تنتشر عبر أحيائنا ظاهرة تبدو عادية لمعظمنا، إلا أنها في حقيقة الأمر تهدد سلامة الصحة العمومية، نحن هنا بصدد الحديث عن الفول السوداني الذي يباع داخل الأكياس البلاستيكية، إلى حد الآن كل شيء يبدو طبيعيا، إلا أن الخطر في حد ذاته يكمن في الفعل الذي يمارسه الباعة، وهو النفخ في تلك الأكياس لفتحها وملئها بالمكسرات. يمارس العديد من الأفراد بعض السلوكيات اليومية بشكل عادي دون درايتهم بمدى خطورتها، ومن تلك الأخطاء نذكر الأكياس البلاستيكية التي تباع في الشارع عبر طاولات صغيرة يشرف عليها عادة كبار السن، إلى جانب بعض الحلويات واللبان.. وحول هذا الموضوع كانت ل"المساء" جولة استطلاعية ببعض أحياء العاصمة، للتقرب أكثر من هؤلاء الباعة والتحقيق في الأمر، كانت محطتنا الأولى طاولة الحاج زبير بشارع عبان رمضان، شيخ طاعن في السن وبائع لهذا النوع من المكسرات في الأكياس البلاستيكية، طرحنا عليه سؤالا حول مدى معرفته بخطورة سلوكه في النفخ داخل الأكياس لفتحها، فأجابنا بأنه لا يرى "عيبا" في ذلك ما دام لا يعاني من أي مرض مزمن أو خطير، وأشار إلى أنه يمارس هذا النشاط منذ سنوات عديدة ولم يشتك أي زبون من إصابته بمرض معين بسبب ذلك. من ناحية أخرى كان للشاب سفيان رأي مغاير في الموضوع، يمارس نفس النشاط في حي القصبة، إلا أن مكسراته كانت معروضة داخل أقماع ورقية، حيث أشار إلى أنها أكثر سلامة من تلك المباعة داخل الأكياس البلاستيكية، حيث لا يتطلب الأمر النفخ فيها، وقد أوضح المتحدث أنه حتى لو استثنينا إصابة البائع بمرض معين فالنفخ في الطعام والشراب أو إخراج النفس فيه عادة يومية يفعلها الإنسان دائما عندما يأكل أو يشرب شيئا ساخنا بغرض تبريده، لكنها للأسف عادة خاطئة، ولعل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الطعام والشراب، في قوله "إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء". وصدق قول التاجر حول نهي الرسول عن النفخ في الطعام لتبريده، فحتى وإن كان سليما فجسمنا يحتوي على بكتيريا غير ضاره تقوم بعمليات تنشيط التفاعلات الحيوية، وأيضا تنشيط التفاعلات اللازمة للهضم، وتوجد بعض هذه البكتيريا بالملايين في الفم، وعند النفخ تنتقل تلك المخلوقات المجهرية من الجسم إلى الطعام لتتحول بذلك من بكتيريا نافعة إلى ضارة. فما بالك بالشخص المريض؟.