صدر العدد الأخير من المجلة نصف السنوية التي يصدرها المجلس الأعلى للغة العربية، والتي تعنى بالقضايا الثقافية والفكرية·توقف العدد عند الدور الريادي الذي يقوم به المجلس الأعلى للغة العربية، في نشر الثقافة بأسمى دلالاتها وفي التمكين للعربية بما يخدمها، وتنظيم الملتقيات الفكرية الوطنية والدولية، لمعالجة قضايا بالغة الأهمية أو تكريم شخصية علمية بارزة والتعريف بآثارها ومآثرها على الصعيدين الوطني والعالمي، وتشجيع التأليف والمؤلفين· كما نوه العدد بمنشورات المجلس التي تخدم الثقافة الشعبية بلغتيها العربية والأمازيغية أو ترفد الفصحى وتطورها، لاسيما في الميادين الاجتماعية الحضارية والعلمية التكنولوجية، مع ذكر ثلاث من هذه المنشورات وهي أعمال الملتقى الوطني المنعقد بتيارت يومي 13 و 14 أكتوبر 2002 بعنوان "مظاهر وحدة المجتمع الجزائري من خلال فنون القول الشعبي"·· ومنشور "المبرق"، وهو معجم موسوعي (عربي فرنسي) للإعلام والاتصال للدكتور محمود ابراقن، ثالث منشور هو "اللغة العربية في تكنولوجيا المعلومات وهي مجموعة المحاضرات التي ألقيت في ندوة دولية نظمت في 2002 وفي مجال علمي دقيق بمشاركة مختصين أجانب· وتضمن العدد الكثير من المقالات والدراسات، منها مقال مطول عن "الفصحى وعامياتها، وجهة نظر" للدكتور محمد العربي ولد خليفة، أشار فيه الى أن العربية الفصحى غنية وحية في آن معا، وهي لغة الكتابة والتعبير على عكس اللغة اللاتينية التي انسحبت من الحياة اليومية ومن كل مجالات الإبداع لتعوضها اللهجات الأوربية المتفرعة عنها· دراسة أخرى عن "المصطلحات اللسانية عند ابن خلدون في ضوء اللسانيات المعاصرة" للأستاذ عمر لحسن من جامعة عنابة، الذي تساءل عن سبب الاهتمام بابن خلدون في عصرنا، ورأى أن أغلب الذين أرخوا له عدوه متجاوزا لعصره، لقد كان تصنيف ابن خلدون لعلوم اللسان، يكاد يكون مطابقا لما نجده في اللسانيات المعاصرة، حيث يرى أن أركانه أربعة هي النحو واللغة والبيان والأدب، ويتفرع كل ركن منها الى مجموعة من الفروع لتكون شجرة علوم اللسان عنده كثيفة وافرة· واعتبر ابن خلدون هذه الأركان، متفاوتة في القيمة والرتب بحسب دورها في تحصيل الملكة لدى المتكلم· عرض آخر قدمه الدكتور عبد اللطيف عبيد من المعهد العالي للغات من جامعة تونس، وكان بعنوان "دور التراث العلمي واللغوي في وضع المعجم العربي الحديث المختص"·· مشيرا الى أن دور التراث العلمي واللغوي في وضع المعجم العربي الحديث المختص، كان دورا محدودا في الغالب، وذلك على الرغم من الانتباه الى أهميته، بل ضروريته منذ بدايات العمل المصطلحي العربي الحديث في عصر النهضة· كما استعرض العدد نشاطات المجلس الأعلى للغة العربية، ضمن برنامجه الذي سطره للموسم الثقافي الحالي، عبر منبري "حوار الأفكار" و"فرسان البيان"، إضافة الى الندوات الفكرية والأدبية وتشجيع الأعمال الرامية الى تحسين مردود اللغة العربية ونشرها، منها بعض المحاضرات كمحاضرة الأستاذ عبد الحميد مهري عن "سياسة اللغات في الجزائر" و"معاني الحروف العربية" لأياد الحصني، و"التوارق بين السلطة التقليدية والإدارة الفرنسية في القرن ال 20" لحسن مرموري·· إضافة الى الامسيات الشعرية (أبو القاسم خمار، د· إنعام بيوض، بوزيد حرز الله)، وكذا الموائد المستديرة، منها تلك الخاصة ب"جهود أمازيغية في خدمة اللغة العربية" و"مكانة العربية في الوطنية الجزائرية"، وغيرها من الأنشطة التي ميزت برنامج المجلس هذا الموسم·