قررت الحكومة الإسرائيلية أمس إطلاق سراح 200 أسير فلسطيني في إطار ما وصفتها ب "بادرة حسن نية" تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدعم جهود مسار السلام المتعثر بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أفي ديشتر أن الحكومة صادقت على المعايير التي من خلالها يتم تحديد قائمة الأسرى الذين سيفرج عنهم. وأضاف أن هذه القائمة التي تعرض اليوم على لجنة وزارية مختصة لإقرارها تضم اثنين من السجناء القدامى الذين أدينوا في هجمات مميتة على إسرائيليين في السبعينات من القرن الماضي. ويعد هذا استثناء في الموقف الإسرائيلي العام الرافض لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ممن يعتبر أنهم "تلطخت أيديهم بالدماء". ومن المنتظر أن يتم الإفراج عن هؤلاء الأسرى الذين سيكون من بينهم نساء وأطفال الأسبوع القادم أياما قبل حلول شهر رمضان الكريم. وكانت إسرائيل قد أعلنت عزمها القيام بهذه الخطوة في السادس من أوت الجاري بعد اجتماع بين رئيس الوزراء ايهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ضمن سلسلة اجتماعات اعتاد الرجلان على عقدها منذ استئناف محادثات السلام بينهما برعاية الولاياتالمتحدة نهاية شهر نوفمبر الماضي. ورحبت السلطة الفلسطينية بإعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها على إطلاق سراح 200 أسير فلسطيني إلا أنها اعتبرت هذا العدد غير كاف مقارنة بأحد عشرة ألف اسير فلسطيني الذين مازالوا يقبعون في معتقلات الاحتلال ويتعرضون لأسوء المعاملات والممارسات. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية "أن إطلاق سراح حوالي 200 أسير فلسطيني خطوة في الاتجاه الصحيح". غير أنه أكد أنها خطوة غير كافية. وقال أن ما يطالب به الرئيس محمود عباس هو إطلاق سراح أعداد كبيرة جدا من الأسرى على أمل إطلاق سراح كل الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية من اجل خلق مناخ مناسب لمفاوضات ناجحة تؤدى إلى سلام حقيقي بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. والواقع أن الخطوة الإسرائيلية تهدف إلى تعزيز وضع الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية في وجه حركة حماس في ظل تزايد حدة التوتر داخل البيت الفلسطيني والذي لا يخدم إلا الطرف الإسرائيلي. وهو الأمر الذي أكده زئيف بويم وزير الإسكان الإسرائيلي الذي قال قبل التصويت في الجلسة الحكومية على القرار أنه يفضل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين التابعين للرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض بدلا من سجناء حركة المقاومة الإسلامية "حماس". غير أن المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس قال أن إسرائيل ستفرج عن أسرى فلسطينيين من كافة الفصائل دون تمييز بين حركتي فتح وحماس. وأضاف نمر حماد في تصريح أمس أن الرئيس عباس طالب خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بإطلاق سراح كافة الأسرى الفلسطينيين دون تمييز. وقال أن الرئيس عباس طرح أسماء مروان البرغوثى أمين سر حركة فتح وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالإضافة إلى رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك وأسماء أخرى من الذين قضوا سنوات طويلة في المعتقلات الإسرائيلية. وتأتي الخطوة الإسرائيلية في الوقت الذي من المنتظر أن تشرع فيه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الأسبوع القادم في جولة شرق أوسطية جديدة وليست أخيرة في إطار مساعيها للدفع بمحادثات السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. وستعقد رايس اجتماعا ثلاثيا يضم رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض احمد قريع ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني الاثنين المقبل بعد عقدها لاجتماع أول مع الرئيس الفلسطيني للإطلاع على سير المفاوضات التي تعهدت الولاياتالمتحدة بمواصلة رعايتها بالرغم من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت الاستقالة من منصبه على خلفية فضائح الرشوة والفساد التي تلاحقه. غير أن زيارة رايس إلى المنطقة لا يتوقع منها الكثير خاصة بالنسبة للجانب الفلسطيني الذي اعتاد على الانحياز الأمريكي المفضوح للطرف الإسرائيلي وهو ما يجعل هذه الزيارة لا تختلف عن جولات سابقة لم تحرز أي تقدم يذكر في تفعيل عملية السلام المتعثرة.