يعد معرض الفنان التشكيلي مصطفى عدان الذي يتواصل إلى غاية 28 فبراير برواق ”بوفي دار”، بمثابة دعوة للزوار لاكتشاف وإعادة اكتشاف سحر التحف الأربعين المعروضة التي أنجز أغلبها بتقنية المينا على النحاس، خاصة أنها تنصب على ترقية القيمة الجمالية للتراث الجزائري والحفاظ عليه. مصطفى عدان الذي يعتبر أحد مؤسسي مجموعة ”أوشام” بمعية أسماء كبيرة مثل؛ مسلي ومارتيناز وباية، اختار للوحاته التي أنجزت بدقة بعد وضع صفائح النحاس عدة مرات في النار، عناوين على غرار ”التيفيناغ” (إشارة للخط الأمازيغي)، ”التاسلي” و”القصبة”، إلى جانب ”البربر” و”الطوارق”، كما يقترح لوحات أخرى أكثر تجريدية تجعل الزائر المدقق يرى في فظاءاتها وجوها بين الخطوط المتشابكة، وتبقى هذه الوجوه الآدمية في مختلف وضعياتها مبهرة كما في لوحات ”سي فلان” و«شاكو وابنها” تكريما للمرأة الأوراسية، ويعرض عدان أيضا إلى جانب اللوحات، منحوتات من المعدن بتقنية الميتا على النحاس. تواضع الفنان لم يمنعه من انتقاد توجه الجيل الجديد نحو تقليد الغرب بدل الاستلهام من التراث الجزائري، ويقول في إشارة إلى تفكك الربط مع الماضي بالنسبة للشباب؛ ”لدينا قدرة على التواصل مع تراثنا العريق في مجال الفن التشكيلي”، ويعتبر الرئيس الأسبق للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية والمدرس سابقا في مدرسة الفنون الجميلة، أن مهمة تسليم المشعل هي مسؤولية الدولة من خلال المدرسة وليس مهمة الفنانين من جيله الذين عمله ليس أكثر من تناوب. وعند تطرقه لتجربته في مجال ترميم المعالم التاريخية، مثل بناية مجلس الأمة أو حصن برج الكيفان، أبدى مصطفى عدان نفس الصرامة بخوص حالة ”الهجر” التي تعيشها معالم أخرى مصنّفة وطنيا وعالميا، مثل قصبة الجزائر التي ولد فيها سنة 1933، وأضاف أن الفنانين لا يشاركون إلا عندما يطلب منهم ذلك (...) بينما كان هناك جيل ساهم في أشغال الترميم، لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم، علما أن العنصر البشري والكفاءات موجودة، كما أوضح، وأكد في ختام كلامه أن الحفظ ونقل التراث لا يتسنى إلا ”بجعل الثقافة والتعليم من الأولويات”. للإشارة، تتبنى مجموعة ”أوشام” التي ظهرت في أواخر الستينيات فنا يتميز عن ”التجريدي” و”المستشرقي” الأوروبيين، حيث يستلهم شكليا من مواضيع محلية عريقة، وتعطي هذه التقنية المستعملة منذ القدم والموروثة عن الفن الشعبي الجزائري كما جاء في نص تقديم المعرض لهذه التحف، معالم واضحة (نحث ناقر) وبريق خاصين تتجلى أكثر كلما تضاعفت الألوان والرموز المستلهمة من التراث الأيقوني المغاربي.