لم يستسغ الوزير الأول الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو مواقف بعض الدول الأوروبية تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط واتهمها بالانحياز إلى الجانب الفلسطيني. وثار نتانياهو على اللقاء الذي جمع ليلة الاثنين إلى الثلاثاء بالعاصمة الفرنسية وزير الخارجية الامريكي، جون كيري بنظرائه الفرنسي لوران فابيوس والألماني فرانك والتر ستانماير والبريطاني فليب هاموند الذي خصص لبحث الموقف في منطقة الشرق الأوسط على خلفية إصرار السلطة الفلسطينية على طرح مشروع قرار أممي أمام مجلس الأمن الدولي اليوم من أجل تحديد مهلة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية. وحاول الوزير الأول الإسرائيلي تصوير إسرائيل على أنها الطرف الأضعف وضحية ممارسات معادية وأن الفلسطينيين هم من يفرضون منطقهم في محاولة لقلب المفاهيم والمعطيات التي أصبحت ترمز للتعنت الإسرائيلي. وقال نتانياهو باستكانة واضحة إن "محاولات الفلسطينيين وعدد من الدول الأوروبية فرض شروطها على إسرائيل، ستؤدي إلى تدهور الأوضاع في المنطقة وتضع إسرائيل أمام خطر داهم". وأدلى الوزير الأول الإسرائيلي بهذه التصريحات بعد لقاء جمعه بوزير الخارجية الامريكي بالعاصمة الايطالية دام ثلاث ساعات كاملة لبحث الموقف من التحرك الفلسطيني على مستوى مجلس الأمن الدولي للحصول على موافقة دولية على موعد محدد للإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ما قبل حرب جوان 1967. وقال مسؤول أمريكي على دارية بما دار في هذا اللقاء الرباعي إن كيري أكد لمحاوريه أن الولاياتالمتحدة لن تدافع على بعض الأشياء "في إشارة إلى المصادقة على مشروع القرار الفلسطيني الذي ينتظر أن تقدمه السلطة الفلسطينية اليوم أمام مجلس الأمن الدولي. وهو تأكيد أمريكي غير معلن أن واشنطن ستقابل المسعى الفلسطيني بورقة الفيتو إرضاء لإسرائيل ومنعا لكل محاولة أوروبية لاستعادة دورها في مسار سلام أصبح حكرا على الولاياتالمتحدة ومصالحها دون سواها من القوى الدولية الأخرى. وتكون الولاياتالمتحدة بذلك قد حكمت على كل التحركات الأوروبية بالفشل المسبق بما فيها الاجتماع الذي عقده الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي أمس مع وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس بالعاصمة باريس في إطار تحركات عربية فلسطينية للحصول على دعم أوروبي لمقترح تحديد آجال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ومادامت الولاياتالمتحدة قد حسمت الموقف وقطعت الشك باليقين بخصوص ورقة "النقض"، فإن السؤال يطرح حول جدوى لقاء نبيل العربي وفابيوس والأكثر من ذلك، ما جدوى اللقاء المنتظر عقده اليوم بالعاصمة البريطانية لندن بين كيري وصائب عريقات مادام المسؤول الامريكي قد رهن كل فرصة لتمرير مشروع القرار الفلسطيني، اللهم إلا إذا كان كيري سيبلغ المسؤول الفلسطيني موقف بلاده وتهديده من تبعات الذهاب الى الأممالمتحدة. ويجد الطرف الفلسطيني نفسه في ظل هذه التطورات في حرج كبير وقد نجحت الولاياتالمتحدة في إفشال تحركاته الدبلوماسية وقضت عليها في مرحلتها الجنينية بما يطرح التساؤل حول الخطوة التي يمكن للفلسطينيين والعرب اتخاذها لحفظ ماء الوجه، خاصة وأنهم حكموا بعدم جدوى مفاوضات سلام لم تؤد سوى إلى تمكين إسرائيل من تنفيذ خططها في ابتلاع أراضي الضفة وخنق القطاع وتهويد القدس.