دعا محللون سياسيون ومختصون في الشؤون السياسية والأمنية بالجزائر، إلى ضرورة مواكبة التحديات والتحولات السياسية الكبرى التي تميز منطقة المغرب العربي والساحل على وجه التحديد وانعكاساتها المباشرة على مستقبل القضية الصحراوية، مطالبين بالاسراع في تسوية هذه القضية وتمكين الشعب الصحراوي من العيش في الحرية والاستقلال. وفي منأى عن مختلف التهديدات الخاريجة التي تتربص بالمنطقة. وأبرز أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، الدكتور صالح سعود، في تدخل له في ندوة سياسية نظمت أمس السبت، بجامعة أمحمد بوقرة ببومرداس، في إطار تواصل أشغال الجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليزاريو، الواقع السياسي والأمني المشحون الذي يميز منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي والساحل الافريقي على وجه التحديد، معتبرا الحراك الأمني والتدخلات المسلحة بالمنطقة مصدر تهديد دائم لدولها وشعوبها، بما في ذلك الصحراء الغربية التي تبقى دولة لا تتجزأ من المنظومة المغاربية.وأوضح الدكتور سعود، في هذا الإطار، أن مستقبل القضية الصحراوية مرهون بمستقبل الخارطة الجيوسياسية للمنطقة المغاربية والساحل الافريقي، بالنظر لما تمثله من مصدر جد هام للموارد الطبيعية الخام التي تبقى محل أطماع خارجية تسعى بشتى الوسائل لبسط سيطرتها على سيادة هذه الدول باسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، وسياسات الشراكة والتعاون المختلفة. مجددا تذكيره بأن بناء اتحاد مغرب عربي حقيقي وقوي يجمع شمل الدول العربية يستحيل في ظل استمرار احتلال الصحراء الغربية من قبل المغرب، الأمر الذي يعيق جهود التنمية والاتحاد والاستقرار بالمنطقة.وشدد المحاضر على وجوب اقتناع جميع الدول العربية والافريقية والغربية بأن قضية الشعب الصحراوي التواق إلى التحرر والانعتاق تتعلق بمسألة تصفية استعمار من الصحراء الغربية، وهذا ما تقره كل المواثيق واللوائح والقرارات الأممية المعنية بذلك، منتقدا بالمناسبة كل المساعي الرامية إلى تحريف هذه الحقيقة وتزييف حقائقها تحت تواطؤ مغربي صارخ، وأمام مرأى العالم دون تحريك أي ساكن.ومن جهته، دعا الأكاديمي لقمان مغراوي، في تدخل إلى مزيد من الجهد والحزم في التعامل مع القضية الصحراوية على كافة المستويات، لتمكين شعبها من تقرير مصيره وفق طموحاته وأحلامه المشروعة القائمة على مبدأ التحرر والانعتاق والعيش في حرية دائمة، معتبرا أنه من غير المعقول استكمال مسار بناء صرح المغرب العربي وتحقيق التكامل الجهوي والاقليمي بين شعوب المنطقة والشعب الصحراوي لا يزال يعاني من الاستعمار والاحتلال والقمع من قبل المغرب.وأضاف السيد مغراوي، موضحاأن استراتيجيات مجابهة التهديدات والتحديات التي تهدد مستقبل الشعوب المغاربية والافريقية لن تعطي أكلها في ظل تهميش دور الصحراء الغربية في ذلك، باعتبارها إحدى الكيانات الأساسية المشكلة للمنظومة المغاربية. داعيا المجتمع الدولي والهيئات الأممية المعنية إلى تعجيل تنظيم استفتاء تقرير مصير الصحراويين لاستمكال مسيرة البناء والتشييد والرقي بالمنطقة ككل.ولفت المتحدث في السياق، إلى أن المملكة المغربية تتعمّد إطالة أمد النزاع الصحراوي بهدف تحقيق المزيد من المصالح الاقتصادية السياسية مع بعض الدول المتواطئة، منتقدا تعمّد نظام المخزن إغراق الدول العربية والافريقية بما فيها الصحراء الغربية بسموم المخدرات (القنب الهندي)، وتغذية نشاط الجماعات الإرهابية المسلحة لضرب استقرار وأمن المنطقة وتحويلها إلى بؤر توتر تشجع على التدخلات العسكرية الأجنبية.وبدوره، اقترح الجامعي محمد صافو، في هذا الإطار، ضرورة تنسيق الجهود العربية والافريقية لإرساء استراتيجية سياسية وأمنية للتصدي للتحولات الكبرى التي تهدد مستقبل ملف الشعب الصحراوي، مشددا على ضرورة أن تشمل هذه الاستراتيجية دور الحكومة والمسؤولين الصحراويين بشكل يسمح بإعطاء دفع قوي لملف الصحراء الغربية نحو الانعتاق والتحرر.كما انتقد الأستاذ صافو، ممارسات المغرب الرامية إلى تغييب الدور الصحراوي فيما يتعلق بالمسائل الأمنية والسياسية على غرار مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الحدود، والاتجار بالمخدرات بشتى أنواعها والأسلحة، مجددا تذكيره بأن جبهة البوليزاريو تبقى قوة إقليمية قادرة على إشراك جهودها في هذا الإطار بالتنسيق مع الدول المعنية في سبيل تطهير المنطقة وحمايتها وتطويرها أكثر.