صدر مؤخرا العدد التاسع عشر من مجلة اللغة العربية، وهي مجلة نصف سنوية تعنى بالقضايا الثقافية والعلمية للغة العربية، يصدرها المجلس الأعلى للغة العربية.. تضمن هذا العدد الكثير من المقالات والدراسات النقدية التي تتناول قضايا مختلفة متعلقة بواقع لغة الضاد. توقف الدكتور مختار نويوات (رئيس تحرير المجلة) مطولا في كلمته الافتتاحية، عند مقالة تضمنها هذا العدد وكتبتها الأستاذة فريدة بن فضة من جامعة تيزي وزو، والتي ردت من خلالها على كتاب "لتحيا اللغة العربية ويسقط سيبويه" لشريف الشوباشي من مصر، والذي ينفي فيه على المتزمتين من العلماء والأدباء غلوهم في الدعوة الى الحفاظ على اللغة العربية كما وردت في المعاجم العربية القديمة وكما قعّد قواعدها سيبويه ومن نهج نهجه، وإلى تنقيتها من الشوائب الطارئة المنافية لعبقريتها ومعاييرها، ويتبين أن العربية كما عرفها سيبويه ودعم أركانها وكما نجدها عند الجوهري والأزهري وابن سيده وابن منظور وأضرابهم، لم يعد يعرف منها المثقفون المبرزون إلا القليل ولم تعد تستعمل للكتابة فهي لسان ميت أو في حكم الميت على أكثر تقدير، شأنها في ذلك شأن اللاتينية في بداية عهد النهضة الأوربي، ورد الدكتور نويوات على الشوباشي بالحقائق والدراسات العلمية التي أنجزها الخبراء العرب والأجانب، والتي تؤكد قدرة هذه اللغة على مسايرة العصر، إذ يقول » درست العربية دراسة لم يسبق لها مثيل وقعّدت قواعدها تقعيدا محكما ذاع صيته واخترق الأزمنة والآفاق حتى قال المستعرب "ريجيس بلاشير" مترجم القرآن وأستاذ اللغة العربية بجامعة السوربون "لم أجد في العالم أمة درست لغتها كما درس العرب لغتهم".. وفي العربية نفسها "هي لغة يضرب المثل بثرائها". وقال في النحو العربي "إنه نحو مثالي، وكان لسيبويه في ذلك الفضل الأكبر«. كما تضمن هذا العدد موضوعا عن "اللسانيات وتطبيقاتها بين العلم والأدب.. الواقع والطموح" في حوار مع الباحث الدكتور مازن الوعر( حاورته نجاح حلاس)، الذي يشرف على مركز الدراسات والبحوث اللغوية الحديثة بدمشق، إضافة إلى دراسة عن "التعريب اللفظي وجماليات النظام الصوتي العربي: المعربات القرآنية نموذجا" للدكتور ممدوح محمد خسارة من سورية، ومما جاء في هذه الدراسة "أن التغييرات التي أدخلها العرب والقرآن الكريم على الكلمات الأعجمية عند تعريبها، إنما جاءت تجسيدا إبداعيا لمنهج لغوي صرفي جمالي، وهو ما سماه بالنظام الصوتي اللغوي العربي الذي يقعد للصفة اللغوية وللجمال اللغوي في وقت واحد، وتتفاضل الكلمات العربية في جمالياتها بمقدار توفر عناصر ذلك النظام في بنيتها، وهذا ما علينا أن نعمل على هديه عند تقريب الألفاظ المعاصرة ونقلها الى لغتنا". تضمن العدد أيضا دراسة مهمة عن " لغة الطفل العربي والتحديات الراهنة" للدكتور عبد السلام المسدي من تونس، يقدم فيها التحديات الجديدة التي تآزرت على إقامتها تراكمات الوهن العربي والتقلبات الطارئة على المشهد الدولي من عقدين تقريبا، والقضية هي وضع تصور لمعالجة هذا الواقع. دراسة آخرى للدكتور صالح بلعيد بعنوان "الأمازيعية والعربية تكامل لا تصادم"، وقد أراد الباحث تأكيد قضايا خطيرة نسمعها ونعيشها، ونظرا لخطورة ما يمكن أن ينتج من مساوئ تهز العلاقات بين الأفراد داخل المنظومة الاجتماعية الجزائرية الواحدة، ويرى ضرورة التزام فقه الدعوة إلى جانب وقفة جادة تعيد الأمور الى نصابها. دراسات أخرى تناولها العدد، إضافة إلى تقديم حصيلة نشاطات المجلس الأعلى للغة العربية طيلة هذا الموسم.