فاجأ جناح الصين زوار المعرض الدولي للكتاب مؤخرا في العاصمة، بعرض نسخة من كتاب قصيدة "البردة" للإمام البوصيري باللغة الصينية، وهي من أروع المدائح النبوية في تاريخ الشعر العربي، علاوة على سمو معانيها ونبل مقاصدها، وجمال بيانها، وروعة كلماتها، وشدة قربها وتأثيرها في قلوب المسلمين عبر أصقاع الأرض. بات اهتمام المسلمين الأجانب بالدين الإسلامي يتخذ أبعادا واسعة، وتتجلى بعض صور هذا الاهتمام في ترجمة قصيدة البردة إلى عدة لغات، من بينها اللغة الصينية التي جاءت تحت عنوان "مخمسّ"، الذي بادر بتأليفه محمد رجب أبو جراد من دار النشر "بلوسوم بريس"، في تاريخ جانفي 2012 الموافق ل1433 هجري. جاء الكتاب في 360 صفحة لدراسة هذه القصيدة، انطلاقا من العصر الذي عاش فيه صاحبها الإمام البوصيري، وهو العصر المملوكي خلال القرن السابع الهجري، ومحاولة التعريف بظروف حياته وأحوال بيئته، وكذا دوافعه لنظمها، وما تعالجه من حقائق موضوعية. تناول المؤلف تحليل معاني القصيدة وإبراز ما يتخللها من عواطف بلغة مبسطة، حسبما أشار إليه ممثل جناح الصين في حديثه إلينا: "يمكن لكل القراء باختلاف مؤهلاتهم وتوجهاتهم، فهم مقاصد "البردة" والانتفاع بسلسلة المعاني التي أراد الإمام البوصيري إبرازها من خلال كلماته المليئة بمشاعر الحب والتعظيم لأحسن خلق الله، الرسول الأمين الكريم محمد صلوات الله عليه". كان العالم الزاهد، الإمام البوصيري محمد بن سعيد بن حماد، رحمة الله عليه من أرقى شعراء عصره، كان صوفيا ومتبعا للسنة النبوية، تميز بحبه الشديد للرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام، دون كلمات صادقة وطاهرة، بمديح زكي، وثناء عاطر للرسول صلى الله عليه وسلم، ويأتي في مقدمة تلك المدائح النبوية التي نظمها؛ "الهمزية"، "المضرية" و"المحمدية"، وعلى رأسها قصيدته الشهيرة "البردة" أو كما تعرف ب" قصيدة البُرأة" أو "الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية". وتتميز أبياتها بخالص الحب والصدق للرسول صلى الله عليه وسلم، ونبل مقاصدها، مما جعلها تحظى بإعجاب المسلمين عبر العالم. وأشهر أبيات البوصيري من البردة "مولاي صلي وسلم دائماً أبدا..على حبيبك خير الخلق كلهم"، وتضم البردة 160 بيت شعري مقسومة إلى عشرة أقسام تختلف عناوينها من قسم إلى آخر، كل بلد اختار جزءا منها لتلحينها، أو إلقائها خلال المناسبات الدينية، من بينها المولد النبوي الشريف.