أكد مدير الديوان الوطني للحج والعمرة السيد بربارة الشيخ أمس، أن التدابير المادية الخاصة بالتحضير لموسم الحج لهذا العام تم الانتهاء منها لا سيما ما تعلق بالمجالات الصحية، الإقامة بالبقاع المقدسة، وسائل التوجيه إلى جانب مطبوعات الأذكار والأدعية ودليل الحاج إضافة إلى إجراءات جديدة اتخذت لسد نقائص المواسم الفارطة، لكن هل ينجح بربارة في إنجاح هذا الموسم والتكفل بالحجاج في أحسن الظروف؟ وأوضح السيد بربارة الذي عينه رئيس الجمهورية في منصب مدير عام لديوان الحج والعمرة الذي استحدث مؤخرا لتولي تنظيم شؤون الحجاج والمعتمرين الجزائريين، أنه تم كراء 36 عمارة بالبقاع المقدسة لإيواء 22.000 حاج الذين تتكفل بهم هيئته من بين 36.000 حاج سيؤدون مناسك الحج لهذه السنة بينما تتكفل الوكالات التي تشارك في هذا الموسم بالعدد الباقي المتمثل في 14 ألف حاج، حيث سيتوجه أول فوج من الحجاج نحو البقاع المقدسة يوم 13 نوفمبر المقبل يتبع برحلات تمتد إلى غاية الثاني ديسمبر بينما تبدأ رحلات العودة إلى ارض الوطن من13 ديسمبر إلى الفاتح جانفي. وتقدر التكلفة المالية للحاج الواحد لموسم هذه السنة إجماليا ب 283.500 دينار، يتوزع على مصاريف تذكرة السفر من الجزائر إلى البقاع المقدسة التي قدر مبلغها ب 93.500 دينار إلى جانب مصاريف الإقامة والتنقل بالبقاع المقدسة التي حدد مبلغها لكل حاج ب 190 ألف دينار، حيث انطلقت عملية التسديد إلى البنوك يوم 3 أوت، وحسب السيد بربارة فإن التكلفة الحقيقية الإجمالية للحاج الواحد التي تشمل المصاريف وتذكرة السفر وتنقل الحاج بالبقاع المقدسة في موسم الحج لهذه السنة تفوق 340.000 دينار حيث تتحمل الدولة الفارق المالي في إطار إجراءات التدعيم الموجهة لفائدة الحاج وذلك بقرار من رئيس الجمهورية لتسهيل عمليات الحج للمواطن. وستكون البعثة الوطنية للحج التي ستتوجه إلى البقاع المقدسة ب 15 يوما قبل تاريخ انطلاق أول فوج من الحجاج مدعمة بأحسن الوسائل والإمكانيات المادية من اجل التكفل بضيوف بيت الله حيث تم تنظيم العملية - حسب بربارة - بالتنسيق مع إطارات وزارة الشؤون الدينية والاشتراك معها في إطار سد النقائص التي ظلت لصيقة لسنوات بالحج وخاصة سوء التكفل بالحجاج. وفي هذا الإطار شدد وزير الشؤون الدينية في الأيام القليلة الماضية على ضرورة التزام الوكالات السياحية ال 16 المختارة للتكفل بأربعة الآف حاج بمحتوى دفتر الشروط خاصة أن اختيارها تم وفق جملة من المعايير منها الاحترافية والأقدمية ومشاركة هذه الوكالات في النشاط السياحي. كما أن انتقاءها جرى بمراعاة التوزيع الجغرافي حيث تم اختيار 4 وكالات من كل جهة من أنحاء الوطن تضاف إليها 8 وكالات أخرى مخصصة لذوي جوازات السفر الدولية وكذا النادي السياحي الجزائري والديوان الوطني الجزائري للسياحة. وكانت العديد من الوكالات التي دخلت المناقصة للمشاركة في عملية الحج لهذا العام احتجت على إقصائها من قبل اللجنة المكلفة بدراسة الملفات واتهمتها بالتمييز في الاختيار الأمر الذي نفاه مدير ديوان الحج الذي أكد في وقت سابق أن اللجنة الخاصة بدراسة ملفات الوكالات السياحية والمشكلة من العديد من القطاعات اختارت الوكالات بكل شفافية وإخلاص وإنصاف. ويأتي اختيار الوكالات ذات الاحترافية والأقدمية من اجل تصحيح الوضع الذي كانت تسير عليه اللجنة الوطنية للحج والذي كان يشوبه نوع من الفوضى والغموض ما يجعل المسؤولية الملقاة على عاتق بربارة الشيخ صعبة حيث ينتظر منه الكثير بالنسبة لموسم الحج لهذا العام بالنظر إلى تراكمات الماضي وسوء التسيير الذي ميز عملية الحج لسنوات متتالية خاصة بعد تسجيل وفاة بعض من حجاجنا بالبقاع المقدسة وضياع آخرين وعدم قدرتهم على العودة إلى إقامتهم لسوء تكفل البعثة بهم. وفي هذا الإطار أكدت الوصاية هذا العام على الفحص الدقيق للحجاج قبل مغادرة الجزائر تفاديا للمشاكل الصحية التي حدثت المواسم الفارطة ووفاة الحجاج لكبر سنهم وتدهور حالتهم الصحية، حيث انطلقت الفحوصات الطبية الخاصة بشعيرة الحج لهذه السنة في أوت الجاري فيما سيكون إجراء اللقاح الخاص بالزكام بداية من شهر سبتمبر القادم. وقد أعطت وزارة الشؤون الدينية تعليمة لوزارة الصحة لإقصاء الحجاج الذين يعانون من أمراض تعيقهم على أداء فريضة الحج وجعل الفحص الطبي صارما حيث لا يرخص طبيب البعثة لمن لا تتوفر لديه الاستطاعة الصحية السفر إلى البقاع المقدسة ويستطيع هذا الأخير أن يتخذ قرارا بعدم السماح للمريض بأداء الحج تماما مثل المنع من الصيام في حالة الضرر، خاصة الحالات المتقدمة التي تستدعي العلاج في المستشفى مثل القصور الكلوي والسكري وأمراض القلب، بعدما شكلت هذه الحالات عبئا على البعثة كما جلبت هذه الفئة للجزائر تعليقات تقول إن الجزائريين جاؤوا للعلاج وليس الحج. وفي سياق متصل ونظرا للسن المتقدم للحجاج سيكون من بين أعضاء البعثة الجزائرية هذه السنة رجال الحماية المدنية الذين سيرافقونهم إلى البقاع المقدسة للتكفل بهم أكثر. والى جانب استحداث الديوان الوطني للحج والإجراءات الجديدة التي تم اتخاذها لموسم الحج لهذا العام تنتظر الوصاية الكثير من الوكالات التي اختارتها حيث وعدت بالتشهير لها إذا نجحت في التكفل بالحجاج بينما سيكون العكس إذا أخفقت، حيث أكد مدير ديوان الحج على معاقبة المقصرين وتحميلهم المسؤولية باعتبار أن عملية الحج ليست رحلة سياحية إنما ركن من أركان الإسلام وخاصة أن انتقادات حادة توجه كل سنة للوكالات وبعثة الحج التي تتهم بالتقصير رغم الميزانية الكبيرة التي تنفقها، فهل يتمكن بربارة من رفع التحدي وتدارك نقائص المواسم السابقة للحج التي اتسمت بالفوضى وسوء التسيير؟.