أكد وزير الشؤون الخارجية السيد رمطان لعمارة، أمس، أن الجزائر التي تتمتع بخبرة كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب وقيادة مسار سياسي للمصالحة الوطنية، برزت كعامل استقرار طبيعي وحتمي في المنطقة، وهي تلعب دورا رياديا في تسوية الأزمات في كل من مالي و ليبيا بفضل سياستها التضامنية و سياسة حسن الجوار التي تروج لها دبلوماسيتها النشطة. وقال وزير الخارجية، خلال ندوة متبوعة بنقاش بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، أن أعمال الجزائر نابعة من "مبدأ عدم التدخل" في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، مع الحرص على عدم التخلي عن واجب مساعدة هذه الدول في حال تعرضها للخطر أو لتحديات أمنية كبرى. فبخصوص الساحل، أوضح السيد لعمامرة، أن الجزائر ما فتئت تقدم "دعمها ومساعدتها وتضامنها" مع دول المنطقة لا سيما فيما يتعلق بمكافحة الجفاف والمجاعة واللاأمن والإرهاب والجريمة المنظمة. وأدرج وزير الخارجية في مداخلته الأزمة المالية، مذكرا بمختلف المبادرات الجارية، ومخطط العمل السياسي والأمني والاقتصادي الذي تمت المصادقة عليه من خلال اتفاق الفرقاء الماليين خلال المفاوضات الأخيرة التي عقدت بالجزائر، في انتظار جولة جديدة من المفاوضات الموجهة لتعزيز "خارطة طريق" المفاوضات في إطار مسار الجزائر. كما أوضح أن جهود الوساطة الجزائرية على رأس فريق مكون من العديد من الدول والمنظمات الإقليمية، توجت بخارطة طريق، وإعلان وقف الاقتتال اللذين مهدا لمفاوضات جوهرية حول المسائل السياسية والمؤسساتية للدفاع والأمن وكذا حول جوانب تنموية وأخرى تخص الأوضاع الإنسانية والعدالة والمصالحة الوطنية. ولدى تطرقه إلى القضية الصحراوية، ذكر السيد لعمامرة، بموقف الجزائر إزاء هذا النزاع الذي وصفه "بامتحان مصداقية" حيال مذهب تصفية الاستعمار وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الجزائر التي تأوي على ترابها عددا كبيرا من اللاجئين الصحراويين تدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وبعد أن ذكر بدعم الجزائر لجهود المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة من أجل الصحراء الغربية لا سيما المسؤولين الأمريكيين جيمس بيكر، و كريستوفر روس، قال الوزير إن مسؤولية الانسداد المقلق الذي يشهده مسار السلم قد تم إثباته في التقرير الأخير للسيد بان كي مون. وفيما يخص الوضع في تونس، أبرز رئيس الدبلوماسية الجزائرية "دعم الجزائر متعدد الأطراف" للاستكمال السياسي للمرحلة الانتقالية في هذا البلد من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع تنظيمهما في أكتوبر ونوفمبر المقبلين. وفيما يتعلق بموريتانيا أعرب عن "ارتياحه" لنوعية علاقات الصداقة والتضامن والثقة المتبادلة التي تربط بين البلدين. وعن الأزمة الليبية جدد السيد لعمامرة، رفض الجزائر لأي تدخل عسكري أجنبي، وتمسكها بحل توافقي من خلال مسار سياسي شامل. مذكرا بأن عدة أطراف ليبية طلبت تدخل الجزائر "لتسهيل" مباشرة حوار ما بين الليبيين يجمع كل الأطراف الليبية التي تنبذ العنف والإرهاب، وتدعم التعددية الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى الحكم. وفيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط لا سيما في العراق وسوريا، أوضح أن "الحل الدائم" بغض النظر عن الضرورة الأمنية يكمن في تسوية "الأسباب الخفية" على غرار "التشاؤم العميق" الذي عاشته الشعوب العربية خلال 51 يوما من القصف الإسرائيلي على غزة، ولدى تطرقه للعلاقات الجزائريةالأمريكية، أشار السيد لعمامرة إلى وجود "تنسيق" في الجهود و«نظرة مشتركة" بين البلدين حول عدة مسائل تشهد تطورا في إطار المشاورات الاستراتيجية التي تهدف إلى توسيع التعاون الثنائي إلى مختلف المجالات. كما أبرز السيد لعمامرة، المزايا الجغرافية للجزائر والطاقات الاقتصادية والاجتماعية التي تزخر بها، وكذا عمق هويتها وتوجهها بخصوص آخر التطورات التي يشهدها هذان الفضاءان الجيوسياسيان.