سجلت مبيعات الصالون الدولي للسيارات في الأيام الأولى لانطلاقه تراجعا ملحوظا مقارنة بالسنوات السابقة. ويرجع السبب في ذلك إلى أمرين، أولهما ارتفاع الأسعار هذه السنة الذي جعل المواطنين الذين ظلوا ينتظرون هذا الموعد لاقتناء سيارة يغيرون وجهتهم نحو سوق السيارات القديمة بالرغم من العروض والتخفيضات التي يقدمها مختلف الوكلاء المعتمدين. وثانيهما تخصيص العديد من المواطنين ادخارهم لاقتناء سكنات في إطار الإجراءات التي أقرتها الدولة السنة الماضية. المتجول بمختلف أجنحة الصالون الدولي للسيارات في طبعته ال18 التي يحتضنها قصر المعارض بالصنوبر البحري بالجزائر إلى غاية ال28 من الشهر الجاري، يلاحظ تراجع الإقبال مقارنة بالسنوات السابقة التي لم نكن نتمكن فيها من الاستمتاع بمشاهدة آخر الطرازات المعروضة بسبب اكتظاظ الزوار والتفافهم حولها، خاصة السيارات التي تكون أسعارها في متناول المواطن البسيط، والتي يقصدها الجميع لمعرفة سعرها والاطلاع على مختلف تجهيزاتها لاقتنائها قبل انتهاء الصالون بغية الاستفادة من التخفيضات التي عودنا الوكلاء المعتمدون على برمجتها خلال هذا الموعد الاقتصادي الهام الذي يعد أكبر تظاهرة تجارية بالجزائر. فبالرغم من التخفيضات المغرية التي أقرها 30 وكيلا معتمدا لمختلف العلامات الأجنبية للسيارات الممثلة ببلادنا والتي تتراوح مابين مليونين إلى 40 مليون سنتيم حسب نوع السيارات، فإن المبيعات المسجلة في الأيام الأولى لانطلاق الصالون وإلى غاية اليوم الخامس أمس، تؤكد تراجعا ملحوظا مقارنة بالسنوات السابقة، وذلك باعتراف أغلب الوكلاء المعتمدين الذين تحدثت معهم "المساء". والذين أوضحوا بأن هذا التراجع يمكن استدراكه خلال الخمسة أيام المتبقية من عمر الصالون حسبما أكدته السيدة روزة منصوري، مسؤولة الاتصال بشركة "سوفاك" والتي أكدت لنا بأن الأيام الأخيرة من الصالون عودت الوكلاء على صنع المفاجأة وقلب الموازين بحيث أن أغلب المواطنين يفضلون القيام بعمليات الشراء في الأيام الأخيرة وذلك بعد الاطلاع على مختلف الطرازات المعروضة والتعرف على مختلف العروض والتخفيضات مع أخذ الوقت للتفكير واستشارة العائلة قبل الفصل نهائيا في المنتوج الذي يختارونه. والمتعود على زيارة الصالون الدولي للسيارات في الأعوام السابقة يلاحظ هذه المرة التهابا في الأسعار إلى درجة أن أغلب المواطنين من الذين تحدثنا معهم ظنوا أنه تم التخلي عن العروض الترقوية والتخفيضات التي تعودوا على الاستفادة منها في الصالونات السابقة. ويمكن أن نوضح بأن كل الوكلاء المعتمدين أقروا تخفيضات على معظم السيارات المعروضة بالصالون، غير أن الزبون لا يلمسها لأن أسعار السيارات ارتفعت منذ مطلع السنة الجارية بنسبة 30 بالمائة بسبب تراجع الدينار بنسبة 26 بالمائة مقارنة بالدولار الأمريكي في الأسواق الدولية وتراجع أسعار البترول، حسبما أكده لنا مسؤولو الاتصال والتسويق بشركة "ايفال". وتبقى سوق السيارات القديمة والمستعملة المستفيد الوحيد من ارتفاع هذه الأسعار، حيث اضطر العديد من المواطنين الذين قصدوا الصالون لاقتناء سيارات جديدة إلى تغيير وجهتهم نحو السيارات القديمة سواء تلك المعروضة لدى شركة "رونو الجزائر" التي تعرض سياراتها المستعملة أوالتي تعرضت لاصطدامات وتحمل عيوبا خفيفة وتم تصليحها للبيع بالمساحة المحاذية للصالون بقصر المعارض، أو بباقي أسواق السيارات القديمة المعروفة، إذا علمنا أن عددا كبيرا من المواطنين جاؤوا للصالون بفكرة اقتناء سيارة جديدة بنفس المبلغ الذي كانت تسوق به السنة الماضية مع احتمال زيادة طفيفة فقط في السعر، إلا أنهم تفاجأوا بارتفاع أسعارها التي زادت بنسبة 30 بالمائة عند أغلب الوكلاء خاصة الذين يسوقون علامات ألمانية وإسبانية، والتي فاقت إمكانياتهم المالية التي لم تسمح لهم بتحقيق ذلك، الأمر الذي جعلهم يتخلون عن هذا "المشروع" أو"الحلم" إن صح التعبير عند العديد من العائلات التي تدخر وتقتصد أموالها لمدة طويلة لاقتناء سيارة تدخل بها الفرحة والسرور على قلوب أطفالها وتسهل عليها نمط حياتها وتنقلاتها. ويعود تراجع مبيعات السيارات خلال السنة الماضية، إلى عدة عوامل أهمها التدابير الجديدة التي اتخذتها الحكومة والتي تقضي بتسهيل إجراءات الحصول على سكنات ترقوية عمومية وعودة صيغة سكنات البيع بالإيجار "عدل"، وهو ما جعل الكثير من الأجراء يفضلون الاستثمار في اقتناء مسكن بدل شراء سيارة، على عكس السنوات السابقة التي توقفت فيها صيغة "عدل"، والتي استعمل فيها المواطنون جميع ادخاراتهم لاقتناء سيارة بعد فقدان الأمل في الاستفادة من سكن، بالإضافة إلى قلة الطلب بعد أن اقتنى عدد كبير من المواطنين سيارات خلال سنتي 2012 و2013، خاصة الذين تلقوا زيادات في الأجور تسلموها السنة الماضية وصرفوها في شراء سيارات، والذين لا تزال سياراتهم جديدة وبالتالي ليسوا في حاجة لاقتناء سيارات أخرى، يضاف إلى ذلك الارتفاع الرهيب في أسعار السيارات. ويأتي ذلك في الوقت الذي أرجع فيه البعض الآخر انخفاض مبيعات السيارات الجديدة إلى المشكل الذي لا يزال مطروحا في بلادنا، والمتعلق بطول آجال تسليم السيارات الجديدة عند أغلب الوكلاء إن لم نقل معظمهم، بسبب عدم وفرة المخزون، حيث تستغرق آجال التسليم عند بعض الوكلاء عدة أشهر، وبالتالي فالمواطن المستعجل الذي يكون بحاجة إلى سيارة لا يستطيع الانتظار مدة طويلة، وهو ما جعل العديد يقبل على سوق السيارات المستعملة التي تلقى إقبالا كبيرا في الآونة الأخيرة.