دقت الجزائر ناقوس الخطر إزاء تزايد قدرة الجماعات الإرهابية في إلحاق الضرر بسبب دفع الفديات، داعية، في هذا الصدد، إلى تعزيز الشراكة الإفريقية الأمريكية في مجال السلم والأمن، التي سبق لها وأن حققت نتائج إيجابية للاستجابة، بشكل أحسن، لأولويات وحاجيات القارة السمراء. جاء ذلك في تصريح الجزائر خلال قمة الولاياتالمتحدة - إفريقيا، التي اختُتمت أول أمس بواشنطن. حيث أكدت بلادنا أن طبيعة العنف على مستوى القارة، تطورت خلال السنوات الأخيرة مع تضاعف الجماعات الإرهابية واتصالها بشبكات المتاجرين بالمخدرات والأسلحة والبشر. وتشير الوثيقة إلى أن المداخيل الناجمة عن هذه المتاجرة والقرصنة ودفع الفديات، زادت من قدرة الجماعات الإرهابية على إلحاق الضرر؛ حيث حث الوزير الأول السيد عبد المالك سلال خلال دورة السلم والأمن التي نُظمت بمناسبة هذه القمة، على تعزيز القدرات الإفريقية لتسوية النزاعات، داعيا إلى تعاون متزايد مع الولاياتالمتحدة في مجالات المخابرات، التكوين والتجهيزات الخاصة بمكافحة الإرهاب. كما عبّر السيد سلال عن ارتياحه لمبادرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخاصة بإنشاء صندوق للشراكة في مجال مكافحة الإرهاب؛ حيث صرح أوباما خلال قمة سياسية مع القادة الأفارقة عُقدت يوم الأربعاء الماضي، بأن القارة والولاياتالمتحدة لهما فرصة تعميق تعاونهما في مجال الأمن؛ قصد مواجهة التهديدات الإرهابية، مؤكدا أن بلده سيستمر في تعزيز القدرات الإفريقية في مجال مكافحة الإرهاب. تجديد قانون النمو وفرص الاستثمار في إفريقيا وبالإضافة إلى الشق الأمني، حدّدت الجزائر مجالات عديدة كالطاقة والبيئة لتكون جوانب هامة لشراكة مدعَّمة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإفريقيا؛ حيث تضمّن الإعلان أيضا اقتراحات تتعلق بالاستثمار والتجارة؛ "لتمكين القارة الإفريقية من تغطية النقص الذي تعرفه في البنى التحتية وتنويع اقتصادها وتسريع اندماجها". وفي هذا الصدد، دعت الجزائر إلى تجديد قانون النمو وفرص الاستثمار في إفريقيا، وتعزيز "الإجراءات التحفيزية المتعلقة بضمان القروض والدعم المالي للمؤسسات الأمريكية المستثمرة بالخارج". وفي مجال الطاقة تم التأكيد على "أن المشروع الهيكلي الجهوي لأنبوب الغاز العابر للصحراء والذي سيغطّي حصة من احتياجات منطقة الساحل، يستحق الدعم"؛ حيث دعت الجزائر إلى شراكة من أجل "تطوير الطاقات الجديدة" وكذا في ميدان "البحث واستكشاف" الحقول النفطية الجديدة. وفي مجال الزراعة، أكد الإعلان الجزائري على "واجب الولاياتالمتحدةالأمريكية في تعزيز دعمها في مجال التكوين والخبرة والحصول على البذور والمستلزمات الزراعية"، داعيا الشريك الأمريكي إلى مرافقة القارة في تحقيق أهداف الألفية من أجل تطوير مجالات التربية والصحة وتشغيل الشباب وتحرير المرأة". ومن جهة أخرى، تطرقت الوثيقة للشباب والجالية الإفريقية في الخارج، خاصة أن ما يقارب 400 مليون شاب إفريقي سيصلون إلى سن العمل في العشرين سنة المقبلة، مما يؤكد على أن "الشراكة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أضحت ضرورية (...) لإدماج هؤلاء الشباب في المسار الاقتصادي". وتضمّن الإعلان الجزائري أيضا التغيرات المناخية والبيئة وكذا العلوم التكنولوجية ومجتمع المعلومات؛ حيث يُنتظر من الشريك الأمريكي - حسب الوثيقة - "مساعدة إفريقيا في وضع استراتيجية حقيقية للصمود في وجه التغيرات المناخية والمحافظة على المحيط". كما يؤكد النص على أن "الشراكة يمكن أن تتضمن برامج تكوينية وتوفير منح دراسية". وقد أشادت الجزائر في إعلانها بمبادرة الرئيس باراك أوباما، المتمثلة في تنظيم أول قمة للولايات المتحدة - إفريقيا تحت عنوان "الاستثمار في الجيل القادم"، مؤكدة ضرورة اغتنام فرصة هذه القمة لتطوير شراكة ذات منفعة متبادَلة في مجالات مختلفة، وتعزيز التشاور والتنسيق حول المسائل الدولية ذات الاهتمام المشترك، مضيفا أن تعزيز هذا الأفق يكون بالإرادة المتقاسمة في جعل العلاقة الإفريقية - الأمريكية إحدى وسائل تعجيل حركية الاندماج القاري لإفريقيا، لتمكينها من تقديم إسهامها بالكامل للتنمية العالمية. وأضاف البيان أنه بالنظر إلى مؤهلاتها وطاقتها يمكن لإفريقيا تحقيق مشروعها النهضوي وتجسيد رؤيتها الخاصة بالسلم والأمن والتنمية، اللذين تم إطلاقهما منذ إنشاء الاتحاد الإفريقي خلال السنوات الأخيرة. وفي ظل الشمولية التي يتسم بها عالم اليوم، تمت الإشارة إلى سعي إفريقيا لتطوير مواقف مشتركة للمساهمة، بشكل إيجابي، في معالجة عدة ملفات دولية، على غرار ترقية السلم والأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان، وترقية حقوق الإنسان والتغيرات المناخية والانتقال الطاقوي وحماية البيئة والموارد الطبيعية ونزع السلاح وحظر انتشاره، وكذا إصلاح الحكم الراشد متعدد الأطراف. ويُذكر أن الوزير الأول السيد عبد المالك سلال الذي مثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذه القمة، كان مرفقا بكل من وزير الطاقة يوسف يوسفي، ووزير الصناعةوالمناجم عبد السلام بوشوارب، والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل.