريح صحفي، أن وفد الاتحاد الإفريقي سيؤكد لقادة الانقلاب موقف هذا الأخير الرافض للاستيلاء على السلطة وتغيير الحكومات بغير الوسائل الدستورية وفقا للقانون الدستوري للاتحاد الأفريقي وإعلان لومي الصادر في عام 2000 والبروتوكول المؤسس لمجلس السلم والأمن الأفريقي. وأضاف أن الوفد سيبحث الموقف في موريتانيا في أعقاب الانقلاب من جميع أبعاده كما سيحث قادته على عودة النظام الدستوري وسرعة المبادرة بإعادة العمل بالمؤسسات الدستورية في البلاد. وأشار إلى أنه سبق للاتحاد الأفريقي تعليق عضوية موريتانيا عقب الانقلاب السابق على هذا الانقلاب ثم أعاد عضويتها بعد الانتخابات الديمقراطية الأخيرة التي وضعت الرئيس المطاح به على سدة الحكم في شهر ماي من العام الماضي. يذكر أن مجلس السلم والأمن الأفريقي كان قد طلب في جلسة عقدها نهاية الأسبوع حول الموقف في موريتانيا على ضوء الانقلاب بالإفراج عن الرئيس ولد الشيخ عبد الله ورئيس وزرائه احمد يحيى الواقف والحفاظ على سلامتهم. كما جدد المجلس إدانته للانقلاب وسرعة عودة النظام الدستوري وإعادة العمل بالمؤسسات المنتخبة ديمقراطيا في البلاد. وفي نفس السياق وصل إلى العاصمة نواقشوط احمد بن حلي ممثل الجامعة العربية لبحث التطورات التي أعقبت العملية الانقلابية. وقال بن حلي بعد محادثات أجراها مع الجنرال محمد ولد عبد العزيز انه جاء إلى نواقشوط للحصول على ضمانات بخصوص استمرار المسار الديمقراطي في البلاد. وأضاف أن الجنرال ولد عبد العزيز تعهد بمواصلة العملية الديمقراطية من خلال الإبقاء على كامل مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة في اقرب وقت ممكن. وكان مجلس الدولة الجديد في موريتانيا تعهد باحترام الديمقراطية والمحافظة على مؤسسات الدولة وممارسة السلطة التنفيذية فقط مع الاحترام الكامل للفصل بين السلطات في خطوة نحو احتواء الوضع المتوتر الذي خلفه الانقلاب العسكري. ويكون الجنرال محمد ولد عبد العزيز قد وجد نفسه مرغما على طمأنة عواصم القرار الدولي بان الحياة السياسية في البلاد ستعود إلى طبيعتها بإجراء انتخابات ديمقراطية في وقت قصير . وضمن هذه المساعي كان الحبيب بن يحي الأمين العام لاتحاد المغرب العربي أول مبعوث يستقبله قائد الانقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز بعد ان كلفه الرئيس الحالي للاتحاد المغاربي الرئيس الليبي معمر القذافي ضمن مهمة لاستشعار الاوضاع ومعرفة حقيقة ما جرى. وقال بن يحيى أنه كلف من طرف القائد الليبي معمر القذافي رئيس مجلس رئاسة الاتحاد بمهمة التعرف والاطلاع على الأوضاع في موريتانيا والاطمئنان عليها.