طالب الرئيس الصحراوي، محمد عبد العزيز، أمس، المجتمع الدولي بتبني مواقف دولية "صارمة" عبر إجراءات وعقوبات لإرغام المغرب على وقف عرقلته المتواصلة لجهود الأممالمتحدة الرامية الى تجسيد قراراتها الخاصة بتصفية الاستعمار في الصحراء الغربية. وجاء مطلب الرئيس الصحراوي، في كلمة ألقاها لدى افتتاح أشغال الندوة الدولية الخامسة لحق الشعوب في المقاومة المنعقدة بالجزائر العاصمة، تطرق خلالها للعراقيل التي تضعها الحكومة المغربية أمام المساعي الأممية الرامية لتسوية آخر قضية تصفية استعمار في إفريقيا. وقال إن "المغرب يرفض استقبال المبعوث الشخصي للأمم المتحدة، ويرفض السماح لممثلته الخاصة إلى الصحراء الغربية بالشروع في مهمتها" بالإضافة إلى "ارتكابه جريمة ضد الإنسانية بإقامة جدار الفصل بين الأراضي الصحراوية والمزروعة بملايين الألغام بما فيها المضادة للأفراد والمحرّمة دوليا، ويحاصر الأراضي المحتلة ويمنع المراقبين الدوليين المستقلين في ظل مواصلة انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان ونهب الثروات الطبيعية الصحراوية". وندد الرئيس الصحراوي، من جهة أخرى ب«تهجم المغرب على منظمات حقوق الإنسان لنشرها حقائق دامغة، وشهادات صادمة عن ممارساته الوحشية بحق المدنيين الصحراويين"، مؤكدا أن الحكومة المغربية "تعمد إلى استعمال نفس الأساليب الهمجية التي مارستها غداة اجتياحها للصحراء الغربية سبعينيات القرن الماضي" بما يستدعي وبشكل فوري "توسيع مهام بعثة الأممالمتحدة، من اجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية "مينورسو" لتشمل حماية ومراقبة حقوق الإنسان في المناطق المحتلة". لكن الأمين العام لجبهة البوليزاريو، الذي أكد على تصعيد أمني مغربي غير مسبوق، وحصار مفروض على السكان الصحراويين بالمدن المحتلة، أكد من جهة أخرى أن الشعب الصحراوي متمسك بحقه في المقاومة بكل الأساليب المشروعة لبلوغ أهدافه وعلى رأسها تقرير المصير بكل حرية ونزاهة. وقال في هذا السياق إن "الكفاح المسلّح كان وسيبقى بتفويض من الأممالمتحدة وسيلة مشروعة للشعوب المستعمرة".وحذّر الرئيس الصحراوي، في ختام كلمته من مخاطر تدفق أطنان المخدرات المنتجة والمصدرة من طرف المغرب على استقرار وأمن كامل المنطقة والعالم. وقال إن "المغرب اليوم هو أكبر منتج ومصدر لمخدر القنب الهندي في العالم، بما يمثله ذلك من تمويل وتشجيع لعصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية، وبالتالي فإنه بسياساته وممارساته يمثل تهديدا حقيقيا جاثما على أمن واستقرار المنطقة والعالم". من جانبه أكد السفير الصحراوي بالجزائر إبراهيم غالي، أن شعوب العالم ستظل "مساندة للقضية الصحراوية العادلة إلى غاية تحقيق الاستقلال". واعتبر ندوة الجزائر لمساندة حق الشعوب في المقاومة بمثابة "تعبير صادق على اتساع رقعة التضامن" مع قضية بلاده العادلة، ونضال شعبها من اجل الاستقلال وتقرير المصير وفق الشرعية الدولية".وحيا السفير الصحراوي، تضامن الشعب الجزائري مع شقيقه الصحراوي، وذكر بأن الجزائر "ظلت تدعو في كافة المحافل الدولية الى استكمال مسار تصفية الاستعمار في القارة الإفريقية". وهو الموقف الذي أكده محمد العياشي، رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، الذي قال إن تضامن الجزائر مع حركات التحرر العادلة "نابع من تقاليد الثورة التحريرية"، وإن تضامن الجزائر مع القضية الصحراوية موقف ثابت يندرج ضمن احترامها للقانون الدولي".واستغرب العياشي، من ارتفاع بعض الأصوات التي تنادي "بكف الجزائر عن دعم الشعب الصحراوي الشقيق، في وقت تعترف مواثيق الأممالمتحدة و156 دولة في العالم بشرعية القضية الصحراوية". واستنكر بيار غالون، رئيس تنسيقية الجمعيات الأوروبية المساندة للشعب الصحراوي المحاولات "غير المشروعة" التي يمارسها المغرب لشراء الصمت الدولي تجاه تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية. وأكد أن "خير دليل على هذه الممارسات غير المشروعة هو ما سربته وثائق "ويكيليكس" حول الممارسات المغربية في تعطيل مساعي الأممالمتحدة لحل القضية الصحراوية، وعرقلة جهود المبعوث الأممي كريستوفر روس "في نفس الوقت الذي ندد فيه ب«الصمت الدولي" الممارس تجاه "الخروقات المغربية وانتهاكات حقوق الإنسان بالأراضي الصحراوية المحتلة". وبعد أن ذكر باعتراف أول سلطة قضائية بإسبانيا بمسؤولية هذا البلد في معاناة الشعب الصحراوي، دعا مدريد إلى العمل على حمل المغرب على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية القاضية بتصفية الاستعمار في الصحراء الغربية. وفي نفس السياق أكدت سوزان كريستين، رئيسة المنظمة الأمريكية للدفاع عن حقوق الإنسان، والنشطاء المساندين للشعب الصحراوي، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية "تساند نضال الشعب الصحراوي في سبيل نيل استقلاله وحريته"، مشيرة الى أن حضورها ضمن وفد أمريكي في ندوة الجزائر "دليل على هذا المسعى". وبعد أن ذكرت أن الشعب الصحراوي "يتعرض لأبشع أنواع التعذيب والقمع" من طرف السلطات المغربية، دعت وسائل الإعلام الدولية إلى التعريف بالقضية الصحراوية لدى الرأي العام الدولي. وتختتم اليوم أشغال الندوة الدولية لحق الشعوب في المقاومة، بعد يومين من المناقشات التي تطرقت لعدد من المواضيع ذات الصلة بمعاناة الشعب الصحراوي منها "انتهاكات المغرب لحقوق الإنسان في حق الصحراويين بالأراضي المحتلة، والتعتيم الإعلامي على القضية في المنابر والمحافل الدولية". وتزامن عقد الندوة مع تنديد الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان ب«الاعتداءات المغربية المتكررة" ضد منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة بالأراضي الصحراوية المحتلة. وجاء ذلك في رسالة مفتوحة وجهتها الشبكة إلى مجلس الشراكة للاتحاد الأوروبي المغرب الذي سيجتمع بعد غد الثلاثاء دعت من خلالها إلى "وضع حد للاعتقالات التعسفية التي تستهدف الصحراويين خلال المظاهرات السلمية". كما دعت سلطات الاحتلال المغربي إلى "ضمان ممارسة حق حرية التجمع والتعبير لأي شخص دون تمييز خاصة بالصحراء الغربية" المحتلة بعد أن أدانت "الاستعمال المفرط للقوة خلال العديد من المظاهرات السلمية" التي ينظمها الصحراويون من أجل المطالبة بحقوقهم المشروعة وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير.