قطعت الجزائر أشواطا معتبرة في مسار عصرنة الإدارة والقضاء على البيروقراطية، والتخفيف من عبء الوثاق الإدارية على المواطن، وذلك بفضل تقليص عدد الوثائق المطلوبة في الملفات الإدارية، وتمديد آجال بعضها وتعميم العمل بالسجل الوطني للحالة المدنية، واستحداث ما يعرف بالشباك الموحد الذي يمكّن المواطن من استخراج هذه الوثائق من أية بلدية من بلديات الوطن، فيما يرتقب توسيع هذه التقنية قريبا على باقي الوثائق، في انتظار أن تتوّج كافة هذه الجهود بإصدار الرقم التعريفي الوطني لكل مواطن جزائري يغنيه عن استخراج كل الوثائق الإدارية. وقد أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية، السيد الطيب بلعيز، الأربعاء الفارط من وهران، عن استكمال عملية تعميم الشباك الموحد لاستخراج جميع وثائق الحالة المدنية عبر الوطن، مشيرا إلى توسيع هذه التقنية قريبا لتشمل الوثائق الإدارية المرتبطة بمجال التنقل كالبطاقات الرمادية ورخص السياقة، ومختلف الوثائق التي تعتمد على الأنظمة الرقمية التي تعفي المواطن من طول الانتظار، وتمكنه من استخراجها في أي مصلحة من المصالح المعنية عبر ولايات الوطن. وفي إطار تجسيد مسار القضاء على البيروقراطية وتقريب الإدارة من المواطن، برمجت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، اجتماعات فردية يجريها الوزير الطيب بلعيز، مع الولاة بغرض تقييم احتياجات كل ولاية وضبط مستوى تقدم مشاريع التنمية المحلية، وحسب السيد بلعيز، فإن هذه اللقاءات التقييمية التي يشارك فيها مديرو الإدارة العمومية ستضمن المتابعة الجادة والدقيقة والشاملة لمختلف الإنجازات والمشاريع المجسدة على المستوى المحلي، بهدف تقويمها وتذليل الصعاب والعراقيل التي تعترضها. وإذ أكد الوزير الذي أشرف بوهران، على عملية الإدماج في السجل الوطني لعقود الزواج والوفاة، بأن التنمية المحلية ستكون المحور الأساسي لأجندة الوزارة بعد إتمام إجراءات عصرنة الحالة المدنية، كشف عن منشور سيتم إرساله قريبا إلى الجماعات المحلية، يتضمن اقتراح جملة من الآليات الخاصة بتكريس الديمقراطية التشاورية على مختلف الأصعدة والمستويات، على أن يتبع هذا الإجراء بعقد ندوات محلية وجهوية تتوج بندوة وطنية لمناقشة الاقتراحات المتضمنة في هذا المنشور، وإثرائه من قبل أعضاء المجالس الشعبية البلدية وممثلي الإدارات العمومية. وينتظر أن تتوج جهود عصرنة مجال الحالة المدنية، والتخفيف من عبء الوثائق المطلوبة في الملفات الإدارية التي تم تقليصها من 36 إلى 11 وثيقة مع تمديد أجال صلاحية العديد من الوثائق، بإصدار الرقم التعريفي الوطني لكل مواطن جزائري، يعوض كافة الوثائق الإدارية، وهو المشروع المقرر تجسيده في الميدان في غضون السنة المقبلة. وتشمل هذه الجهود التي تجلت أولى ثمارها بإطلاق السجل الوطني الآلي للحالة المدنية، الذي تم بفضله تسهيل عملية استخراج الوثائق الإدارية من أية بلدية من بلديات الوطن، تمكين أفراد الجالية الجزائرية المقيمين بالمهجر، من استخراج الوثائق الإدارية الخاصة عبر الانترنت، وذلك بعد استكمال عملية ربط كافة القنصليات والممثليات الدبلوماسية ال124 المنتشرة عبر العالم بهذا المركز الوطني الآلي. وتعمل الحكومة في إطار تنفيذ التزاماتها بتقديم خدمات عمومية ذات نوعية وجودة للمواطنين، على تعميم إمكانية استخراج الوثائق الإدارية من أية بلدية، وتجنيب المواطنين مشقة التنقل، لتشمل قريبا استخراج شهادة السوابق العدلية في أقرب محكمة ممكنة، ثم بعدها الوثائق الخاصة بالتنقل وتنظيم المركبات، والتي سيتم في إطارها استحداث مركز آلي لتسيير البطاقيات الوطنية لرخص السياقة، وأرقام تسجيل السيارات والمخالفات المسجلة في حركة المرور، ويتزامن ذلك مع تعميم عصرنة الوثائق الإدارية من خلال عملية إصدار بطاقة الهوية ورخصة السياقة البيومتريين، واستكمال برنامج استصدار جوازات السفر البيومترية المقرر نهايته في شهر ماي 2015، وذلك قبيل الآجال المحددة في الاتفاقية الدولية. للتذكير فقد تم في إطار المساعي الرامية إلى استئصال ورم البيروقراطية، وإدخال إصلاحات عميقة على الإدارة الجزائرية تعديل القانون المتعلق بالحالة المدنية، والمصادقة عليه من قبل البرلمان في جويلية الفارط، حيث تم بموجبه تمديد صلاحيات شهادة الميلاد إلى 10 سنوات بدل سنة، وإلغاء تحديد أجل صلاحيات شهادة الوفاة، مع تمديد آجال التصريح بالولادات والوفيات بالنسبة للمواطنين القاطنين بالجنوب إلى 20 يوما بدلا من 24 ساعة، وتمكين رئيس المجلس الشعبي البلدي في حالات معينة من تفويض ضابط الحالة المدنية، صلاحية تحرير عقود الزواج والوفيات. كما تولي الحكومة ضمن مسار عصرنة الإدارة، والقضاء على البيروقراطية عناية خاصة بمجال تكوين مستخدمي الجماعات المحلية، وتحيين برامج التكوين والرسكلة الموجهة لفائدة مستخدمي الإدارة العمومية بشكل عام، ويرتقب أن تتوج كافة مجهوداتها التي تسهر على تنفيذها وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بوضع خطة شاملة وكاملة لإدارة عمومية عصرية وخالية من كل الآفات البيروقراطية.